التعليم: مادة التاريخ الوطني ل«2 ثانوي» غير أساسية    نشر تفاصيل اجتماع المجلس الأعلى للجامعات بمقر الوزارة بالعاصمة الإدارية    محافظا الفيوم وبني سويف يشهدان انطلاق المهرجان الثالث للنباتات الطبية والعطرية    إنشاء قاعدة بيانات موحدة تضم الجمعيات الأهلية بالدقهلية    رئيس جامعة المنوفية من الأعلى للجامعات: الأنشطة الطلابية من أهم أُسس المنظومة    السعودية تبدأ تشغيل أول مشروع لتخزين الغاز بتقنية الحقن المعالج    «الأونروا»: الظروف الصحية والمعيشية في قطاع غزة غير إنسانية    ناصر منسي: ليفاندوفسكي مثلي الأعلي أوروبيا.. وعماد متعب محليا    يوتيوب دون تقطيع الآن.. مباراة الأهلي السعودي والوصل Al-Ahli vs Al-Wasl اليوم في دوري أبطال آسيا للنخبة 2024    ضبط تاجر نصب على شخصين واستولى على 620 ألف جنيه بسوهاج    مصرع فتاة بسبب جرعة مخدرات بالتجمع الخامس    النيابة نستمع لأقوال اثنين من الشهود بواقعة سحر مؤمن زكريا    متاحف الثقافة ومسارحها مجانًا الأحد القادم    «كونشيرتو البحر الأحمر» في افتتاح ملتقى «أفلام المحاولة» بقصر السينما    6 أكتوبر.. مؤتمر صحفي للإعلان عن تفاصيل الدورة السابعة لمهرجان نقابة المهن التمثيلية للمسرح المصري    فان دايك: صلاح لديه الالتزام الذي يحتاجه ليفربول    برلمانية: هل سيتم مراعاة الدعم النقدي بما يتماشى مع زيادة أسعار السلع سنويًا والتضخم؟    ننشر التحقيقات مع تشكيل عصابي من 10 أشخاص لسرقة السيارات وتقطيعها بالقاهرة    1 أكتوبر.. فتح باب التقديم للدورة الخامسة من "جائزة الدولة للمبدع الصغير"    100 يوم صحة.. تقديم 95 مليون خدمة طبية مجانية خلال شهرين    قافلة طبية مجانية بمركز سمالوط في محافظة المنيا    طريقة عمل المسقعة باللحمة المفرومة، لغداء شهي ومفيد    وزير الشباب يستعرض ل مدبولي نتائج البعثة المصرية في أولمبياد باريس 2024    محافظ القاهرة يشهد احتفالية مرور 10 أعوام على إنشاء أندية السكان    ناصر منسي: إمام عاشور صديقي.. وأتمنى اللعب مع أفشة    محافظ الشرقية يُناشد المزارعين باستثمار المخلفات الزراعية.. اعرف التفاصيل    الإدارية العليا: وجوب قطع المرافق في البناء المخالف والتحفظ على الأدوات    سياسيون: الحوار الوطني يعزز وحدة الصف ومواجهة التحديات الأمنية الإقليمية    جامعة بنها: منح دراسية لخريجي مدارس المتفوقين بالبرامج الجديدة لكلية الهندسة بشبرا    حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة غدا الثلاثاء 1 - 10 -2024    جمارك مطار الغردقة الدولي تضبط محاولة تهريب عدد من الهواتف المحمولة وأجهزة التابلت    مصرع شخص دهسته سيارة أثناء عبوره الطريق بمدينة نصر    إيران تعلن رغبتها في تعزيز العلاقات مع روسيا بشكل جدي    كريم رمزي: عمر مرموش قادر على أن يكون الأغلى في تاريخ مصر    سي إن إن: إسرائيل نفذت عمليات برية صغيرة داخل الأراضي اللبنانية مؤخرا    عاجل:- بنيامين نتنياهو يحرض الشعب الإيراني ويهاجم قيادته: "إسرائيل تقف إلى جانبكم"    أفلام السينما تحقق 833 ألف جنيه أخر ليلة عرض فى السينمات    الحكومة الإسرائيلية: إعادة سكان الشمال