اعتزم الرئيس السيسى النهوض بالصناعة المصرية ورفع شعار صنع فى مصر كأحد محاور التنمية الشاملة فى فترة رئاسته الأولى، وتشغيل الشباب من خلال تشجيع الصناعات كثيفة العمالة، وتيسير حصول المستثمرين على الأراضى وتشجيع الاستثمار فى الثروة المحجرية.. ويعد الملح الصخرى أحد أهم أشكال هذه الثروة لما يدخل فيه من صناعات تتجاوز 3700 صناعة، وحول قدرته على الاضافة للاقتصاد القومى كان لنا لقاء مع الدكتور عبدالعال حسن عطية مستشار وزير الصناعة ورئيس مركز تكنولوجيا صناعات التعدين وإلى نص الحوار: * بعد خطاب الرئيس السيسى ما الدور الذى يؤديه مركز تكنولوجيا صناعات التعدين؟ ** الحكومة تسير فى اتجاه التنمية الشاملة، وإعادة ترسيم حدود المحافظات، تسند فى ذلك إلى الطبيعة الجيولوجية وما تحتويه الأرض فى هذه المحافظات، ونساعد فى ذلك بمد الجهات المسئولة بالخرائط الجيويوجية لما فى باطن الأرض من معادن، واحتياطياتها المؤكدة والمحتملة، ووضع الخريطة التعدينية للدولة، لنكون قادرين على المنافسة فى السوق العالمية. * ما الذى يمكن أن يقدمه الملح للاقتصاد القومى؟ ** تتمتع مصر بموقع جغرافى ممتاز ومناخ معتدل طول العام وتمتاز بطول شواطئها على ساحل البحر الأبيض المتوسط، إذ تمتد حوالى 1100 كم، من مدينة السلوم وحتى مدينة رفح بشبه جزيرة سيناء، وكذلك تمتد الشواطىء حوالى (900 كم) على ساحل البحر الأحمر من مدينة السويس وحتى حلايب، ما يجعلها موطنًا للعديد من المعادن والثروات المحجرية، ويجعل مصر تزخر بكميات عظيمة من الملح، ولا أقصد ملح الطعام، فللملح أنواع كثيرة، فيدخل فى أكثر من 3700 صناعة، وضعنا هذه الصناعات المتعددة فى تصميم يسمى شجرة الملح، ومن المعروف أن الملح حينما يخلط مع الثلج تنخفض درجة تجمد الثلج، ولذلك ينثر الملح على الطرقات التى بها كميات كبيرة من الجليد فينصهر الجليد والثلج، وفى بعض البلدان التى تكثر فيها الثلوج تستخدم كمية كبيرة من الملح لهذا الغرض، كما يستخدم الملح فى صقل السيراميك وإطعام المواشى والأدوية وتكرير النفط والتبريد ومعالجة مياه الصرف الصحى وصباغة النسيج وإزالة عسر الماء، صناعة الزجاج والألياف الزجاجية. * هل صناعات الملح تستهلك كميات كبيرة من الطاقة؟ ** تتميز صناعات الملح بأنها غير مستهلكة للطاقة، الماء والكهرباء، لأنها صناعات تركيبية، تعتمد على الاستخلاص أو الدمج، ولها فوائد غير مباشرة، فى نقل الكتلة السكانية وفتح آفاق جديدة خارج الوادى، إذ تقوم بجوار الملاحات زراعات تعتمد على المياه المكررة وإنشاء المزارع السمكية فى المياه شديدة الملوحة. إن صناعات الملح ليست وليدة اليوم، وإنما استخدمه محمد على باشا فى عام 1805، عندما افتتح أول شركة فى العالم لإنتاج الملح فى الماكس بالإسكندرية، وفى عام 1833 أصبح الملح ثالث مصدر للدخل فى مصر، كما أن هناك طول ساحل خليجى السويس والعقبة، وملاحات المكس يصل إجمالى إنتاجها من الملح الخام سنوياً حوالى 1.400 مليون طن سنويا، وملاحات سبيكة التى مساحتها 26 كيلومتر مربع، إجمالى إنتاجها من الملح الخام سنوياً حوالى 1.2 مليون طن سنويا. للملح تأثير فى الاقتصاد القومى، كما لباقى العناصر الجيولوجية، فمصر تنتج 3 ملايين طن سنويًا، وتستهلك 4.2 مليون طن سنويًا، تصل حجم الواردادت لسد العجز إلى 1.2 مليار دولار، حسب تقارير هيئة الرقابة على الصادرات والواردات، خصوصًا أن هناك دولا أخرى مهمة تقوم باستخراج وإنتاج الملح مثل (كندا – استراليا - المكسيك- بريطانيا– نيوزيلاند - بولندا - أسبانيا- أوكرانيا–روسيا- مصر). * لماذا تدهور حال صناعة الملح؟ ** تعرضت ملاحات مصر لتجريف متعمد من عناصر الإخوان، فى عهد الرئيس المعزول، تحولت ملاحة مطروح إلى قرية سياحية، وهى تحتوى على ملح بنقاء 99.6%، ضاعت هذه الملاحة تحت أقدام السياحة، وكذلك منخفض القطارة، الذى يحتوى على 16 مليار طن ملح، قام شخص يدعى إبراهيم محمد إسماعيل منتحلا شخصية مستشار الرئيس المعزول، ويصاحبه بلال جبريل عضو مجلس الشعب بمطروح، بتقسيم المنخفض على الأهالى، بحجة أنه من حقهم الاستفادة من خير أراضيهم، فهل من حق أسوان منع الماء أو بيع الكهرباء للمصريين، ومن حق سكان السويس أن يستأثروا بإيراد القناة. كما تعرضت ملاحات وادى النطرون، التى يصل عددها 12 ملاحة، وهى مجموعة البحيرات المالحة التى يقع منسوب سطحها 23 مترا تحت سطح البحر وهى سلسلة من 8 إلى 9 بحيرات مالحة التى تتغذى من تسرب مياه النيل إليها، بالإضافة إلى كميات صغيرة من الأمطار، والبحيرات الأساسية فيها هى، بحيرة الفاسدة، بحيرة أم الريشة، بحيرة الرزينة، بحيرة البيضا، بحيرة الخضرا، بحيرة الجعار. تنتج الواحدة 100 ألف طن سنويًا، تعرضت لإهدارها بيد رجال أعمال الحزب الوطنى، لتنتج جميع الملاحات 10 آلاف طن سنويًا، بعد إقامة المصانع و الشركات والمنتجعات فى الهجمة على الطريق الصحراوى، لتتكبد مصر خسائر بالمليارات. * ما الحلول المقترحة لمعالجة تدهور صناعة الملح؟ ** يجب أن تعود ملكية الدلة وتنتهى ملكية الفرد، وأن تغلب المصلحة العامة على الخاصة، من جانبنا بدأنا عمل دراسات بالتعاون مع هيئة المساحة الجيولوجية، ومؤسسة SGS، ومصلحة الكيمياء، وملاحظة ارتكاز جميع الملاحات على شواطئ البحر المتوسط، وملاحة الفردان على خليج السويس، فحددنا 143 موقعًا لاستخراج الملح من عمق 30 سم من الرمال، على شواطئ البحر الأحمر، بدأت القوات المسلحة عمل ملاحة بالزعفرانة، ونستثمر فى باقى المواقع. الأمل الجديد لإنتاج الملح فى مصر، استغلال المساحات والمسطحات المتاحة بالبحر الأحمر، استغلال الملح الصخرى فى منخفض القطارة، استغلال الملح الناتج فى واحة سيوة، وبحسبة بسيطة،أن لدينا580 ملاحة طبيعية لإنتاج الملح الصخرى، مساحة الملاحة الواحدة 9 كيلومترات مربعة ويتراوح سمك الملح فيها بين متر الى متران وربع فى بعض الأحيان، أى أن الملاحة الواحدة فيها ما لا يقل عن 5 ملايين متر مكعب تقريبا، والوزن النوعى للملح الصخرى 2.16 أى أن الملاحة الواحدة بها 10.8 مليون طن مع عدد الملاحات المتاحة 580، يكون الاحتياطى الموجود 5800 مليون طن. * ما هو وضع الصناعات المصرية من السوق العالمية للملح؟ ** بلغ إجمالى الإنتاج العالمى من الملح فى نهاية عام (2010م) (270 مليون طن)، وقد تصدرت الصين مقدمة دول العالم المنتجة للملح، حيث بلغ إنتاجها خلال نفس العام حوالى (60 مليون طن)، تليها فى المرتبة الثانية الولاياتالمتحدةالأمريكية، حيث بلغ إنتاجها (45 مليون طن)، وتأتى فى المرتبة الثالثة ألمانيا (17 مليون طن)، ثم تأتى فى المركز الرابع الهند (16 مليون طن)، وتمثل هذه الدول (53.3%) من الإنتاج العالمى للملح، وليس لنا تصنيف عالمى بالرغم من أن أكبر كميات الملح فى العالم موجودة فى الأرض المصرية. لدينا ملاحات تعمل بالطاقة الشمسية للتغلب على مشكلة الطاقة، خاصة أن منخفض القطارة به أكبر نسبة سطوع شمسى فى العالم، ونسعى لتنفيذ مجمع إقليمى لصناعات الملح بجوار المنخفض، وهو عبارة عن 4 مدن صناعية جديدة لوقف تصدير الخام، وعلى الحكومة أن توفر الإمكانيات المطلوبة إذا كانت تسعى لتحقيق اكتفاء ذاتى من الملح والاستثمار فيه من خلال التصدير.