الحصاد الثقافى العربى والعالمى... مصر الثقافية تتعافى

رغم الارتباك الشديد الذى يضرب كثيرًا من أمور حياتنا ومناحى معيشتنا.. والأحداث الجسام التى مازالت تمر بمتغيرات جارفة تصل أحيانًا إلى درجة الزلزال.. تبقى الحالة الثقافية مختلفة، تقاوم وتنتج وتزدهر.. ويبقى المثقفون الحقيقيون يقدمون أقصى ما يستطيعون من أحلام وأفكار ويحصدون التقدير والاحترام والجوائز داخليًا وخارجيًا.. بدأ العام الذى لم َّأوراقه ورحل بمقاومة المثقفين لاختطاف دولتهم ووزارتهم، وكانوا نواة التخلص من ظلامية جماعة الإخوان وعشائرهم، وانتهى بتدمير الإرهاب للمسرح القومى بالمنصورة. يبدو أن حكم الإخوان وحد قطاعات كبيرة من الشعب ومن أهم تلك القطاعات القطاع الثقافى حيث نبذ المثقفون استخدام الإخوان للعنف ووصفوه بأنه بداية لسقوط التنظيم فى مصر وفى هذا الصدد نظمت الوزارة مؤتمرًا عالميَّا لفضح جرائم الإخوان فى مصر وطالب بعضهم بحل جماعة الإخوان كما نظم المثقفون والناشطون حملة تحمل اسم الحملة الوطنية العربية لحماية المجتمع للمطالبة بإغلاق قناة الجزيرة ووصوفها بأنها تعمل ضمن أجندة معادية للعرب وفى نفس السياق اعتذر الناقد الكبير صلاح فضل عن تلبية الدعوة التى وجهت له للمشاركة فى معرض الدوحة الدولى للكتاب نظرا للموقف السيئ الذى تتخذه قطر من مصر وعدم احترامها لإرادة الشعب المصرى، أما عن المواقف السياسية فقد أيد المثقفون إلغاء مجلس الشورى لأنه لا يضيف جديدًا للحياة السياسية كما طالب المثقفون بحذف المادة 219 لأنها داعية للطائفية فى حين قابل المثقفون المادة 174 من مشروع الدستور المتعلقة بمحاكمة المدنيين عسكريا بالتأييد ورأوا أن الضجة المثارة هى ضجة مفتعلة والمحاكمات العسكرية تمتاز بسرعة المحاكمة وانتقد البعض الخوف من وضع الجيش فى الدستور وإزاء تصرفات الإخوان التى تميل إلى العنف رفض قطاع كبير من المثقفون مبادرة حزب النور للمصالحة مع الإخوان ووصفة بأنه نظام لوثت يداه بالدم وقتل الأبرياء ووصف البعض تلك المحاولات بأنها نوع من الخداع خاصة فى ظل ما تعانيه الجماعة من نبذ مجتمعى وكان للمثقفون رد فعل إزاء بعض الدول كتركيا التى طالب المثقفون بضرورة اتخاذ إجراءات حاسمة لمنع التدخل التركى أو الأمريكى فى الشأن الداخلى المصرى ورفض المثقفون إحياء الإخوان لذكرى محمد محمود لأنهم ساهموا فى قتلهم بالتشجيع على العنف ضدهم وأثار المثقفون عدد من القضايا على رأسها مشروع صندوق لعلاج الأدباء والمفكرين وسعى المثقفون إلى تقديمها إلى مجلس الدولة وإبداء الرأى فى هذا الشأن.
أما عن قانون التظاهر فقد اظهر المثقفون تخوفهم من القانون نظرا لما يمنحه من سلطات واسعة للسلطة التنفيذية والقضائية فى التعامل مع المتظاهرين لكنهم فضلوا عدم الاعتراض نظرا لحاجة البلاد لهذا القانون فى الوقت الحالى.