لمنازلهم تتطلب إبعاد حزب الله عن حدودنا    فلسطين.. العنوان الأبرز فى جوائز هيكل للصحافة    «أوقاف مطروح» تكرم 200 طفل من حفظة القرآن الكريم في مدينة النجيلة (صور)    هيئة الاستشعار من البُعد تبحث سُبل التعاون المُشترك مع هيئة فولبرايت    مجلس النواب يبدأ دور الانعقاد الخامس والأخير و 5 ملفات ضمن الاجندة التشريعية    فصل نهائي لموظفين بشركات الكهرباء بسبب محاضر السرقات المكررة -تفاصيل    تهدد حياتك.. احذر أعراض خطيرة تكشف انسداد القلب    بعد رسالة هيئة الدواء.. خدمة للمرضى لمعرفة "بدائل الأدوية"    تسييم شماسا جديدا في مطرانية القدس الأنچليكانية الأسقفية    بعد واقعة مؤمن زكريا.. داعية: لا تجعلوا السحر شماعة.. ولا أحد يستطيع معرفة المتسبب فيه    ضبط 1100 كرتونة تمور منتهية الصلاحية بأسواق البحيرة    فؤاد السنيورة: التصعيد العسكرى فى لبنان ليس حلا وإسرائيل فى مأزق    مدير متحف كهف روميل: المتحف يضم مقتنيات تعود للحرب العالمية الثانية    «المالية»: إطلاق مبادرات لدعم النشاط الاقتصادي وتيسيرات لتحفيز الاستثمار    «بيت الزكاة والصدقات» يبدأ صرف إعانة شهر أكتوبر للمستحقين غدًا    احتفالًا بذكرى انتصارات أكتوبر، فتح المتاحف والمسارح والسيرك القومي مجانًا    نائب الأمين العام لحزب الله يعزي المرشد الإيراني برحيل "نصر الله"    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 30-9-2024 في محافظة قنا    التحقيق مع المتهمين باختلاق واقعة العثور على أعمال سحر خاصة ب"مؤمن زكريا"    الأهلي يُعلن إصابة محمد هاني بجزع في الرباط الصليبي    «الإفتاء» توضح حكم تناول مأكولات أو مشروبات بعد الوضوء.. هل يبطلها؟ (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإعلام وقوى الدولة الشاملة(1)
نشر في أكتوبر يوم 25 - 08 - 2013

عقب ثورة 25 يناير 2011 ضمن موجة ثورات الربيع العربى، بات واضحا أن الأداة الإعلامية أصبحت أكثر قدرة على التأثير فى تشكيل ملامح منطقة الشرق الأوسط من جديد، بعد أن استطاع الإعلام أن يحل محل المدافع والطائرات عقب الحرب العالمية الثانية وينفذ استراتيجيات الدول الكبرى، فأصبح المسرح الذى تظهر فيه ميول الأمة وأجواؤها بأبلغ وصف وأفصح بيان، واستطاعت القوى الناعمة النفاذ داخل المجتمعات، والتأثير على أمنها القومى وللتعرف على تاريخ الأمم عليك أن تشاهد ما يقدمه إعلامها، فقد اجتمعت الآراء على أهمية الدور الذى يقوم به الإعلام فى حياة الشعوب. الأمر الذى جعلنى أبدأ هذه السلسلة التى تحمل عنوان «الإعلام والأزمة» لأبحث فيها مكانة الإعلام بين عناصر القوى الشاملة للدولة وتأثيره على الأمن القومى، ودوره فى البناء والتنمية، وتأثير القوى الخارجية عليه، وكيف أصبحت القدرة الإعلامية أكثر تأثيرا فى قوى الدولة الشاملة، خاصة خلال القرن الأخير، وما هى نظريات التضليل الإعلامى، وكيف تدار الحروب الإعلامية، لتغيير ملامح الشرق الأوسط دون أن تقوم القوى الكبرى بالتدخل العسكرى سوى فى أصعب اللحظات وفق الاستراتيجية المرسومة لذلك مسبقا، وسوف أبدأ الحلقة الأولى بالحديث عن قوى الدولة الشاملة وتأثير الإعلام عليها.
