رغم أن إدوارد سنودن لم يحصل على لقب شخصية العام فى استفتاء مجلة تايم الأمريكية، حيث نالها البابا فرانسيس بابا الفاتيكان، وتراجع سنودن للمركز الثانى، إلا أن هذا لا ينفى أن ما فعله المحلل السابق فى وكالة الأمن القومى الأمريكية أحدث ضجة فى العالم، وأثر على علاقات الولاياتالمتحدة بالعديد من الدول الأصدقاء قبل الأعداء. وكان سنودن الذى يبلغ من العمر 30 عاما أصبح حديث العالم منذ يونيو الماضى، عندما سرب مواد مصنفة على أنها سرية للغاية من وكالة الأمن القومى إلى صحيفتى الجارديان البريطانية و واشنطن بوست الأمريكية اللتين كشفتا عن تنصت الوكالة الأمريكية على المكالمات الهاتفية لعشرات الملايين من الأمريكيين، بالإضافة لمراقبة الوكالة لخوادم عدة شركات انترنت ومواقع تواصل اجتماعى مثل فيس بوك، أما الأمر الذى أثار الضجة الأكبر، فهو الكشف عن تجسس واشنطن على زعماء ورؤساء 35 دولة بما فى ذلك التليفون المحمول الشخصى للمستشارة الألمانية انجيلا ميركل الصديقة المقربة للرئيس أوباما. ولم تقتصر تداعيات الوثائق التى سربها سنودن على علاقات الولاياتالمتحدة مع حلفائها وخصومها الخارجين، بل أثارت عاصفة من ردود الفعل الداخلية، واستغل نواب جمهوريون فى واشنطن قصة سنودن لتصوير أوباما على أنه زعيم غير كفء على صعيد السياسة الخارجية، وقال جمهوريون منتقدون للرئيس إن الضجة بشأن سنودن علامة على ضعف أوباما والمكانة الدولية المتراجعة. ومنذ نشر تلك التسريبات تغيرت حياة سنودن، حيث هرب إلى روسيا وحصل على اللجوء السياسى المؤقت هناك لمدة عام، وذلك بعد أن أصبح مطلوبا من قبل الولاياتالمتحدة لمحاكمته. وبعيدا عن الهرب والمحاكمة كان السؤال الذى شغل بال الشعب الأمريكى حول ما إذا كان سنودن خائن لبلده أم بطل يدافع عن الحريات المدنية، وقد تعددت الرؤى بشأن هذا الأمر، حيث يراه كثيرون خائنًا ومنشقًا، وقد حول العالم إلى مكان أكثر خطورة، بينما رآه آخرون بطلًا قوميًّا نجح فى أن يضعف قدرة الحكومات على التجسس على مواطنيها، وقد كشف استطلاع للرأى أجرى فى نوفمبر الماضى لحساب صحيفة واشنطن بوست أن 35% من الأمريكيين من الشريحة العمرية بين 18 و30 يعتبرون أنه ينبغى ملاحقته قضائيا، فيما ترتفع هذه النسبة إلى 57% بين الذين تفوق أعمارهم 30 عاما. وإذا كان سنودن يُصنف على أنه بطل أو خائن، فإنه لديه وجهة نظره الخاصة بشأن أسباب إقدامه على تسريب تلك الوثائق، فقال فى مقابلة مع صحيفة الجارديان: لا أريد أن أعيش فى مجتمع يرتكب مثل هذه الأفعال وفى عالم يتم فيه تسجيل كل ما أقوله وأفعله موضحا أنه لم يشأ إخفاء هويته قائلا أدرك أنه على دفع ثمن أفعالى، لكننى سأكون راضيا عندما تنكشف القوانين السرية والسلطات المتزايدة للحكومات ولو للحظة واحدة، إن هدفى الوحيد هو إطلاع الناس على ما يرتكب بحقهم، إن وكالة الأمن القومى تكذب باستمرار أمام الكونجرس حول نطاق المراقبة فى الولاياتالمتحدة”. وإذا كانت تلك التسريبات أثارت ضجة عالمية، فإن المفاجأة أن هناك مزيدا من الوثائق لم تنشر، حيث أكد الصحفى جلين جرينوالد، الذى نشر الوثائق المسربة من سنودن أنه فى حوزته وثائق سرية كثيرة سيثير نشرها قريبًا صدمة! فهل تؤدى تسريبات سنودن الجديدة إلى الكشف عن مزيد من الحقائق المجهولة؟.