تراجع معدلات أداء خطوط الملاحة الأمريكية وارتفاع تكلفة التجارة الأمريكية عبر مختلف أنحاء العالم وانخفاض المزايا التنافسية للمنتج الأمريكي، والإخلال ببنود معاهدة كامب ديفيد بما ينعكس سلبيًا على المصالح الأمريكية فى منطقة الشرق الأوسط أهم الخسائر المحتملة للجانب الأمريكى حال إلغاء المعونة الأمريكية لمصر فى مقابل زيادة تأزم الوضع الاقتصادى فى مصر إلا أن الاقتصاد المصرى قادر على المواجهة ويملك الأدوات هذا ما أوضحه الخبراء المصريون والأجانب وأكدته الدراسات العلمية والتقارير. « أكتوبر» طرحت للنقاش فى سياق الموضوع التالى تقييم الرابحين والخاسرين حال وقف المعونة الأمريكية لمصر عرقلة خطوط الملاحة الأمريكية ومن ثم تعثر الحركة التجارية للولايات المتحدة عبر مختلف دول العالم أهم الخسائر التى يمكن أن تلحق بالاقتصاد الأمريكى حال وقف المعونة الأمريكية لمصر هذا ما أكده د. أيمن محمد إبراهيم الخبير الاقتصادى، مشيرًا إلى أن الولاياتالمتحدة تحصل على العديد من المزايا التنافسية التى تساهم فى إنعاش الاقتصاد الأمريكى وفى المقابل فإن إلغاءها من الممكن أن يدر على مصر أضعافًا مضاعفة من قيمة المعونة الأمريكية. وأوضح أن أهم تلك المزايا أن السفن الأمريكية التى تبحر فى قناة السويس تحظى بالعديد من التسهيلات حيث لا تخضع لعمليات الانتظار التى تستمر لأيام وهو ما يوفر تكلفة الركنة وغيرها من مستلزمات الانتظار علاوة على زيادة فعالية وحركة خطوط الملاحة الأمريكية مؤكدًا أنه حال وقف هذه التسهيلات فإن الاقتصاد المصرى يمكن أن يحصل على أضعاف قيمة المعونة . وعلاوة على ذلك أوضح أن مد الأسطول الأمريكى المتواجد بالبحرين الأحمر والمتوسط بالتمويل اللازم من وقود وسلع من الموانى المصرية يمثل أهمية استراتيجية كبيرة بالنسبة للولايات المتحدةالأمريكية. ومن ناحية أخرى أكد أن الشروط المجحفة للمعونة والتى تشترط على الجانب المصرى شراء المنتج الأمريكى بالسعر الأمريكى والشحن عبر المراكب الأمريكية هو يصب بشكل أساسى فى صالح الاقتصاد الأمريكى . الأفاق الجديدة علاوة على أن هناك عدة بدائل لإنعاش الاقتصاد المصرى عند توقف المعونة منها تمويل الأسطول الروسى الذى بات يبحث عن موانى للتمويل بعد ضرب ميناء أبوطرطوس السوري، علاوة على البدء فى تنفيذ المشروعات الاقتصادية المطروحة لتقديم موارد غير تقليدية للخزانة المصرية يتقدمها مشروع كسر العلامة العشرية الذى قام بدراسته موضحًا أن هذه المشروع يقوم على فكرة دمج كسر العلامة العشرية على مستوى جميع الهيئات والمصالح الحكومية فى إطار بنك شعبى يتولى تحديد أوجه انفاق الأموال التى يتم تحصيلها وأوضح أن هذا المشروع وفقًا للدراسات الإحصائية التى قام بها يمكن أن يوفر مبلغ حوالى 50 مليار جنيه مصرى وهو ما يساهم بشكل كبير فى إخراج الاقتصاد المصرى من دائرة الحاجة للمعونة والمساعدات. ومن جانبه أوضح فتحى ياسين رئيس مجلس إدارة البنك الأهلى الأسبق أن المعونات والمساعدات يقابلها مصالح اقتصادية للدول المانحة باستثناء المنح والمساعدات التى تصب فى مجالات محددة بهدف التنمية والتطوير ولذا فإن المعونات