أصبح الإعلام يشغل موقعاً مركزياً فى الاستراتيجيات والسياسات الدولية بعد الحرب العالمية الثانية وحتى الآن، لتبدأ مع الحرب الباردة حربا ثقافية وإعلامية تستهدف النيل من المجتمعات والتأثير عليها لمصلحة استراتيجيات دول بعينها، وفى إطار التسليم بدور الإعلام الحاسم فى تشكيل النسق الثقافى والقيمى السائد فى المجتمع تبرز أهمية الدور الذى تقوم به وسائله بقدرتها الهائلة فى التأثير المستمر والمتعدد الأبعاد على الأمن القومى، وبما أدى إلى اعتبار الإعلام أحد الأركان الرئيسية للأمن القومى لأى دولة.
اختلاف النظريات
فقد تعددت واختلفت وجهات نظر العلماء على المستوى الاستراتيجى لنظريات قوى الدولة الشاملة، وحدث اختلاف فى مكونات القوى والعناصر التى يجب أن تشملها قوى الدولة الشاملة أو القوى المدركة أو القوة القومية منذ الحرب العالمية الثانية وحتى الآن حسب الباحثين ووفق أيديولوجياتهم، فمعظمهم لم يدرج أى من دول الشرق الأوسط فى عداد الدول التى يمكن أن تكون لها قوة قومية، إما لتبعيتها أو لصغر حجم سكانها وحدد العلماء العناصر التى يمكن قياسها دون خطأ.
وتعنى القوى الشاملة للدولة «قدرة الدولة على استخدام كافة مواردها بطريقة تؤثر على سلوك الدول الأخرى، أو هى القدرة على صنع أو صياغة السياسة القومية».
لقد أتخذ كل من الغرب والشرق عناصر قوى الدولة الشاملة تمشياً مع الغاية القومية والاستراتيجية الشاملة لكل منهما.
وتشمل عناصر قوى الدولة الشاملة من وجهة نظر الغرب على ثلاثة عناصر رئيسية هى «القوة العسكرية، القوى السياسية، القوى الداخلية” وتشمل القوى الداخلية “القوة الاقتصادية القوة الاجتماعية القوة الثقافية القوة المعنوية القوة سكانية».
أما من وجهة نظر الشرق فتشمل خمسة عناصر رئيسية هى «القوة العسكرية القوة السياسية القوة الاجتماعية القوة الاقتصادية القوة المعنوية التى تحتوى على الإعلام».
ونتيجة الصراعات العالمية والإقليمية والتطور العلمى العالمى ظهرت تغيرات جديدة مؤثرة على قوى الدولة الشاملة سواء الغربية أو الشرقية، كما ظهرت قوى جديدة أصبح لها تأثير فى الاتزان العالمى والإقليمى لتكون قوى الدولة الشاملة كآلاتى:
عوامل مادية :
وهى خمسة عناصر (القوة الاقتصادية الكتلة الحيوية –القوة السياسية والدبلوماسية القوة العسكرية – القوة التكنولوجية).
عوامل معنوية:
وهى أربعة عناصر (الأهداف القومية الأهداف الإستراتيجية الدعاية والأعلام الروح المعنوية).
تعتبر قضية دور الإعلام وتأثيره على المجتمع وتشكيل هويته الثقافية وأثرها على الأمن القومى من القضايا الشائكة والمعقدة فى تناولها، خاصة فى ظل صراع بدأ أواخر القرن العشرين وبداية القرن الحادى والعشرين تربعت فيه الولايات المتحدة على قمة العالم وحاولت فرض سيطرتها وقوتها على الكون من خلال هذه الأداة السحرية التى باتت أهم من المدافع والأسلحة التقليدية وغير التقليدية.
القدرة الإعلامية
وقد بات نفوذ الدولة على محيطها المحلى والإقليمى والدولى يرتبط فى أحد مرتكزاته بمدى انتشار وجهازه وسائلها الإعلامية ومقدار قدرتها على التفاعل والمنافسة وبمدى ما تقدمه من رسائل إعلامية للآخرين، لذلك لم تتجاوز الدراسات العلمية الحديثة عندما أضافت القدرة الإعلامية كأحد العناصر فى حسابات قياس قوى الدولة الشاملة.
