بعد أن فشلت المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية أصبحت تل أبيب الآن هى من تستشيط غضباً باحثة عن حلول بديلة لتصحيح أوضاعها، ومواجهة تحول مصيرها كدولة فصل عنصرى، ولن تجد أمامها إلا حماس بعد أن امتلأت العناوين الإخبارية ووسائل الإعلام الفلسطينية بالصور «التوددية» التى تجمع بين رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس وهنية زعيم حركة حماس وأصبح الأمر فوق الاحتمال بالنسبة لإسرائيل، مصاحباً هذا وقوف إسرائيل على قدم واحدة بعد أن أعلنت عدوتها اللدودة إيران عن تأييدها لتلك المصالحة وأنها ضد الفصل العنصرى، كما جاء فى جميع وسائل الإعلام الإيرانية على لسان وزارة الخارجية الإيرانية. تنظر إسرائيل للمصالحة بين الفصيلين الفلسطينيين وفقا لمثل «أنا وابن عمى على الغريب»، كما جاء فى صحيفة إسرائيل اليوم الإسرائيلية للكاتب الإسرائيلى رؤوبين بركو الذى تنبأ بوصول المصالحة إلى طريق مسدود فى نهاية المطاف، أو كاتصال ناجح سيجعل النعاس يغلب على مساعى السلام بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، ذلك «النعاس» الذى تنبأ به وزير الخارجية الأمريكى كيرى بأن إسرائيل ستصبح قريباً دولة فصل عنصرى وستنزلق فى فوهة العنف ولن تصبح قادرة أبداً على أن تصبح دولة يهودية معترفا بها. أوضحت الصحف الإسرائيلية موقفين إسرائيليين حول عودة الاتحاد الفلسطينى إحداهما مزيف والآخر هو فى الغالب السبب الحقيقى، والاثنان يفيدان بأن هناك مساعى إسرائيلية لإيقاف سير حركة المصالحة بين فتح حماس واعتبار المفاوضات رهن إيقافه ومنها جاءت اتهامات لأبو مازن بأنه لا يريد السلام وتوالت المزاعم الإسرائيلية بأنه لا يوجد يهودى لا يريد السلام واصفة أبو مازن بشخص معاد للسامية لا يريد إلا خلق المزيد من المعضلات لاحتلال الوعى العالمى والعمل ضد إسرائيل فقط دون الاعتراف بيهودية إسرائيل، واتباع قرارات أحادية الجانب، وبذلك قاموا برمى مسئولية إيقاف المفاوضات على عاتقه، ومن هنا ظهرت الحقيقة المزيفة التى رسمها يوسى بيلين فى مقالته بصحيفة إسرائيل اليوم تحت عنوان «لن نتعاقب من أجل حماس» الذى أكد كره إسرائيل الشديد لحماس وللمصالحة وأن إسرائيل لا يمكنها ابتلاع حماس أبداً و عليها معاقبة الفلسطينيين بكل فصائلهم وبالوسائل المتاحة لها وهى تسعى بالفعل الآن فى إجراءات المعاقبة إلى أن الرجوع عن خطوة المصالحة التى ستعطى فرصة للفلسطينيين لتصحيح أوضاعهم فى قطاع غزة وبالضفة الغربية ببدء الانتخابات واختيار حكومة جديدة أخيراً. أما عن سبب الموقف الآخر لإسرائيل من تلك المصالحة فهو لرغبة إسرائيل فى تصحيح الأوضاع مع حماس، حيث يرى المحللون الإسرائيليون أن حماس هى الأمل الوحيد بإسرائيل لضمان أمنها الداخلى فى الفترة القادمة فعلى حد زعمهم فإن حماس ستصبح زعيمة السلطة الفلسطينية بعد الانتخابات الفلسطينية وستخلى عن الإرهاب بدولة إسرائيل وسيتمسكون بمفاوضات تصب فى صالح دولتين لشعبين ويعترفون بيهودية القدس فليس هناك أفضل من هذا بالنسبة لإسرائيل كحلول بديلة وستحاول مساندة حماس بجميع الوسائل ومنها «تسييس حماس» إلى النهاية. كما نشرت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية تقريراً تحت عنوان «مصالحة بشرط أن تربح حماس ومعها نتنياهو» يتنبأ بأن المصالحة لن تتحقق فى نهاية المطاف وإن تحققت فستكون مع آمال إسرائيلية لفوز حماس زاعمة أن حماس هى المستفيد الوحيد من تلك المصالحة خاصة أن قطاع غزه والغزيين يعانون من حالة قحط فى الحالة الاقتصادية، وكذلك السياسية. وترى إسرائيل أن توقيع المصالحة لا يشير بالضرورة إلى وجود نية لإنجاحها على الرغم من أن حماس فعلا ستكون حريصة على تنفيذ اتفاق مشروط الآن فقط فى حالة واحدة وهى إذا تم التوصل إلى اتفاق بين إسرائيل والفلسطينيين بشأن تمديد المفاوضات إلى أجل غير مسمى وإذا تم التوصل إلى اتفاق ستتبخر اتفاقية المصالحة الفلسطينية، كما تبخرت فى المرات السالفة.