يقابلها مصالح للطرفين المانح والمتلقى، وبتحليل الرابح والخاسر نتيجة لإلغاء المعونة الأمريكية أوضح أن الجانب العسكرى يصب فى صالح الطرفين وإن كان بمعدلات أكبر بالنسبة للجانب الأمريكى مشيرًا إلى أنه بشكل عام تستفيد مصر من المعونة الأمريكية فى صورة أجهزة ومعدات أكثر تقدمًا من المتواجد فى مصر إلا أنه ليس الأحدث بالنسبة للجانب الأمريكى وردًا على التخوف من وقف المعونة العسكرية أكد أن مصر لديها تجربة ناجحة فى هذا الصدد حيث استطاعت الفنية المصرية فى إطار الهندسة العكسية تطوير الأسلحة المستوردة من الاتحاد السوفيتى وتحويلها من أسلحة دفاعية إلى أسلحة هجومية. ومن ناحية أخرى أوضح أن المصالح الأمريكية تتطلب استمرار معاهدة كامب ديفيد تلك المعاهدة التى أثبت حاضر الأيام أن زوالها تضر بالمصالح المصرية موضحًا أن ما يجرى الآن فى سيناء من عمليات إرهابية دليل على ذلك. ومن ناحية أخرى ضرورة البدء فى تنفيذ المشروعات القومية الكبرى التى تزخر بها أدراج البنوك المصرية لإنعاش الاقتصاد المصرى، وإجمالا لما سبق أكد ياسين أننا فى أمس الحاجة للمعونات والمساعدات ولكن ليس فوق كرامتنا. التوترات السياسية تسير فى خطوط متوازية مع المصالح الاقتصادية هذا ما أكدته د. يمنى الحماقى أستاذ الاقتصاد جامعة عين شمس وكيل اللجنة الاقتصادية بمجلس الشورى السابق مشيرة إلى العديد من النماذج على رأسها النموذج (الأمريكى الصيني) حيث تعد الصين من أكثر الدول أهمية بالنسبة للولايات المتحدةالأمريكية فيما يتعلق بالمصالح الاقتصادية رغم ما تشهده العلاقات السياسية من توترات شديدة وهو الحال ذاته بالنسبة لعلاقات المصالح الأمريكية مع دول جنوب شرق أسيا الصاعدة اقتصاديًا، وفى ذات السياق انتقدت المعالجة الانفعالية للإعلام المصرى لقضية المساعدات الأمريكية التى تعلو من لهجة الصدام وتفتقد إلى الرشد وتغليب المصالح الاقتصادية مؤكدة فى ذات الوقت أن المعالجة الرسمية لتلك القضية تتسم بالحكمة والموضوعية. وفيما يتعلق بالتأثيرات المحتملة لإلغاء المعونة الأمريكية على الاقتصاد المصرى أوضحت أن الجانب الاقتصادى منها ضعيف والجزء الأكثر أهمية هو المخصص للمساعدات العسكرية مؤكدة أن تغيير مصدر التسليح والتنوع يحتاج إلى الدراسة الشديدة والمتأنية كما أنه لا يمكن أن يتم بين يوم وليلة بينما يستغرق فترات طويلة. إعادة الهيكلة ومن واقع عملها كوكيل للجنة الاقتصادية بمجلس الشورى سابقًا أكدت أن المعونات الأجنبية تدار بشكل معيب وهو ما يترتب عليه سوء استثمار تلك المبالغ من الناحية المؤسسية. الخروج من الإيديولوجيات من ناحية أخرى أكدت د. يمنى الحماقى أن معالجة الأوضاع فى مصر بشكل عام يتطلب الخروج من الأيديولوجيات والفهم الجيد لمعطيات النظام العالمى الراهن فى ضوء معالجات إعلامية جيدة تتسم بالتأنى والعمق والابتعاد عن لهجة الصدام التى يمكن أن يكون لها مردودات سلبية شديدة الخطورة على الدولة المصرية. الواردات المصرية من الولاياتالمتحدةالأمريكية تتراوح بين 25 و 30 مليار دولار وهو ما يعنى أن السوق المصرية على درجة كبيرة بالنسبة للولايات المتحدةالأمريكية