الإعلام كأحد عناصر قوى الدولة الشاملة:
أ- إذا كان مفهوم القوه الشاملة للدولة هو عبارة عن محصلة المقومات المادية والمعنوية وما يوفره التقدم التقنى للدولة والتى يتم توظيفها فى إطار الاستراتيجية الشاملة له لتحقيق أهدافها أو هو قدرة الدولة على استخدام كل مواردها الممكنة، بطريقة تؤثر على سلوك الدول الأخرى أو هو القدرة على صنع أو صياغة السياسة القومية فإن الإعلام المرئى والمسموع والمقروء يعد عنصراً حيوياً من المقومات المعنوية أو غير المحسوسة لقوى الدولة الشاملة.
ب- وقد برز دور القدرة الإعلامية والمعلوماتية بعد ثورة الاتصالات التى يعيشها العالم فى الوقت الحاضر بعد أن تخطت الحواجز والحدود لتوجه إلى الشعوب مباشره دون وسيط وما لذلك من آثار كبيرة على ثقافات هذه الشعوب ومفاهيمها السياسية والاجتماعية وقيم مجتمعاتها بل معتقداتهم الدينية كذلك، فالقوة الإعلامية ما هى إلا وسائل تهدف إلى التأثير المعنوى والثقافى فى الأطراف الأخرى من خلال الإعلام الذى يعمل فى إطار استراتيجية إعلامية متكاملة وفى تنسيق مع باقى عناصر قوى الدولة الشاملة حتى لقد أصبح الإعلام أداة للتنمية، وهو أداة لتحصين الهوية الوطنية، وهو القادر على نشر توجهات الدولة والدعوة للإيمان بهذه التوجهات، وهو أيضاً ما يستخدمه الأعداء فى تثبيط الهمم، وبه تستطيع الدولة أن تثير الهمم، بالإضافة إلى ذلك يمكن استخدام وسائل الإعلام فى تنميه وإذكاء الروح الوطنية وقت الحاجة للدفاع عن الوطن.
ج- ومع أهمية الإعلام وتأثيره المباشر وغير المباشر داخلياً وخارجياً مع انتشار تكنولوجيا الإعلام تباينت الآراء حول ما إذا كان الإعلام يعد فى حد ذاته عنصراً من عناصر قوى الدولة الشاملة غير المدركة أم يمكن تقسيمه حسب توجهه إلى أحد القدرات الشاملة للدولة ذاتها.
قوى الدولة الشاملة وتفاعل الإعلام مع كل منها :
وهو ما يقتضى بداية استعراض عناصر قوى الدولة الشاملة بإيجاز مع توضيح مدى ارتباط الإعلام بكل من هذه القوى ومدى تفاعلها معها.
الكتلة الحيوية/ الكتلة الحرجة:
يرتبط الإعلام بالكتلة الحيوية بدرجه كبيرة بمكونيها الأرض والسكان:
أ - حيث يقوم الإعلام بدور مهم فى زيادة الارتباط بين أجزاء الدولة من خلال ارتباطها بأجهزة إعلامية ومعلوماتية واحدة.
ب- وتوفر وسائل الإعلام الجماهيرية فى العصر الراهن الزاد الثقافى وتشكل الخبرة الثقافية للملايين من البشر وهى لا تقوم بدور توصيل ونشر الثقافة فحسب بل تؤثر بشكل أساسى فى انتقاء محتواها.
ج- مع تزايد دور الإعلام فى التنشئة الثقافية يجب على النظام الإعلامى والمعلوماتى أن يساعد على حفظ وصيانة التقاليد والثقافات وتأكيد الجوانب الإيجابية فى التراث الثقافى للشعوب وبذلك يساهم فى بعث وتقوية خصائص الشخصية القومية، كما يجب أن يعمل على تقوية التفاهم الدولى من خلال تبادل الأنباء المتعلقة بالإنتاج الثقافى فى كافة الدول.
القدرة الاقتصادية
هناك علاقة وطيدة بين الإعلام والاقتصاد، وهو يؤدى إلى دعم القدرة الاقتصادية للدولة من خلال الترويج الإعلامى للأنشطة الاقتصادية والسياحية وباقى مجالات التنمية وذلك من خلال:
أ - تقديم جميع المعلومات الصحيحة والكاملة والكافية التى تكفل أن تصبح عملية مشاركة المواطنين فى اتخاذ القرارات التنموية عمليه ممكنة.
