بعد وصول نسبة التلوث فى الصين إلى مستويات خطيرة باتت تؤرق المواطنين وتؤثر على صورة التنين الصينى دوليا، وفى أول مبادرة جادة فى إطار الحرب التى أعلنتها بكين فى الآونة الأخيرة على التلوث، اتجهت الحكومة الصينية إلى إدخال تعديلات على قانون حماية البيئة الصادر عام 1989 بهدف تشديد العقوبة على المتسببين فى تلوث البيئة. التعديلات التى تمت إحالتها إلى البرلمان الصينى لمناقشتها ستمنح المكاتب المسئولة عن حماية البيئة سلطات لإغلاق ومصادرة المعدات المسببة للتلوث، كما ستجيز اعتقال رؤساء الشركات مددا تصل إلى 15 يوما إذا لم يقدموا تقييما للآثار البيئية أو رفضوا إطاعة أوامر تقضى بوقف الإنتاج. وتنص التعديلات أيضا على منح حماية قانونية للمبلغين عن المخالفات البيئية. وفى هذا السياق ذكرت وكالة أبناء الصين الجديدة «شينخوا» أن التعديل الذى يعد الأول من نوعه خلال 25 عاما سيتيح سندا قانونيا للحرب التى أعلنتها بكين فى الآونة الأخيرة على التلوث وسط تنامى السخط العام بشأن الضباب الدخانى فى المدن وتناقص إمدادات المياه وتلوثها، وتضرر الأراضى الزراعية على نطاق واسع من الملوثات الصناعية. ونقلت الوكالة عن المشرع «لو هاو»، مدير لجنة حماية البيئة والحفاظ على الموارد فى البرلمان الصينى، قوله إن الصين مازالت تواجه تحديات خطيرة فى الحفاظ على الطاقة وتقليل الانبعاثات، مؤكدا أن الاستهلاك العالى للطاقة والصناعات الملوثة للبيئة بشكل كبير، مقترنة بهيكل غير متوازن للطاقة والتخلص من الملوثات، وضع ضغوطا ضخمة على مبادرات الحفاظ على الطاقة وتقليل الانبعاثات فى البلاد، مشيرا إلى أن عدم كفاية المحفزات النقدية وإنفاذ القانون على نحو غير مرض تضيف إلى تلك التحديات. وتأتى التعديلات فى وقت أظهر فيه تقرير أعدته وزارة حماية البيئة بالاشتراك مع وزارة الأراضى والموارد الزراعية، اعتمادا على نتائج دراسات أجريت على مساحة 6.3 مليون كيلومتر مربع على مدار 8 سنوات، أن 19.4% من الأراضى الزراعية فى الصين ملوثة بالمعادن الثقيلة والمواد غير العضوية، ما يشكل تهديدا كبيرا للأمن الغذائى الصينى، خاصة أن المناطق الرئيسية المنتجة للحبوب تعرضت أيضا لتلوث التربة، حيث تجاوزت نسبة المعادن الثقيلة فى الحبوب المزروعة فى هذه المناطق المستوى المعقول. وفى هذا الصدد، قال خبراء إن تلوث التربة سيؤثر سلبا فى إنتاج المنتجات الزراعية وجودتها ليخلف أضرارا خطيرة على صحة الإنسان. وفى سياق آخر، أفادت شينخوا أن الأراضى الزراعية الملوثة فى الصين بلغت مساحتها 20 مليون هكتار مما يشكل ضغوطا اقتصادية هائلة على الدولة بشأن إصلاحها ، إذ ستصل قيمة الإصلاح فى هذا المجال إلى 6 تريليونات يوان ( نحو تريليون دولار أمريكى) بشرط أن يجرى ذلك عن طريق النباتات منخفضة التكلفة. وتشير شينخوا إلى أن الصناعة هى أكبر سبب لتلوث التربة فى الصين وخاصة فى مجالات المعادن الحديدية وغير الحديدية ومنتجات الجلد والورق والبترول والفحم والكيماويات والألياف الكيماوية والمطاط والكهرباء. وإضافة إلى التربة، اعترفت وزارة حماية البيئة الصينية مؤخرا بأن نوعية الهواء بالعاصمة الصينيةبكين «ملوث بدرجة خطيرة»، حيث أصدرت تحذيرا من المستوى الأزرق، أحد مستويات الخطر الخمسة ضد تلوث الهواء. وقالت وزارة حماية البيئة الصينية، إنه اعتباراً من الساعة 10 صباح يوم 14 ابريل الحالى كان متوسط قراءات الكثافة بالساعة لجسيمات بى إم 2.5- وهى الذرات المحمولة فى الجو وقطرها أقل من 2.5 ميكرون- 276 فى بكين. وأضافت أنه من بين 39 مدينة تخضع لمراقبة نوعية الهواء فإن 10 منها سجلت كثافة جسيمات بى إم 2.5 زائدة حتى الساعة 10 صباح وسجلت ثلاثة منها هى مدن «بكين وشينغهاى ودونجيينج» كثافة «بى إم 2.5» بلغت 250 لتصل إلى مستوى تلوث يتسم بالخطورة. وفى إطار الجهود التى تبذلها الحكومة لخفض استهلاك الفحم وتقليص الأنشطة الصناعية فى المدن الكبرى مثل بكين، أمرت السلطات فى الصين بنقل أكثر من خمسين مصنعا لإنتاج الصلب والمعدات الثقيلة والمواد الكيميائية من العاصمة بكين على أن تدفع لها تعويضات بقيمة 90.5 مليون يوان (14.55 مليون دولار)، لكن هذا الإجراء قد يثير اعتراضات مناطق محيطة بالعاصمة والتى ترفض استقبال مصادر تلوث بكين. كما أعلنت الحكومة الصينية أنها تخطط لتغيير بنية الطاقة فى البلاد، لكى تكون أكثر نظافة من أجل «تنمية خضراء»، وذلك من خلال تأسيس محطات نووية مزودة بتدابير أمنية جديدة، فى المناطق الشرقية على وجه الخصوص. يُذكر أن الصين كانت الدولة الأولى على صعيد العالم فى الاستثمار بمجال الطاقة المتجددة بمبلغ 56 مليار دولار، العام الماضى. وتوجد فى الصين حاليًا 17 محطة نووية، فضلا عن 31 محطة قيد الإنشاء، فيما تهدف بكين إلى إنشاء 60 محطة حتى عام 2020.