أكد العلماء أن الأزمة التى تمر بها مصر الآن، لم تشهدها مصر على مدار التاريخ.. واتفقوا على أنه لا سبيل للخروج من الأزمة إلا بتقديم القوى المتصارعة من أجل السلطة بعض التنازلات.. وأن يغلبوا مبدأ «الأثرة» والاقتداء بمواقف صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين وقادة المسلمين من بعده الذين كانوا يغلبون مصلحة أمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ونصرة دينه على مصالحهم الشخصية.. وعلى الإخوان المسلمين أن يقتدوا بموقف الحسن بن على بن أبى طالب عندما تنازل عن الخلافة لمعاوية رغم ما لاقاه من معارضة لأنصاره الذين كانوا يرفضون هذا التنازل وغيرها من المواقف التى نقرؤها فى السطور التالية ففى البداية قال د. عبد المقصود باشا رئيس قسم التاريخ الإسلامى بجامعة الأزهر إن مصر تمر هذه الأيام بفتنة لم تمر بها عبر التاريخ قديمه ووسطيه وحديثه، فقد كانت مصر دائمًا على قلب رجل واحد.. أما اليوم فهى على قلوب متعددة وكلها متناحرة، مضيفًا أن الكارثة أن الكل يدعى أنه على حق، والكل يعلن التكبير والتحميد.. فأيهما على حق، وأيهما على باطل؟ ودلل أستاذ التاريخ الإسلامى بعدد من المواقف التى تعرض لها الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته، وكان فيها العفو والوضوح هو الغالب فيها.. ومنها «أن رجلا جاء يطلب الإمارة من رسول الله، ويلح فى طلبه بأن يوليه على بلد من البلدان.. فإذا بالرسول يرفض طلبه ويقول له: «لا نولى هذا الأمر من يطلبه» ثم يروى صلى الله عليه وسلم «يا عبد الله.. والله ما هى بإمارة ولكنها يوم القيامة بحسرة وندامة»، وهنا نتعلم والكلام على لسان د.باشا ألا نسعى إلى السلطة التى حذرنا منها النبى الكريم، فرجل الدين والمسلم الحق لا يتصارع ولا يتقاتل من أجل سلطة أو كرسى فى الدنيا.. مستنكرًا ما يحدث الآن والاحتراب من أجل السلطة، مدعيًا أنه الأصلح للحكم، وأن الذى يطلب الإمارة لعمرك ما هو صالح للحكم. كما ذكر د. الباشا موقفًا آخر، عندما ولى صلى الله عليه وسلم عمرو بن العاص على سرية من السرايا، ولما وجد عمرو ابن العاص عدوه أكثر منه عدداً وعدة، أرسل يطلب المدد من رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسل إليه عدداً من الصحابة على رأسهم أبى عبيدة بن الجراح «أمين أمة محمد» وأقره، فلما وصل ابن عبيدة إلى عمرو رفض أن يتنازل له عن الإمارة قائلا: «أنا الأمير.. إنما أنت جئت مدداً».. ودار حوار طويل بين الصحابيين.. فماكان من عبيدة فى النهاية إلا أن آثر عمرو على نفسه وقال له والله ياعمرو لئن عصيتنى لأطيعنك أنت الأمير.. هكذا كانت أخلاق الصحابة.. وتم حسم الخلاف بتنازل طيب..فهؤلاء الذين يدعون تمسكهم بالقرآن والسنة. فى إشارة إلى الإخوان المسلمين عليهم أن يقلدوا أبى عبيدة فى موقفه هذا حتى تنتهى الأزمة من أجل مصلحة الدولة.. إنهم لو صنعوا هذا.. لكسبوا كثيراً من الجماهير، ولكنهم أبوا، بل عليهم أن ينظروا إلى ما حدث فى الفتنة الكبرى التى حدثت بعد استشهاد سيدنا عثمان بن عفان رضى الله عنه. ورفض الإمام على بن أبى طالب. كرم الله وجهه. تولى الإمارة.. قائلا مقولة رسول الله ما هى بإمارة ولكنها يوم القيامة حسرة وندامة... وتحت إلحاح الجميع قبلها وما رفع رضى الله عنه سيفا فى وجه مسلم إلا إذا أجبر على ذلك.. وإن لم تكفهم هذه المواقف ليتعظوا منها فعليهم أن يقتدوا بسيدنا الحسن بن على رضى الله عنه حينما آثر المصلحة العامة على مصلحته الشخصية وتنازل عن الخلافة لمعاوية بن أبى سفيان. ولما رفض كثير