ب- تعبئة المواطنين للمشاركة فى التنمية وفى اختيار خطط التنمية وتحديدها حتى يشعرون بأنها ليست مفروضة عليهم، ومن ثم تصبح مشاركتهم فى تنفيذها إيجابية مما يحقق النتائج المرجوة.
ج- الدعوة إلى الاعتماد الحقيقى والجاد على النفس وعلى الموارد الوطنية المتاحة والاتجاه إلى التقليل من الاعتماد على المعونات الخارجية، والسعى من أجل المحافظة على الموارد الذاتية وتطويرها.
د - المساهمة فى النقد الموضوعى للأساليب التى تطبق بها خطط التنمية للإسهام فى تصحيح المسار حتى تحقق هذه الخطط أفضل النتائج.
ه- العمل على المدى الطويل من أجل التأثير بشكل إيجابى على ما يعرضه الناس، وما يمكن أن يؤدوه وعلى اتجاهاتهم نحو التنمية الوطنية، وذلك وفقاً لمتطلبات كل مجتمع والتحديات التى تواجهه.
القدرة العسكرية
يقوم الإعلام بدور بارز فى التأثير على القدرة العسكرية فى إعداد الدولة للدفاع من خلال الآتى:
أ- غرس عقيدة التضحية والبذل والعطاء والتهيئة النفسية والمعنوية، والإسهام فى إعداد الشعب للمعركة من خلال التعريف بأهداف الحرب، عرض المواقف السياسية من خلال شرح أبعاد الرأى العام الداخلى والخارجى ومواقف القوى المختلفة من الصراع وتوعية الشعب بأبعاد ومقتضيات الأمن القومى والدفاع المدنى.
ب - التعريف بالموقف العسكرى من خلال تأكيد قدرة القوات المسلحة من حيث التسليح والتدريب والكفاءة والاستعداد الدائم لتنفيذ مهامها فى وقت السلم وفترات التوتر والأزمات باعتبار أن الصراع قد يندلع فجأة، وذلك حتى تتولد الثقة فى نفوس الشعب بقواتهم المسلحة.
ج- التعريف بأهمية إعداد الدولة لاحتمالات الصراع المسلح إلى جانب إعداد القوات المسلحة، وهو ما يعنى قدرة الدولة على العمل تحت ظروف الحرب دون توقف عمليتى الإنتاج والتنمية، وأن لهذا الإعداد مطالبة سواء فيما يتعلق بتنمية القوى البشرية أو التنمية الاقتصادية أو من خلال تماسك أفراد الشعب.
د- يتم هذا الإجراء من خلال إعلام الدولة- الإعلام العسكرى المتخصص الذى يعتبر فرعا رئيسيا من إعلام الدولة، هذا إلى جانب أنه مع التوترات يتحول- عادة- إلى إعلام عسكرى.
القدرة السياسية (السياسة الخارجية)
كما يتفاعل الإعلام مع القدرة السياسية الخارجية، ويمكن القول بأنه إذا كان الإعلام الدولى وسيلة من وسائل السياسة الخارجية، فإنه مع غيره من الوسائل يعمل على تحقيق أهداف هذه السياسة والتى تتمثل فى تحقيق المصلحة الوطنية فى المقام الأول.
ويلعب الإعلام أيضاً دوراً كبيراً فى السياسة الخارجية خاصة بعد أن غدت الحرب النفسية بعداً سياسياً من أبعاد الصراع الدولى، كما توفر القدرة الإعلامية القدرة على نقل توجهات الدولة ووجهة نظرها خارج حدودها للتأثير فى الآخرين على المستويين الإقليمى والدولى بما يدعم القدرة الدبلوماسية للدولة وبما يزيد من وزنها واحترامها.
السياسة الداخلية
أما من ناحية تأثير الإعلام على القدرة السياسية الخارجية يعمل الإعلام على تنظيم العلاقة بين البشر داخل حدود الدولة بواسطة نظامها السياسى بهدف الوصول إلى أقصى عائد من الإمكانيات والموارد المتاحة، كما يهدف إلى معاونة هذا النظام فى التعرف على مدى تفاعله مع المجتمع ومشاركة هذا المجتمع فى القرار السياسى.
