عندما يتصور القزم أنه عملاق فهو يعيش فى الوهم، وقد تطول أوهامه ويظن فعلًا أنه عملاق، حتى تأتيه الصفعة على وجهه أوعلى (قفاه) فيستيقظ على صدمة الواقع، وأنه فى الحقيقة مجرد قزم. فى عالم السياسة يتم تصنيف الدول من حيث الحجم والمساحة، أو من حيث الثروة، أو الدور الذى تقوم به. وفى الحالة القطرية تصور نظامها أن دولته دولة محورية قادرة على تغيير خريطة المنطقة وفقًا لمصالحها، ومن ثم تكون قيادة المنطقة لدولة قطر العظمى. وفى عالم اليوم قلما قامت دولة صغيرة بممارسة سياسات خارجية من النوع القطرى، فجميع الدول الصغيرة تحرص على أن تكون سياساتها متوازنة تراعى فيها حجمها وإمكاناتها وعلاقاتها الإقليمية وعلاقاتها بجيرانها. وكان من المفترض أن تحرص قطر من خلال دبلوماسيتها على تطوير علاقات إيجابية مع الأشقاء ودول الجوار، وعلى العضوية الفعالة فى مجلس التعاون، لكن سياسة قطر خلال عشرين عامًا خالفت المفترض والمتوقع، وتدخلت فيما لا يعنيها من شأن داخلى لأشقائها وجيرانها، وسلطت فضائيتها المشبوهة لتهاجم الجميع وتشوه وتخلط كل الحقائق. وأصبحت أداة لتنفيذ السياسات الأمريكية بل والصهيونية، تدخلت قطر بالمال فى تونس وليبيا ومصر وسوريا، كما لم تسلم من تدخلاتها السعودية والبحرين والإمارات. دافعت قطر عن نفسها وأعلنت أن سياستها الخارجية (مستقلة) ونحن نحترم هذا الإعلان وهذا الاستقلال، لكنه إعلان كاذب كأكذوبة الدولة العظمى، وأين هذا الاستقلال وأنتم تابعون لأمريكا وإسرائيل وأصبحتم الذراع التى تنفذ مخططات الصهيونية الأمريكية فى المنطقة. وجاءت الصفعة عندما سحبت السعودية والإمارات والبحرين سفراءها من الدوحة، وكان الخلاف قد تصاعد خلال الاجتماع الأخير لمجلس التعاون، حيث هدد مسئولون سعوديون بإغلاق المجال الجوى والطرق البرية المؤدية إلى قطر ما لم توقف الدوحة دعمها لتنظيم الإخوان الإرهابى، وتوقف تدخلاتها فى الشأن الداخلى الإماراتى والبحرينى. وكانت الرياض قد طلبت من الدوحة فى الاجتماع الأخير لوزراء الخارجية لدول مجلس التعاون إغلاق قناة الجزيرة، ومراكز أبحاث فى الدوحة، وبخاصة مركز بروكنجز سنتر، والمركز العربى للدراسات الذى يديره عضو الكنيست السابق عزمى بشارة مستشار الشيخ تميم، وتسليم كل شخص خارج على القانون موجود على الأراضى القطرية. بحسابات الربح والخسارة فالنظام القطرى كان يعتقد أنه يحقق مكاسب بسياسته الخارجية، لكن سحب ثلاث من دول مجلس التعاون لسفراءها من الدوحة خسارة جسيمة لها، فقد تأثرت بورصة قطر سلبًا، حيث تخوف المستثمرون من تأثير العزلة الخليجية على قطر. وتأتى المخاوف من وقف برنامج الاستثمارات القطرى الخاص باستضافة كأس العالم 2022. كما يخشى سكان قطر من ارتفاع أسعار المواد الغذائية فى حال إغلاق الحدود البرية، خاصة أن الجزء الأكبر يأتى من السعودية. أى تصعيد سيكون له تأثير على قطر التى أدى نقل السلطة فيها العام الماضى إلى التأثير سلبًا على الاقتصاد، وبدأت الشركات تشكو من تأجيل دفعات مستحقة على الحكومة القطرية، ويخشى هؤلاء من تفاقم مشاكل الدفعات حال تطورت الأزمة. هذه اللعبة ستكلف قطر الكثير، وأول الخاسرين هو الشعب القطرى الذى سيدفع شاء أم أبى فاتورة نظامه غير المسئول، والذى أصبح أداة لتحقيق المشروع الصهيو- أمريكى فى المنطقة، فقد أصبحت قطر مأوى للإرهابيين وبسلاحها المالى تنطلق منها المؤامرات لتخريب دول خليجية وعربية. الشعب القطرى شقيق لنا وعزيز علينا، لكن نظام الشيخ تميم ومن قبله الشيخ حمد حولا قطر إلى دولة مارقة متحالفة مع الإرهاب والصهيونية ضد الأشقاء، تقف بمفردها خارج أى إجماع خليجى أوعربى .. استيقظ ياشعب قطر فنظامك يدفعك نحو المجهول.