وفى مجال الترجمة احتفل المركز بحصول أبو العطا على وسام الاستحقاق المدنى الممنوح له من قبل الملك خوان كارلوس الأول ملك أسبانيا كما أهدى القومى للترجمة لجنة تعديل الدستور موسوعة دساتير العالم وأعلن المركز القومى للترجمة عام 2014 عامًا الثقافة العلمية وبالإضافة إلى إصداراته فقد شارك المركز القومى للترجمة فى العديد من المعارض كمعرض الشارقة ومعرض الكويت ومعرض الدوحة ويعد أهم ما صدر هذا العام عن المركز القومى للترجمة خرافة القوى العظمى والتكالب على نفط أفريقيا والسلام المستحيل إسرائيل وفلسطين 1989 ومصر تحت حكم بونابرت وعندما يسقط العمالقة.
أما عن الجوائز الثقافية فقد فاز الخرباوى بجائزة أفضل كتاب بمؤتمر القاهرة عن كتابة سر المعبد وفازت نجلاء علام بجائزة أفضل كتاب أطفال عن رواية لمسة الأم وفاز الكاتب عماد عبداللطيف بجائزة أفضل كتاب فى مجال العلوم الاجتماعية لأفضل كتاب صدر عن عام 2012 وفاز محمد إبراهيم طه بجائزة أفضل مجموعة قصصية عن مجموعته امرأة أسفل الشرفة أما ثروت عكاشة فقد فاز بأفضل كتاب للفنون وفاز الطاهر الشرقاوى بجائزة أفضل رواسة بالمعرض.
أما الفائزون بجائزة الدولة لعام 2013 فقد حاز على جائزة التفوق للفنون عصام على السيد وفى الآداب محمد عبد العزيز ناجى وفى العلوم الاجتماعية فاز حسن عماد أما جوائز الدولة التقديرية فحصل عليها فى الفنون احمد محمد إسماعيل نوار والمخرج داود عبد السيد وفى الآداب الشاعر احمد محمد حجاب وفى العلوم الاجتماعية محمد حافظ دياب وعاصم الدسوقى.
وفاز ديوان بشويش لأحمد الحداد بجائزة أفضل ديوان عامية لعام 2012 ضمن الجائزة التى تقسمها الهيئة المصرية العامة للكتاب فى دورتها الثانية كما حصل الكاتب الشاب تامر عبده على لقب أفضل كاتب شاب على مستوى العالم وأعلنت هيئة قصور الثقافة عن أسماء الفائزين بالمسابقة الأدبية المركزية لعام 2012- 2013 دورة حلمى سالم و التى حجب بها المركز الأول وفاز بالمركز الثانى جيلان عبد المجيد وبالمركز الثالث ابتسام حسنى السيد وحصل الكاتب فكرى عمر عبدالعزيز على المركز الأول عن روايته الزمن الآخر فى جائزة إبراهيم أصلان للمواهب الأدبية لعام 2012 وحصل على المركز الثانى عمرو عادل عن روايته البوابة رقم 10.
وحصل طارق إمام على جائزة متحف الكلمة الاسبانية عن قصته عين وتصدر الطيب شيخ الأزهر قائمة الخمسمائة شخصية إسلامية الأكثر تأثيرا فى 2013 والتى يصدره المركز الاستراتيجى الإسلامى الملكى وفاز الشاعر محمد أبو سنة بجائزة سلطان بن العويس الثقافية فى الشعر فى دورتها الثالثة عشرة من بين ألف وثلاثمائة وتسعة وسبعين مرشحا وحصل الفنان محمد نبوى على أفضل جدارية بينالى فينسيا الدورة 55 لعام 2013 و فاز واسينى الأعرج على جائزة الإبداع العربى عن روايته أصابع لوليتا.
وكرم مؤتمر أدباء مصر فى دورته الثامنة والعشرين تحت عنوان الثقافة المصرية بين الوحدة والتنوع دورة جمال حمدان تكريم د جمال التلاوى والكاتب أحمد عزت سليم والأديب أسامة البنا كما فاز د. محمد نصر بجائزة المركز الثقافى للتراث العربى بفرنسا عن مؤلفة سر الإعجاز فى اللغة العربية وحصلت دار العين على جائزة نجيب محفوظ عن رواية لا سكاكسن فى مطابخ هذه المدينة للروائى خالد خليفة.