من أنصاره هذا التنازل حتى إن أخاه الحسين عنفه ورفع صوته فما كان من الإمام الحسن إلا أن قال «يا حسين إما أن تغلق فمك، وإما أن أقيم عليك جداراً حتى تموت». فسكت الحسين امتثالاً لرغبة أخيه وتنازل الحسن رغبة فى لم الشمل وتوحيد الصف. وقال الاستاذ بجامعة الأزهر على الجميع أن يعلم أن دم المسلم أكبر عند الله من هدم الكعبة.. مستنكراً أحداث العنف.. وحرق دور العبادة من كنائس ومساجد.. فالأمر بات خطيرًا.. وعلى الجميع أن يبدى التنازلات من أجل مصلحة الوطن.. وتمر الأمور بسلام حرصاً على سلامة وأمن البلاد والعباد. فى حين قال الشيخ على وصفى إمام وخطيب جامع عمرو بن العاص وعضو جبهة علماء الأزهر إن الأحداث الأخيرة التى تشهدها البلاد.. بها العديد من المخالفات الدينية التى نهانا عنها صلى الله عليه وسلم ومن هذه المخالفات التى ارتكبت الاعتداء على المساجد والكنائس، لأن الاعتداء عليها فيه حرمة أكدها الدين الإسلامى..ورسول الله صلى الله عليه وسلم حينما ذهب إلى المدينة صالح اليهود وكتب معهم صلحاً كان فيه أن لليهود دينهم الذى يدينون به، ولا يكرهون على دونه، وللمسلمين دينهم الذى يدينون به.. كما صالح عمر بن الخطاب بين أهل فلسطين «ايلياء» وكان فىالصلح أنه لا تحرق كنائس الأقباط ولاتهدم، ولاتكسر صلبانهم وأنهم لا يكرهون على دينهم، كذلك فعل صلاح الدين حينما فتح بيت المقدس وأمنهم على أنفسهم وأموالهم وكنائسهم.. أما الدين الإسلامى فقد حظيت المقدسات الإسلامية بالاحترام الكامل، حتى إن من ارتكب فى الكعبة جرما، كان بمائة ألف.. فلا يجوز الاعتداء على المساجد، لقوله تعالى چ ? ? ? ? ? ? ? چ چ چ چ ? ?چ.. لأن المساجد من المفترض فيها أنها أمان للناس والمصلين. وتابع الشيخ وصفى أن المظاهرات ليست من سُنة النبى صلى الله عليه وسلم، لأنه لم يتظاهر على أهل مكة، ولم يتظاهر عليه أحد.. فالمظاهرات ليست فى دين الإسلام إنما هى دخيلة علينا من الغرب.. ومن المخالفات التى شهدتها الأحداث الأخيرة، قطع الطريق الذى يعد كبيرة من الكبائر لما فيه من تهديد لمصالح الناس، وفيه تسال الدماء، ولا يأمن الناس على أنفسهم ولا أهليهم ويقول تعالى چچ چ چ ? ? ? ? ? ? ? ? ?چ.. وكذلك حمل السلاح الذى تفشى بشكل مخيف، فنهى عنه النبى صلى الله عليه وسلم وحذر منه فى قوله «إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول فى النار» وحذر عليه الصلاة والسلام من إراقة الدماء، وذكر أنها أعظم عند الله من حرمة هدم الكعبة فقال صلى الله عليه وسلم «لأن تنقض الكعبة حجرا حجرا أهون عند الله من قطرة دم تراق من مسلم».. كما لايجوز الاعتداء على المسالمين الآمنين من أهل الكتاب فقال صلى الله عليه وسلم «من آذى ذميًا أو اغتصبه حقه فأنا خصيمه يوم القيامة» فما بال المسلم.. وفى رواية «لا تحل له شفاعتى». وطالب الشيخ وصفى أعضاء جماعة الإخوان المسلمين بأن يرجعوا إلى موقف سيدنا الحسن الذى هو أعظم الأمثلة فى الأثرة، حين تنازل لمعاوية بن أبى سفيان حقنا للدماء.. مع أن أصحابه كانوا يقولون له «أنت عار.. وأنت مذل للمؤمنين».. وكان يقول لهم «لست بمذل للمؤمنين وإنما كرهت أن أقتلكم على الخلافة كذلك موقف خالد بن الوليد حين عزله أبو بكر الصديق من قيادة الجيش.. فما كان منه أن ثار وأحدث انشقاقا بين وحدة المسلمين.. ولكنه سأل أبو بكر هل هذا عزل من القيادة أم سأحرم من أن أكون بين أفراد الجيش.. فقال له أبو بكر «إذا أردت أن تكون جنديا بين الصفوف.. فكن ودخل خالد مدافعا عن الإسلام والمسلمين حتى مات مرابطا فى حصن دمشق».