جاء الهجوم الأخير على أحد المساجد فى سريلانكا ليثير الرعب لدى المسلمين هناك فى ضوء تزايد العنف ضدهم من قبل البوذيين فى الفترة الأخيرة ليس فى سريلانكا فقط ولكن فى دول آسيوية أخرى وفى مقدمتها ميانمار حيث يتعرض المسلمون هناك لانتهاكات واعتداءات صارخة تصل إلى حد الإبادة. وقامت مجموعة من البوذيين الأسبوع الماضى بإلقاء الحجارة على مسجد من ثلاثة طوابق ومنازل قريبة بمنطقة جراندباس بوسط العاصمة السريلانكية كولومبو أثناء صلاة العشاء احتجاجا على فتح المسجد الجديد لأنه أقيم فى مكان كان موقع عبادة لهم مما أسفر عن إصابة عدد من الأشخاص. وأعلنت هيئات إسلامية عن قلقها من ارتفاع مستوى العنف الموجه ضد المسلمين، حيث أدان فطين فاروق، رئيس جمعية «علماء كل سيلان» (الهيئة التى تضم رجال الدين المسلمين فى سريلانكا) الهجوم الذى تعرض له المسجد، مشيرا إلى أنه جاء بعد مرور خمسة أشهر على حملة معادية للمسلمين، بلغت ذروتها بإحراق محلين تجاريين يملكهما مسلمون خارج العاصمة. وأضاف فاروق الذى كان يتحدث لوكالة الصحافة الفرنسية أنه كان يعتقد أن الأمور ستهدأ ويتوقف العنف عند ذلك الحد إلى أن جاء الحادث الأخير «ليثر قلق الجميع مجددا» حيث أظهر أن ذلك العداء للمسلمين يميل إلى الاستمرار. كما عبر مجلس مسلمى سريلانكا عن قلقه على سلامة المسلمين، وأكد رئيس المجلس أن الهجوم وقع رغم وجود رجال الأمن الذين لم يتمكنوا من حماية المسجد مع تعهد السلطات بفعل ذلك، مشيرا إلى أن أكثر من 20 مسجدا هوجمت منذ العام الماضى. وقال وزراء مسلمون فى الائتلاف الحاكم فى بيان مشترك إن «الإجراءات الفاترة وغير الفعالة التى اتخذتها السلطات فى أحداث سابقة شجعت على ما يبدو بعض الجماعات المتطرفة التى تبدو مصرة على إحداث فوضى فى البلاد». ومنذ العام الماضى تزايدت أعمال العنف ضد المسلمين فى سريلانكا فى تكرار لما يتعرض له المسلمون فى ميانمار من قبل الأغلبية البوذية، وذلك بعد تصريحات وتعليقات لرهبان بوذيين تحرّض على الكراهية وتطالب بمقاطعة المتاجر والمطاعم التى يملكها مسلمون. فرغم أن المسلمين فى سريلانكا يشكلون أقل من 10% من السكان البالغ عددهم 20 مليون نسمة، إلا أن الجماعات القومية البوذية تعتبرهم خطرا سياسيا واقتصاديا على الأغلبية من ذوى العرقية السنهالية البوذية التى تمثل 70% من عدد السكان. وكانت مجلة «تايم» الأمريكية قد خصصت أحد أغلفتها الأخيرة لما وصفته بالإرهاب البوذى، مسلطة الضوء على إشعال الرهبان البوذيين المتشددين للعنف ضد المسلمين فى آسيا. وقالت إنها اكتشفت خلال تحقيق امتد على مدار شهرى مايو ويونيو الماضيين أن البوذية المعروفة بالدعوة إلى السلام والتسامح قد لطخها فى عدة دول آسيوية «تيار متطرف» يحرض على العنف ضد المسلمين غالبا. وأوضحت «تايم» أن زعيم هذا «التيار المتطرف» فى ميانمار راهب بوذى يدعى ويراثو (46 عاما) والذى يقود حاليا حركة 969 البوذية القومية المتطرفة التى تستمد اسمها من أرقام ذات مدلولات دينية بوذية، وهى تسعى لتطهير البلاد عرقيا من المسلمين الذين تتهمهم بتحطيم المجتمع البوذى. ووصفت المجلة «ويراثو» بأنه يحمل رسالة كراهية عميقة حيث يرى المسلمون الذين يشكلون 5% على الأقل من السكان البالغ عددهم نحو 60 مليون شخص، على أنهم يمثلون تهديدا للدولة وثقافتها. ونقلت عنه قوله إن «المسلمين يتكاثرون سريعا ويسرقون نساءنا ويغتصبونهن» إنهم يريدون احتلال دولتنا، ولكننى لن أسمح لهم بذلك. ينبغى علينا الحفاظ على الهوية البوذية لميانمار». وتقول المجلة إن رسالة «ويراثو» تلقى صدى واسعًا نتيجة لوجود شعور سائد بين الأغلبية البوذية بميانمار ودول آسيوية أخرى بأن دينهم يواجه تهديدا حيث إن الإسلام انتصر فى إندونيسيا وماليزيا وباكستان وأفغانستان - كلها كانت دول بوذية سابقا - وأنه قد يسقط دول أخرى. وحتى دون وجود دليل، يتخوف القوميون البوذيون من تزايد أعداد المسلمين بشكل أسرع منهم ويتخوفون من أن تمدهم دول الشرق الأوسط بالأموال لبناء مساجد جديدة. ووفقا للمجلة، فإن الحلم بطرد المسلمين وتأكيد هيمنة البوذية هو ما يحرك حركة «القوة البوذية» أقوى الحركات القومية البوذية المتطرفة فى سريلانكا والمسماة اختصارا «بى بى إس»، والتى تتبنى شعار سريلانكا للبوذيين وتطالب بعزل الأقلية المسلمة، كما أنها أطلقت عبر موقع «فيس بوك» دعوات لرفض العادات والتقاليد الإسلامية فى سريلانكا وخاصة الأطعمة الحلال وحجاب النساء. وفى المؤتمر السنوى للحركة فى فبراير الماضى، تعهد كل الرهبان المشاركين بالدفاع عن «دينهم». وتقول المجلة إن الرهبان المسئولين عن أعمال العنف فى سريلانكا لم يتم توجيه أى اتهام لهم نتيجة لتعزز العلاقة بين المعابد البوذية والدولة، مشيرة إلى أن وزير الدفاع السريلانكى جوتابايا راجاباكسا كان ضيف الشرف بالحفل الافتتاحى لأكاديمية القيادة البوذية التى أسستها «بى بى إس» وأشار إلى الرهبان بوصفهم «حماة البلاد والدين والعرق». وبالمثل فى تايلاند ، توطدت العلاقة بين قوات الأمن والرهبان لدرجة أن بعض المعابد البوذية تستخدم كمراكز لقيادة عمليات الجيش التايلاندى.