اختلفت مظاهر الاحتفال بالمولد النبوى الشريف بين المسلمين، وتنوعت بين حفلات الذكر والعرائس والحلوى، فى الوقت الذى احتفل فيه النبى صلى الله عليه وسلم بمولده بصيام اليوم الإثنين من كل أسبوع.. حيث أكد العلماء أن الاحتفال بمولد النبى ( صلى الله عليه وسلم ) كان موضوع خلاف بين الإباحة والمنع، لكنهم اتفقوا على أن الاحتفال به بما لا يخالف الدين لا شىء فيه. وقال الشيخ محمد عيد كيلانى، وكيل وزارة الأوقاف لشئون المساجد الأهلية، إن الاحتفال بميلاد النبى ( صلى الله عليه وسلم )جائز، ويكون بصلاة وصيام، لا بالرقص وأكل الحلوى، حيث كان النبى ( صلى الله عليه وسلم ) يحتفل بمولده بالصيام يوم الاثنين من كل أسبوع.. وعندما سأله أحد الصحابة عن سر صيامه فى هذا اليوم قال ذلك يوم ولدت فيه. وأوضح كيلانى أن الاحتفال بمولد النبى يكون بحسن الاقتداء به، وفى ذلك أمر إلهى فقال تعالى: «لقد كان لكم فى رسول الله أسوة حسنة».. لافتا إلى أن الصحابة رضوان الله عليهم نجحوا فى اقتدائهم برسول الله، فكانوا يتلقنون الآيات التى كانت تنزل على النبى ( صلى الله عليه وسلم ) بمجرد سماعهم لها، والقرآن الكريم سجل لنا ذلك وأنهم كانوا يتساءلون فيما بينهم وكانوا يتنافسون.. فكانوا عندما يلاقى أحدهم الآخر يسأل أيكم زادتهم هذه إيمانا.. مضيفًا: ما أحوجنا نحن المسلمين الآن إلى هذا السؤال.. وأن نعمل على أن يزيد إيماننا، لافتا إلى أن هذا لن يحدث إلا بالاقتداء برسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فى كل الأمور الدينية والدنيوية. وتابع أن التاريخ أثبت أن النموذج الناجح فى البشرية هو نموذج النبى( صلى الله عليه وسلم ) ويكفى أن الفضل ما شهد به أعداؤه حين قال أحد المستشرقين «لو أن محمدًا نبى الإسلام بيننا الآن لحل مشكلات العالم أجمع وهو يحتسى فنجانا من القهوة»، محتما هذا هو النموذج الذى يجب أن نقتدى به. من جانبه، قال الشيخ عبد الناصر بليح الداعية الإسلامى والمتحدث الرسمى باسم نقابة الأئمة والدعاة إن الاحتفال بمولد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) من الأمور التى اتسع فيها الخلاف، بين الإباحة والمنع، وهى من المسائل الخلافية الحديثة. موضحًا أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) كان يحتفل بيوم مولده، ففى يوم سأله أحد الصحابة لماذا يصوم يوم الإثنين؟ فقال سيد الخلق ذلك يوم ولدت فيه، فكان يصوم شكرًا لله عز وجل على أن وهبه نعمة الحياة ثم بعثه رحمة للعالمين وهاديًا ومبشرًا ونذيرًا. وتابع بليح: وعليه فإنه يجوز الاحتفال بيوم مولده ( صلى الله عليه وسلم )، فقد كان احتفاله أسبوعيا بصوم يوم الإثنين، وذلك من السنة، التى يقتدى بها من أحب أن يستفيد من هذه السنة الكريمة، وكان وجوده عند المسلمين فى كل لحظة مبعثًا للسرور ومظهرًا للفضل الإلهى.. مضيفا أن أنسًا بن مالك رضى الله عنه قال «إنه عندما قَدِم الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) إلى المدينة استنار فيها كل شىء فلما مات أظلم كل شىء.. وحصل لهم تغيير استغرقوا وقتًا طويلًا حتى استقر حالهم. وأوضح أن المتأخرين من المسلمين رأوا أن يعبّروا عن أشواقهم وحبهم وتقديرهم للرسول ( صلى الله عليه وسلم ) فى مناسبة من مناسبات حياته، فوجدوا يوم ذكرى مولده مناسبًا لهذا الاحتفال فبثوا فيه أشواقهم وعبّروا فيه عن إيمانهم وذكروا أحوال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وفاض الوجد والحب من كل واحد على الآخر فكان يومًا للحب العام والخير الشامل. واختتم كلامه بقوله: ينبغى على كل مسلم أن يحتفى ويحتفل بمولده صلى الله عليه وسلم لأنه هو السنة العظمى والمنحة الكبرى من الله عز وجل، فقد بعثه الله ليخرج الناس من الظلمات إلى النور حيث يقول تعالى : (لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (164) وقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) عن نفسه:«إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق».. وقال «إنما أنا رحمة مهداه».. لذلك ينبغى حسبما يقول بليح، أن يكون الاحتفال باستحضار ومدارسة أخلاقه وصفاته وفضائله وشمائله عملا بقول المولى عزل وجل (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً (21)