لم يضع الحكم الذى أصدرته قاضية عسكرية بالسجن 35 عاما بحق الجندى الأمريكى “برادلى مانينج” نهاية لقصة هذا الجندى الشاب الذى سرب حوالى 700 ألف وثيقة سرية لموقع «ويكيليكس» ، إذ أثار الحكم حالة من الجدل الشديد، وأعاد النقاش مرة أخرى حول ما إذا كان مانينج بطلا قوميا أم مجرد خائن لبلاده أم شخص مريض نفسيا ويعانى من اضطرابات، خاصة بعد تصريحات مانينج الأخيرة والتى اعتذر فيها وأعلن ندمه على أفعاله ثم طلبه العفو من الرئيس باراك أوباما، ولم ينته الأمر عند هذا الحد، إذ فجر مانينج مفاجأة أخرى بإعلانه أنه يريد العيش كامرأة قائلا أن اسمه تشيلسى مانينج! وقد تعددت تحليلات الصحف العالمية بشأن قضية مانينج، فمن جهتها تناولت صحيفة «الجارديان» البريطانية رغبة مانينج فى أن يصبح امرأة، وقالت الصحيفة إن مانينج كتب خطاباً بصيغة التأنيث لنفسه قال فيه «أريد من الجميع أن يعرف حقيقتى وأنا أتحول للمرحلة المقبلة فى حياتى، أنا تشلسى مانينج.. أنا أنثى، نظراً للطريقة التى أشعر بها وكنت أشعر بها منذ الطفولة، أريد أن أبدأ علاجاً هرمونياً بأسرع وقت ممكن، وآمل أن تدعمونى فى هذا التحول»، ولكن مسئولى السجن العسكرى الذى يحتجز فيه مانينج فى ولاية كنساس الأمريكية قالوا إنهم لن يوفروا علاجا خارج الدعم النفسى، فى خطوة وصفها نشطاء بأنها غير دستورية. وذكرت الصحيفة أن أحد المشرفين على مانينج فى الجيش قال فى محاكمته إنه تسلم يوما منه صورة له وهو يضع باروكة شقراء ويضع أحمر شفاه، أما صحيفة «يو إس إيه توداى» الأمريكية فذكرت فى افتتاحيتها أن الحكم جزاءٌ عادل لمانينج الذى سرق وأفشى آلاف الوثائق السرية، وأضافت الصحيفة أن بعض الحالات التى أفشاها مانينج مثل كشف دبلوماسيين أمريكيين يتحدثون فى أمور غير دبلوماسية لم تزد نتائجها عن مجرد التسبب فى الإحراج، وفى حالات أخرى مثل كشف فظائع حرب العراق أدت الإفشاءات خدمة عامة جليلة وفى كل الأحوال كان واضحاً أن مانينج لم يكن يحاول مساعدة العدو، وهى التهمة التى وُجد غير مذنب بها. وترى الصحيفة أن المسألة ليست ما إذا كان أشخاص مثل سنودين ومانينج أبطالا أم مجرمين، فمن يقومون بتسريب المعلومات يمكن أن يكونوا الأمرين معاً فى وقت واحد، ولهم أن يتوقعوا العدالة فى محاسبتهم وسوف يحصلون عليها، ولكن ما لا ينبغى أن يتوقعوه هو تركهم يعبرون مجانا، وإذا كانت افتتاحية الصحيفة الأمريكية ترى أن الحكم عادل، فإن مقالا آخر فى نفس الصحيفة يرى عكس ذلك، فتحت عنوان «مانينج يستحق جائزة نوبل للسلام» كتب «ورمان سولومون» مؤلف كتاب «الحرب بصورة مبسطة» والمدير المؤسس لمعهد الدقة العامة أن هذا الحكم لا ينال من المكانة الأخلاقية العظيمة للمنبه إلى الأخطاء برادلى مانينج جائزة نوبل فى أوسلو الشهر القادم عريضة تحوى رسالة مقتضبة موقعة من أكثر من 100 ألف شخص مفادها «أحثكم على منح جائزة السلام لمانينج، فالفضل يرجع له فى نشر كمية هائلة من المعلومات التى أتاحت إجراء نقاش واع حول الحرب والسلام». وعلى سبيل المثال، قام مانينج بكشف النقاب عن التسجيل المصور الذى بات مشهوراً الآن، والذى يُظهر جنودا أمريكيين فى طائرتين عموديتن مدججتين بالسلاح يقتلون مدنيين فى بغداد بينهم مراسلان لوكالة رويترز بدم بارد، ومن الأدلة الأخرى التى كشفها مانينج برقية دبلوماسية أمريكية عن مذبحة جرى التستر عليها تضمنت قتل 10 مدنيين على الأقل، بينهم أطفال صغار فى بلدة الإسحاقى العراقية، وقد عزز ذلك الكشف إصرار حكومة العراق على المطالبة بأن يكون لها سلطان قضائى على الجنود الأمريكيين فى ما يرتكبون من أعمال جنائية، وقد اعتبرت واشنطن ذلك الطلب غير مقبول مما عجل بالانسحاب العسكرى الأمريكى التام من البلاد. ويضيف الكاتب إن مثل تلك الإفشاءات من جانب مانينج ساعدت على إنهاء حرب العراق، وقد تكون ساعدت فى منع نشوب صراعات أخرى فى بلدان أخرى.