كما يعمل الإعلام والمعلومات على دعم القيادة السياسية مما يزيد من قدرتها على التخطيط واتخاذ القرارات السليمة الموقوتة سواء فى السياسة الداخلية أو الخارجية (الدبلوماسية).
القدرة المعنوية
تتفاعل القدرة الإعلامية مع القدرة المعنوية على المستوى الداخلى حيث تلعب دوراً كبيراً فى الحياة الثقافية والقيم الأخلاقية وتنمية الوعى والإدراك عن القضايا والمشكلات المحلية والدولية وتوجهات السياسة الداخلية حيالها، مما يؤدى إلى رفع الروح المعنوية ودفع حركة المجتمع إلى الأمام فى شتى المجالات الاقتصادية والعسكرية... كما أنها تعمل على توعية المجتمع بالنسبة للإعلام الخارجى الموجه من الخارج بما يحافظ على قيم المجتمع ومن ثم تراثه وأمنه القومى.
وهكذا نخلص إلى مدى أهمية القدرة الإعلامية وتأثيرها المباشر على المستوى المحلى أو المستوى الإقليمى، سواء كنا متلقين أو مرسلين وتأثير كل ذلك على قدرات الدولة الشاملة بشكل أو بآخر. ولذا هناك رأيان:
أ - الأول : اعتبار القدرة الإعلامية والمعلومات عنصرا أساسيا من عناصر القوة الشاملة للدولة غير المدركة.
ب- الثانى : تقسيم تلك القدرة إلى ثلاثة أقسام يضم كل قسم منها إلى إحدى القدرات الشاملة للدولة:
(1) الإعلام الداخلى: ويتم ضمه إلى قدرة السياسة الداخلية كأحد مفرداتها.
(2) الإعلام الخارجى: ويتم ضمه إلى قدرة السياسة الخارجية كأحد مفرداتها.
(3) المعلومات: ويتم ضمها إلى كل القدرات الأخرى للدولة كأحد مفرداتها.
المشاركة
فى ظل ظروف المجتمع الديمقراطى الذى يأخذ بحرية الإعلام وحرية التعبير عن الرأى كأسس مهمة فى إقامة صروحه، وتعضيد بنيانه، فالحرية السياسية التى تسمح لجميع المواطنين بحق متساو فى التعبير عن آرائهم تتيح فى نفس الوقت إمكانية نقل معلومات حيوية عن أوضاع الدول الاقتصادية والسياسية والثقافية، كما أن الحرية السياسية لا تفرض رقابة على الصحافة والمراسلين الأجانب فأصبحوا قادرين وفى ظل التقدم التكنولوجى أن ينقلوا أى حدث بسيط من أى موقع كان بواسطة جهاز صغير فلقد أصبح العالم على اتساعه ضيقاً أمام وسائل الاتصال الحديثة. فى ظل ما سبق يلقى على وسائل الإعلام الوطنية واجباً قومياً كبيراً لمواجهة محاولات تهديدات عناصر الأمن القومى والعمل على تحقيقه.
وإذا كان النجاح فى العمليات القتالية وأثناء الأزمات يعزى إلى كفاءة القدرات المادية والعسكرية وعزيمة المقاتلين ، وتوفر قدرات دبلوماسية لديها الإمكانيات لتهيئة المناخ الدولى فى اتجاه مؤيد للدولة، فإن الإعلام يلعب دوراً أساسياً وخطيراً فى المراحل المختلفة لعملية المواجهة بدءاً من الاستعداد لها وتجنبها و التمهيد لها وخلق القناعة بضرورتها فى الداخل... وأنه لا بديل لها..أو مواجهتها ومروراً بالتعبئة والتوجيه وحماية الجبهة الداخلية ضد محاولات الاختراق والتهديد المعنوى.. ووصولاً إلى الاستثمار السليم لنتائج المواجهة العسكرية أو السياسية أو الأزمة بما يحقق أكبر قدر من أهداف الدولة وبأقل ثمن ممكن، لذا فإن أخطر دور يمارسه الإعلام هو المشاركة الفعالة فى تحقيق متطلبات الأمن القومى للدولة وقت السلم ووقت الأزمات.