ومن أهم الكتب التى صدرت هذا العام كتاب صادر عن هيئة التعريف بالرسول الكريم صدر بثلاث لغات لدحض الافتراءات التى تتردد من غير المسلمين وأصدر مركز القاهرة للدراسات وحقوق الإنسان إعادة إصدار أحد عشر كتابًا تتناول فكر الإسلام السياسى ومنها الحق القديم ونحو تطوير التشريع الإسلامى وحقوق الإنسان والخطابات الدينية وكيف نستفيد من خبرات العالم الاسلامى غير العربى وغزاليون ورشديون مناظرات فى تجديد الخطاب الدينى والقضاة وإصلاح السياسى والحق فى سلامة الجسد كما صدر فى الإسلام السياسى كتاب مساهمات فى نقد الإسلام السياسى للكاتب السودانى الحاج وراق سيد أحمد كما صدر كتاب ما بعد بن لادن للكاتب عبد البارى عطوة وكتاب انتحار الإخوان لعماد على حسن كما صدر كتاب المشير والفريق للكاتب محمد البار ويجيب فيه عن مجموعة من التساؤلات ومنها هل خان طنطاوى وعنان مبارك ومن أكثر الكتب مبيعا هذا العام رواية 2 ضابط للروائى عصام يوسف ثم يليه مذكرات مبارك والذى صدر بعد مرور أربعين عاما على حرب أكتوبر وهو فى محبسه كما صدر كتاب بعنوان الخال للكاتب محمد توفيق يتناول فيه سيرة الأبنودى وكان آخر ما صدر هذا العام كتاب جلال أمين محنة الدين والدنيا فى مصر وكتاب للكاتب محمد المنشاوى نائب رئيس تحرير وكالة أنباء الشرق الأوسط بعنوان ما بين المخلوع والمعزول وكتاب كتاب "طريقى من القرية إلى رئاسة الوزراء" للدكتور كمال الجنزورى، رئيس وزراء مصر الأسبق وصدر عن الهيئة العامة للكتاب دستور فى صندوق القمامة" لصلاح عيسى ويتناول الكتاب قضية الديمقراطية فى مصر التى أعلنها رجال ثورة 23 يوليو 1952.
أما عن أحزان 2013 فقد فقدت الساحة الثقافية عددًا من الشخصيات الثقافية البارزة كان أولها وفاة كاتب الأطفال محمود سالم مؤلف المغامرين الخمسة و الشياطين ال13 عن عمر يناهز 84 عاما كما رحل عن عالمنا فى يوليو عالم الانتربولوجيا المصرى أحمد أبوزيد الذى حصل على جائزة النيل للعمل، والاجتماعية 2011 وكذلك توفى أستاذ الدراسات الأندلسية المصرى مصطفى على مكى بمدريد فى أغسطس كما توفى المترجم د. أحمد عتمان أستاذ الدراسات اليونانية واللاتينية ورئيس القسم بكلية الآداب جامعة القاهرة ورحل عن عالمنا كذلك المستشار سعيد العشماوى المفكر السياسى وصاحب المواقف الفكرية والآراء المستقلة وهو صاحب مصطلح الإسلام السياسى واختتمت 2013 بالأحزان حيث توفى شاعر العامية الأول الفاجومى أحمد فؤاد نجم والذى لم يمهله القدر لاستلام جائزة الأمير كلاوس ثم تلاه نيلسون مانديلا وهو وأحد من أكثر الشخصيات التى حظيت بالاحترام والتقدير على مستوى العالم، ليس فقط لكونه قاد كفاح مواطنيه السود لإلغاء نظام الفصل العنصرى الذى طبق بمنتهى القسوة فى جنوب إفريقيا وتسبب ذلك فى سجنه لمدة 27 عاما، رفض خلالها أن يقايض حريته بمبادئه التى آمن.
