تتسم قرارات خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز العاهل السعودى بالحكمة والاعتدال وقراءة المستقبل ولن تنسى مصر على المستوى الرسمى والشعبى ما تتخذه من قرارات لدعمها فى أوقات عصيبة خلال العامين الماضيين وبنفس الرؤية المستقبلية يواصل الملك عبد الله بن عبد العزيز ترتيب البيت الداخلى بالمملكة العربية السعودية على كل المستويات بداية من الحكم وتنظيمه ومرورا بدعم مطالب الشعب السعودى فى التنمية والاستقرار وانتهاء بدعم الأمن القومى العربى وحل النزاعات والأزمات المتراكمة فى المنطقة العربية وفى سياق هذه الرؤية المستقبلية أصدر خادم الحرمين قرارا بتعيين الأمير مقرن بن عبد العزيز نائبا لولى العهد الأمير سليمان بن عبد العزيز هذه الخطوة نالت استحسان كل المراقبين فى ظل الصراعات التى تجتاح العالم بسبب التغيير فى الأنظمة إلا أن المملكة تقدم النموذج فى الانتقال الآمن لمراحل التطور التى تحدث على المستوى الدولى والإقليمى والعربى. وكان البيان الذى أعلنه الديوان الملكى السعودى بتعيين الأمير مقرن بن عبد العزيز نائبًا لولى العهد، الأمير سلمان بن عبد العزيز، بمثابة رسائل للداخل والخارج. وعلى المستوى الدولى، تبعث المملكة برسالة لدول العالم تؤكد فيها استقرار البلاد، وتثبت قدرتها على الاستمرار فى ذات النهج المعتدل، وأن دولة بحجم السعودية وباقتصادها القوى وعلاقاتها وتحالفاتها ستبقى آمنة مستقرة وفى أيدٍ أمينة. وإقليمياً، فى ظل الصراعات المحتدمة فى المنطقة وفى ظل استمرار الفوضى فى بعض الدول العربية، ترسل السعودية رسالتين مهمتين تقول الأولى للأصدقاء: «نحن نزداد متانة لتحالفنا ونشد من أزره بمزيد من الثبات والاستقرار، وتقول الثانية للخصوم، إن أهدافكم المعادية ستؤول إلى خسارة، وأن طموحاتكم ستنتهى إلى ما لا يسركم». أما داخليا فهى تعبر عن رغبة صادقة فى إطلاع الشعب السعودى بكل شفافية على ترتيبات انتقال الحكم، وعلى مستقبل القيادة فى البلاد، وأن الطمأنينة والأمن سيزيدان ويتطوران أكثر فأكثر فى المرحلة المقبلة، وأن ما يثيره البعض لأغراض غير بريئة لا أساس لها من الصحة، وأن قوة مؤسسة الحكم وطمأنة مستقبلها، والتى هى صمام الأمان للوطن والمواطن، ستظل دائما محمية بحرص القيادة على المصلحة العامة ومحل عناية ورعاية من الملك وولى عهده. وانطلقت أهداف قرار خادم الحرمين من خلفية واضحة جسدتها ديباجة القرار الذى يؤكد على العمل بتعاليم الشريعة الإسلامية فيما تقضى به من وجوب الاعتصام بحبل الله والتعاون على هداه، والحرص على الأخذ بالأسباب الشرعية والنظامية، لتحقيق الوحدة واللحمة الوطنية والتآزر على الخير، وانطلاقاً من المبادئ الشرعية التى استقر عليها نظام الحكم فى المملكة العربية السعودية، ورعاية لكيان الدولة ومستقبلها، وضماناً لاستمرارها على الأسس التى قامت عليها لخدمة الدين ثم البلاد والعباد، وما فيه الخير لشعبها الوفى، ويأتى القرار وفق النظام الأساسى للحكم ونظام هيئة البيعة التى نصت على رغبة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود والأمير سلمان بن عبد العزيز آل سعود ولى العهد بأن يبدى أعضاء هيئة البيعة رأيهم حيال اختيار الأمير مقرن بن عبد العزيز آل سعود ولياً لولى العهد، وتأييد ذلك بأغلبية كبيرة من أعضاء هيئة البيعة تجاوزت الثلاثة أرباع. وورد القرار على النحو التالى: أولاً: اختيار الأمير مقرن بن عبد العزيز آل سعود ولياً لولى العهد، مع استمراره نائباً ثانياً لرئيس مجلس الوزراء. ثانياً: يُبايع صاحب السمو الملكى الأمير مقرن بن عبد العزيز آل سعود ولى ولى العهد، ولياً للعهد فى حال خلو ولاية العهد، ويبايع ملكاً للبلاد فى حال خلو منصبى الملك وولى العهد فى وقت واحد. ويقتصر منصب ولى ولى العهد فى البيعة على الحالتين المنوه عنهما فى هذا البند يذكر أن الأمير مقرن من مواليد عام 1945 وتقلد العديد من المناصب آخرها منصب مستشار ومبعوث خاص للملك عبد الله بن عبد العزيز. وشغل منصب رئيس الاستخبارات العامة فى 22 أكتوبر 2005. وظل يتولى هذا المنصب حتى 19 يوليو 2012. كما سبق أن عين أميراً لمنطقة حائل فى 18 مارس 1980، وظل بهذا المنصب حتى 29 نوفمبر 1999، ثم عُين أميراً لمنطقة المدينةالمنورة. وتلقى تعليمه فى معهد العاصمة النموذجى، وبعد تخرجه عام 1964 التحق بالقوات الجوية الملكية السعودية، وأكمل دراسته فى علوم الطيران فى المملكة المتحدة، وتخرج فيها عام 1968. وظل يعمل فى القوات الجوية الملكية السعودية حتى عام 1980. وأكد عدد من الخبراء أن «هذا القرار هو امتداد لنهج الملك عبد الله تحديداً ونهج بيت الحكم السعودى فى تقديم مصلحة الحكم وتقديم مصلحة الدولة على أى اعتبار آخر، ومعروف أن الملك عبد الله بن عبد العزيز هو الذى أصدر نظام البيعة وهو الذى وضعها كضمانة دستورية لمثل هذه الحالات وكذلك حالات أخرى مستقبلية». وأشاروا إلى أن الهدف من ذلك القرار هو الاستمرار فى الاستقرار والسلاسة فى بيت الحكم السعودى وسط منطقة تموج بالاضطرابات، ولذلك اتخاذ مثل هذه الخطوات جاء فى الوقت المناسب. حيث إن الملك عبد الله بن عبد العزيز، لديه حسّ عالٍ بالمسئولية، وتعتبر هذه الخطوة تفعيلاً حقيقياً لهيئة البيعة، وممارسة لدورها بشكل كامل. وأكدوا أن الملك عبد الله بن عبد العزيز وضع المملكة على مسار واضح ومحدد ووضع لها خطة مستقبلية.. فهذا العمل هو تأسيس جديد وخطوة غير مسبوقة، وستحدد للبلاد الأمن والاستقرار والأمان.. وكل هذه نقاط إيجابية. كما أنها تسعى إلى ضخ دماء جديدة فى الدولة بإفساح المجال أمام الأمراء أبناء الجيلين الثانى والثالث لتولى مناصب مهمة وحيوية فى إطار ترتيبات داخلية لتأمين خلافة العرش وولاية العهد، وشدد الخبراء على أن هذا الترتيب سيجلب المزيد من راحة البال، إضافة إلى أن إدارة الانتقال بين الأجيال تتطلب فطنة سياسية كبيرة. وأشاروا إلى أن ترتيب البيت السعودى فى شكل إبرام اتفاق داخلى الآن يساعد فى تشكيل جبهة موحدة فى لحظة تواجه فيها المملكة تحديات خارجية أكبر من أى وقت فى التاريخ الحديث إذ تسود الحرب والفوضى السياسية أرجاء العالم العربى.