ويأتى المساس بها فى غير صالح الاقتصاد الأمريكى هذا ما أكده صلاح جودة الخبير الاقتصادى ورئيس المركز المصرى للدراسات الاقتصادية وبخلاف ذلك أوضح أن الاستثمارات الأمريكية فى مصر تصب فى خانة الاستثمارات السريعة التى يسهل سحبها من السوق المصرية كما أن الجانب الأكبر منها يصب فى مجال التعدين والبحث عن البترول بما يخدم الاقتصاد الأمريكى. تدوير المعونة أوضح د. محمد أكثم، أستاذ الاقتصاد بجامعة دنفر الأمريكية أن المساعدات الأمريكية لمصر يعاد تدويرها والاستفادة منها لصالح واشنطن، مؤكدا أن هذه المعونة هى ما يطلق عليها '' المعونة المشروطة ''، والتى تنص على أن الدولة المستقبلة للمعونة لابد وأن تنفقها من خلال الدولة المتبرعة. وفى ذات السياق أكد أن المنح التى تقدر ب 12 مليار دولار التى قدمتها الدول العربية لمصر حتى الآن غيرت المسار لصالح مصر على الأقل على المدى القريب وقرار واشنطن بوقف المعونة أصبح لا معنى له خاصة وأن مصر لديها الآن طوق نجاه فى ذات الوقت الذى تنغمس فيه إدارة أوباما فى المشاكل السياسية المحلية وهو ما يجعل اتخاذ قرار مثل إلغاء المعونة الموجهة إلى مصر أمر فى غاية الصعوبة والتعقيد. ومن جانبه أشار فاروق الباز العالم المصرى الذى يعمل بجامعة بوسطن الأمريكية إلى أن المعونة التى تقدمها أمريكا للجيش المصرى بقيمة 1.3 مليار دولار لا تذهب فى الحقيقة للجيش المصري، وإنما يتم وضعها فى حساب بنكى فى الولاياتالمتحدةالأمريكية من أجل شراء أسلحة أمريكية للجيش المصري، مضيفا '' أن مصر تعتمد كليا على الأسلحة الأمريكية وهو الوضع المستمر منذ عام 1979 منذ اتفاقية كامب ديفيد التى ارست السلام مع اسرائيل''. الاتفاقيات السياسية والأمنية أوضح '' بيت مور'' أحد المتخصصين فى شئون الشرق الأوسط، أن مصر والولاياتالمتحدةالأمريكية تجمعهم عدد من الاتفاقيات الأمنية والسياسية التى تتعلق بالاستخبارات والتكنولوجيا، والتى أصبحت مهمة بالنسبة لواشنطن خاصة منذ أحداث 11 سبتمبر. وأضاف أن تهديدات قطع المساعدات الأمريكية عن مصر لن تكون سوى اجراءات شكلية فقط، وحتى إن كان هناك انقطاع فى المساعدات فستكون غير مؤثرة. طبيعة المعونات الاقتصادية الأمريكية لمصر وشروطها أشار د. حسين حسين شحاته أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر من واقع دراساته العلمية أن المعونة الأمريكية يتم توزيعها كالتالى: المعونات الاقتصادية 600مليون دولار. المساعدات العسكرية السنوية فى حدود 1.3 مليار دولار. استثمارات أمريكية فى مصر فى حدود 3 مليارات دولار . حجم التجارة الخارجية مع أمريكا 11 % من حجم التجارة الخارجية. موضحًا أنه يقابل ذلك مزايا عديدة للولايات المتحدةالأمريكية لأمريكا الظاهر منها ما يلى : مساندة أمريكا دبلوماسياً فى سياساتها ضد الإرهاب. الدخول معها فى تحالفات علنية وسرية وعسكرية ضد الإرهاب. رعاية مصالح أمريكا فى منطقة الشرق الأوسط حسب المستجدات. ربط هذه المعونات والمساعدات بتنفيذ بعض السياسات الأمريكية. ربط هذه المساعدات والمعونات بتغيير مناهج التعليم ولاسيما فى الأزهر. الضغط على الدول العربية لقبول