لفتت رسومات رحلة الحج على بيوت المصريين - والتى تمتد بحذورها إلى مئات السنين - أنظار كاتب غربى يدعى أفون نيل ومصور يدعى آن باركر حيث قاما بتأليف كتاب يتحدث عن فن الجداريات الشعبى المصرى الخاص برحلة الحج. على الرغم من أن الرسم على جدران المنازل عادة ريفية إلا أن أهل المدن الكبرى أيضًا يهوون الرسم على جدران المنازل للتعبير عن الفرح والبهجة بتأدية هذه الشعائر ذات الوجدانيات المرتفعة ولم تقتصر الرسومات على الرسام المحترف بل تناولها أيضًا الرسام البسيط. وتوصل المصور آن باركر إلى أن لديه كنزًا من الصور التى تعبر عن التقاليد الشعبية والتى تصور تطورًا ملحوظًا من سنة إلى أخرى بالإضافة إلى التجديد فى الأفكار المختلفة. والرسومات غالبا ما تحكى قصة الحج فى أسلوب راق فى رسم الرسامين المبجلين بين ابناء المجتمعات التى يعيشون بينها. إن مهنة إبداع رسومات الحج ليست حرفة، لذلك عادة ما يكون الفنان من نفس المنطقة التى يُنفذ فيها إبداعاته، ومعظهم المدرسين برعوا فى تصميم الإعلانات التجارية والبعض الآخر تخصص فى طلاء المنازل وأدى هذا اللون من الفنون إلى تطور الفن الشعبى إذ تعد رسومات الحج على البيوت من أبرز ما قدمت مصر فى ميدان الفن الشعبى العالمى المعاصر. وقد بدأت عادة تسجيل ذكريات الحج فى مصر برسم الرموز قبل نحو مائة عام وكانت الرسومات تغطى مساحات صغيرة من أعالى أو مداخل البيوت والطرقات وكانت أغلبها رسومات تصور الجمال أو السفن التى استخدمها أصحاب البيوت فى السفر إلى مكة مخترقين الصحراء أو عابرين البحر الأحمر لأداء فريضة الحج. ثم تطور الأمر إلى إضافة خط سكة حديد إلى جانب طريق سير الجمال وحاليًا الطائرة. الجداريات وتعد رسومات الجداريات المتعلقة بالدين وتلك التى تصور رموز الحج فوق واجهات بيوت العائدين من تلك الرحلة المقدسة من الإبداعات الحديثة إلى حد ما، فلم يستطع أحد حتى الآن تحديد من أين جاء هذا العرف لأول مرة إلا أنها تعد فنًّا شعبيًّا مزدهرًا ومتطورًا إلا أن هناك من يذهب إلى أن هذا الفن ظهر مع وجود الحكم العثمانى لمصر. وتشتهر مصر بفنها ورسومات الحج التى تحمل فى طياتها مؤشرًا ودليلًا على الشهرة، ويؤكد كبار السن من المصريين أنهم شاهدوا رسومات الحج التى تزين البيوت فى مقتبل العمر وفى البداية اقتصرت رسومات الحج على نقوش بسيطة لا تتعدى اسم الحاج وتاريخ أدائه للفريضة ومن اللافت للنظر أن أفضل جداريات رسومات الحج المبهرة والتى ترجع إلى السبعينات من القرن الماضى وتوجد بجوار مدينة الأقصر وهى تشبه رسومات الفنان السويسرى الشهير بول كلى الذى يحظى بمكانة عالمية وهى لوحات تدل على قدرة الفنان على المثابرة لتحقيق أفكارهم الخاصة التى كانت تقوم على المنافسة فى الإبداع. ويعد مبدعو رسومات الحج قلة وأغلبهم لديه أعمال منتظمة يقومون بها، لأن رسم الجداريات يعد وسيلة لكسب المزيد من الدخل يقومون بها كحرفة إضافية فى موسم الحج، ويحتكر الرجال فن رسومات الحج وكلهم بطبيعة الحال من المسلمين وأعمارهم تتراوح بين 25 عاما و50عاما، ولابد أن يكون على دراية عملية بتقاليد وشعائر الحج، ويخصص هؤلاء الفنانون أسبوعين أو ثلاثة من الجهد المضنى كل عام للوفاء بتعهداتهم. رموز الحج ويهتم فنانو رسومات الحج برسم الكعبة بشكل أساسى فهى التى تعبر عن مفهوم أداء الفريضة ثم يتم احاطتها بغيرها من رموز الحج وبعضهم يستعين ببعض المناظر الخيالية التى يشاهدونها على شاشات التليفزيون وغالبا ما يستخدمون الألوان الزيتية أو المائية، وتتميز تلك الأعمال الفنية أنها فى بعض الأحيان تنافس الإعلانات التجارية وفى كثير من الأحيان كانت الرسومات تحتوى على اسم الحاج وتاريخ سفره إلى المدينة المقدسة، ورغم جمال رسومات الحج على جدران المنازل إلا أنها تتلاشى بشكل سريع، وذلك بسبب أن الألوان جودتها ضعيفة، ورغم ذلك منها ما صمد ضد كل عوامل التلف. وتتناول الرسومات رحلة الحج بداية من تلقى الحاج نبأ السماح له بأداء فريضة الحج ثم التحضير وصور المحمل وكسوة الكعبة بالإضافة إلى رسومات تشير إلى جبل عرفات وخيام الحجاج وخطوات مراسم الحج كما تشير الرسومات إلى المحمل ومراسم استقبال الحاج بعد أداء فريضة الحج. وتناولت رحلة أفون نيل أسماء بعض مشاهير فنانى رسوم الحج كأحمد حسن فرحات وأحمد محمود السنوسى ومحمد أحمد المالك وأحمد الطيب محمد النجار.