وفى إطلالة سريعة على أهم الأحداث العربية والعالمية نبدأها بفوز أول كندية وهى أليس موزو بجائزة نوبل للآداب حيث منحت جائزة نوبل للآداب لعام 2013 إلى الروائية الكندية التى تكتب بالإنجليزية أليس مونرو (82 عاما) التى وصفت بأنها "سيدة فن الأقصوصة الأدبى المعاصر".
وهى أول كندية تفوز بنوبل للآداب والمرأة الثالثة عشرة التى تدون اسمها فى سجل هذه الجائزة، سجل يضم بداخله أسماءً لامعة مثل رديارد كبلينغ وتونى موريسون وأرنست همنغواى والعربى نجيب محفوظ، الذى فاز بالجائزة عام 1998.
وفازت الكاتبة الألمانية الهنغارية تيريزيامورا بجائزة الكتاب الألمانى عن روايتها "الوحش"، التى وصفتها لجنة التحكيم بأنها "رواية مؤثرة للغاية ومشخصة للعصر". حصلت تيريزيا مورا (42 عامًا) الهنغارية الأصل على جائزة الكتاب الألمانى لعام 2013، تكريما لها على عملها الأدبى "الوحش"، وذلك حسبنما أعلنت بورصة الكتاب الألمانى 7 أكتوبر 2013 فى فرانكفورت. وبررت لجنة التحكيم منح الجائزة لمورا بأن "الوحش رواية مؤثرة للغاية ومشخصة للعصر".
وحصل أرنو لوبارمونتيه، رئيس تحرير وكاتب افتتاحية صحيفة "لوموند" أوسع الصحف الفرنسية انتشارًا فى العالم على الجائزة السابعة للكتاب الأوروبى لعام 2013، وذلك فى مقر البرلمان الأوروبى، ضمن سلسلة الدراسات والأبحاث بعنوان "الفرنسيون مدمرو عملة اليورو".
ويلقى الضوء فى هذه الدراسة على مسئولية القادة الفرنسيين والألمان فى اندلاع أزمة اليورو، وقد رأس لجنة التحكيم برنار هنرى لوفى، أحد أعضاء مجلس المراقبة فى صحيفة لوموند الفرنسية.
وخلال المؤتمر السنوى "فكر 12" الذى نظمته مؤسسة "الفكر العربى" فى مدينة دبى، فاز الأكاديمى والباحث اللبنانى الدكتور نادر سراج بجائزة "أهم كتاب عربى لسنة 2013" عن كتابه "الشباب ولغة العصر" كون الكتاب دراسة إنسانية اجتماعية وعملا رائدًا وكتابًا تأسيسيًا فى مجاله.
الشاعر الروسى يفجينى يفتوشينكو ينال جائزة "كتاب العام" حاز الشاعر الروسى السوفيتى المعروف يفجينى يفتوشينكو يوم 5 سبتمبر على جائزة "كتاب العام" لقاء تأليفه للمجلد الأول من مجموعة خمسة مجلدات تحت عنوان "شاعر فى روسيا أكثر من شاعر، عشرة قرون من الشعر الروسى". وحازت رواية "متحف الثورة" بقلم ألكسندر أرخانجيلسكى" على جائزة "نثر العام". يذكر أن نحو 700 كتاب، صادر عن 127 دارا للطباعة والنشر فى روسيا شارك فى مسابقة "كتاب العام". وتمنح الجائزة تقليديا أثناء إقامة مراسم افتتاح معرض موسكو الدولى للكتاب. وتولى تنظيم المعرض الوكالة الفيدرالية الروسية للطباعة والمواصلات والإدارة العامة لمعرض موسكو الدولى للكتاب.
وكرم الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد محمد الطيب شيخ الأزهر الفائز بجائزة الشيخ زايد لشخصية العام الثقافية.
ويعد الدكتور أحمد محمد الطيب من الشخصيات التى تجمع بين البحوث الأكاديمية المتخصصة فى الفلسفة التى درس أصولها فى فرنسا والبحوث العلمية الجادة والمنهج التدريسى الناجح فى جامعات عربية عديدة فضلا عن كونه من العلماء الذين يمثلون الوسطية الإسلامية البعيدة عن الغلو والداعية إلى ثقافة التسامح والحوار.