بعض السياسات الأمريكية ولاسيما الصلح مع إسرائيل. امتيازات خاصة للمنتجات والخدمات الأمريكية. الرقابة الأمريكية الشاملة على تنفيذ المعونات والمساعدات الأمريكية. استخدام الخبراء الأمريكان فى تنفيذ المعونات والمساعدات. استخدام وسائل النقل الأمريكية لنقل المعونات والمساعدات. أن لا تستخدم المعونات والمساعدات الأمريكية ضد إسرائيل وحلفاء أمريكا وأصدقائها بصفة عامة. تقييم الخسائر المصرية عند قطع المعونات والمساعدات الأمريكية: وأوضح أن قرار عدم الاستجابة لتنفيذ الشروط المقترنة بالإعانات والمساعدات وعدم موافقة مصر عليها.. وقيام الإدارة الأمريكية بقطعها، قرار ليس سهلاً فى ظل التداعيات فى الاقتصاد المصرى... وانهيار قيمة الجنيه أمام الدولار، ويستحق هذا القرار الدراسة والتحليل الموضوعى البعيد عن الانفعال. مشيرًا إلى أن قرار الإلغاء وعدم قبول المعونات والمساعدات الأمريكية من شأنه أن يلحق بعض الخسائر بالاقتصاد المصرى يمكن إجمالها فيما يلى: 1- زيادة العجز فى ميزانية الدولة بمقدار هذه المعونات والمساعدات وتقدر ب 10 مليارات جنيه مصرى. 2- انسحاب الاستثمارات الأمريكية من مصر وتقدر بحوالى 15 مليار جنيه مصرى. 3- تحريض المؤسسات المالية الدولية مثل صندوق النقد الدولى على عدم مساعدة مصر مالياً واقتصادياً. 4- انكماش التجارة الخارجية بين مصر وأمريكا وهذا سوف يؤثر على الصادرات المصرية وعلى الميزان التجارى . 5- تجميد معظم مشروعات التعاون الاقتصادى بين مصر وأمريكا وهذا ربما يسبب بطالة أو يزيد من حدتها. 6- تجميد معظم مشروعات التعاون العسكرى وغيرها بين مصر وأمريكا. 7- مزيد من الدعم للكيان الصهيونى حيث سوف تحول هذه الإعانات إلى إسرائيل. 8- وضع مصر فى قائمة الدول التى تأوى الإرهاب وتدعمه. بدائل المعونة الأمريكية وأوضحت الدراسة أن هناك العديد من البدائل للمعونة الأمريكية تتمثل فيما يلى: استبدال المعونات والمساعدات الأمريكية بغيرها من الدول العربية الغنية فى إطار مقررات جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامى. تنوع التجارة الخارجية والشروع فى إبرام اتفاقيات جديدة مع دول شرق آسيا أو أوربا، وتعتبر الشركة الأوربية الجديدة نموذج يمكن دعمه. تشجيع الاستثمارات العربية إلى مصر مع زيادة الحوافز لها وفى هذا حماية لأموال العرب والمسلمين وتقوية روابط التعاون الصادق بين الأشقاء العرب المسلمين. ضبط وترشيد الإنفاق الحكومى وحصره فى مجال الضروريات والحاجيات وتجنب الإنفاق فى الكماليات والترفيات وهذا سوف يوفر ما يقل عن 10 مليارات جنيه. إعادة النظر فى المشروعات العربية المشتركة مثل الهيئة العربية للتصنيع، فأموال العرب يجب أن تكون للعرب، ولقد آن الأوان لإقامة مشروعات استراتيجية كبيرة ذات فروع فى جميع الأقطار العربية والإسلامية. تفعيل التعاون والتضامن والتكافل بين الدول العربية والإسلامية. تطبيق نظم المشاركة فى المشروعات الاستثمارية الممولة من الدول الأجنبية بدلاً من القروض بفائدة. ترشيد الاستيراد وحصره فى مجال الضروريات والحاجيات. دعم العمل والإنتاج من خلال السياسات المالية والاقتصادية.