لقد حمل المتغير التقنى أبعاداً علمية، وباتت الدراسات الإعلامية المعاصرة تنظر إلى الإعلام على أنه علم متخصص بنظرياته، ولا يمكن القيام بأى نشاط إعلامى فاعل بدون قواعد علمية، وبات من الخطأ والخطر ممارسته بشكل ارتجالى وعشوائى، وكثيرًا ما تضررت قضايا وأهداف بسبب سوء التوجيه الإعلامى.
الحرية الإعلامية
مع التناقض بين مبدأ حرية التدفق الإعلامى وحق المواطنين فى معرفة كل المعلومات المتعلقة بوطنهم وظروفه الداخلية والخارجية .. وإدراكه للضغوط التى يتعرض لها وحق المراسلين والصحفيين فى البحث والتحرى لإطلاع شعوبهم على ما يحدث فى الدول الأخرى بطريقه مشروعه ، وبين حق الدولة فى أن تحمى كيانها وسيادتها على أرضها ، وأيضاً حقها فى تأمين جبهتها الداخلية ، فإنه يصبح من الأمور البديهية أن حق حماية الدولة لكيانها يعلو كافة المبادئ والحقوق الأخرى وذلك بتحقيق سيادتها الإعلامية على أرضها امتداداً لسيادتها السياسية. وفى ظل وسائل الاتصال، والتطور التكنولوجى الهائل فى قدراتها الفنية أصبحت إجراءات تحقيق الأمن الإعلامى من أعقد القضايا وأكثرها عمقاً ، لأن وسائل الإعلام وهى تشارك فى كل عناصر الأمن القومى أصبح لزاماً عليها أن تساعد فى التنمية السياسية والاجتماعية والحضارية والثقافية بل الاقتصادية والصحفية وفى تجنب الأزمات وإدارتها والإدارة بالأزمة، وفى نفس الوقت الذى تواجه فيه تلك المحاولات التى تستهدف أمن وكيان المجتمع ، بعد أن نجح التقدم العلمى فى استخدام موجات متناهية القصر والأقمار الصناعية ، وتلك الأبحاث والدراسات التى تقوم بها بعض الدول لنقل البث بصورة مباشرة من دولة إلى أخرى دون استخدام أجهزة خاصة، كل هذا فرض على وسائل الإعلام الوطنية ضرورة إقامة حزام إعلامى حول الوطن للتصدى ضد عمليات التغلغل الثقافى والفكرى والعقائدى والسياسى ومحاولات التأثير فيها.
التهديدات
تتعدد التهديدات ومنها التهديدات الإعلامية , وتؤدى إلى سلبيات عميقة فى مسار الدولة وبما يتطلب التنبه إليها ومقاومتها .. ومن أهم هذه التهديدات :
أ -محاولات الاختراق الثقافى والحضارى وتضليل المواطنين بدعاوى ظاهرها السماحة والبراءة والدعوة إلى القيم النبيلة، وباطنها السموم والتضليل والخداع. ويعد تضليل أو خداع العقائد هو أحد الأساليب الحديثة للتسميم السياسى للمبادئ والقيم الوطنية، والتأثير على الأمانى والتطلعات القومية فهو أسلوب متميز وفريد وخطير لأنه يمس العقائد ويحاول أن يصرف الشعب عن «عقيدته الوطنية» إلى عقيدة أخرى أو تغيير نمط حياته الجاد والمنتج إلى نمط يبحث عن الراحة والاستهلاك.
ب – بث الدعاية والحرب النفسية من خلال وسائل الإعلام المعادية بهدف النيل من الروح المعنوية للشعب وقواته المسلحة وإرادته الوطنية وإضعاف مقاومته للعدوان أو للظروف التى تفرض عليه بقصد التسلل إليه أو لإضعاف قدراته وتفتيت تماسك جبهته.
ج – بث رسائل الإرهاب عبر وسائل الإعلام ، حيث نجح الإرهاب فى بث رسائله من خلال الإعلام عن طريق:
(1) بث رسائله الخاصة وبياناته من خلال بعض المواقع الخاصة بالتنظيم على شبكة الانترنت.
(2) استغلال تسابق وسائل الإعلام على تغطية الحدث حيث يبث رسالته لترويع الآمنين وتحدى النظام.
وسوف نواصل فى العدد القادم استكمال سلسلة الإعلام والأزمة حول نظريات التضليل الإعلامى .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.