ييوم أو يومان، أسبوع او أسبوعان وسوف تتجاوز الأحداث فض اعتصام ميدانى رابعة العدوية والنهضة، لكن الأحداث لن تتجاوز البشر الذين يصنعوها، وسوف تطرح الأيام القادمة سؤال: وماذا يعد؟! ماذا بعد رابعة العدوية والنهضة؟ هل سيظل تيار الإسلام السياسى على عناده فيخسر أكثر مما خسره حتى يصل إلى مرحلة الانتحار السياسى والانتحار المجتمعى؟ وهل سيحارب الإخوان المسلمين إخوانهم المصريين فى صراع ضد الحكومة ونظام الحكم الانتقالى؟! لقد أخطأوا فى الحكم وأعطوا الفرصة لخصومهم السياسيين أن يسقطوهم وعليهم أن يدركوا هذا ويدركوا أيضًا أن الصراع صراعًا سياسيًا وليس صراعًا ضد الوطن، وإذا ما أدركوا هذا فعليهم أن يصححوا أوضاعهم على الفور ويبادروا بالاعتذار والعودة ليس إلى صفوف المصريين فقط ولكن إلى صحيح الإسلام الذى يقدمون أنفسهم واجهة ودليلا له. **** كواليس فض اعتصامى رابعة العدوية والنهضة ساعات الدم.. والدموع ===== أقل ما يمكن وصفه أنه يوم دام، عاشته مصر عقب فض اعتصام أنصار الرئيس المعزول محمد مرسى فى ميدانى رابعة العدوية والنهضة.. الصدمة كانت كبيرة عندما تجولت «أكتوبر» فى شوارع القاهرة عقب ساعات من الأحداث إذ كانت رائحة الدم والدخان تنتشر فى كل الشوارع بعدما أصرت جماعة الإخوان أن تحرق الأخضر واليابس لتؤكد حجم الجرئم الذى ارتكبته بحق هذا الشعب الذى كان مخدوعًا فيها.. ساعات قليلة لكنها كانت طويلة فى تفاصيلها وقد التقينا بشهود عيان على جرائم الإخوان وعلى أحداث فض الاعتصام حيث أشادوا بدور الشرطة والجيش والتعامل بإنسانية مع المتظاهرين كما رصدنا ردود أفعال بعض أنصار المعزول، إضافة إلى آراء بعض الخبراء لتشخيص المشهد السياسى. جولة «أكتوبر» بدأت عقب أحداث فض الاعتصام مباشرة وكانت ردود الأفعال من المحسوبين على التيارات الإسلامية عنيفة إذ تم رصد مسيرة من ألف شخص متجهة إلى اعتصام مدينة نصر (رابعة العدوية) مرددين بعض الشعارات المحرضة ضد قوات الشرطة والجيش، وقد قام الأهالى من فوق كوبرى بورسعيد بالعباسية باعتراضهم مما أحدث بعض الإصابات من الجانبين. والجدير بالذكر أن حركة المرور بمعظم شوارع القاهرة التى رصدنا فيها الأحداث كانت شبه طبيعية بينما كانت تخيم على بعض المناطق المزدحمة حالة من الفزع بين المواطنين، وحث أفراد الأمن فى محيط العمارات المواطنين بعدم الظهور فى الشرفات خوفًا عليهم من الإصابة من قنابل الغاز أو الطلقات النارية التى كنا نسمع صوت دويها فى بعض المناطق. وقد وصلت سيارة «أكتوبر» إلى مكان الأحداث لاحظنا إغلاق جميع الشوارع المؤدية إلى ميدان رابعة العدوية منها شارع النصر والخليفة المأمون والاتحادية وشارع الاستاد وصلاح سالم وكلية البنات وجسر السويس وشارع العروبة مع ملاحظة وجود قوات الجيش بمدرعاتها وأيضًا قوات الشرطة التى كانت تسمح بالخروج الآمن للمعتصمين بينما تمنع عودتهم إلى أماكن تمركزهم السابقة، وقد تلاحظ اندلاع اشتباكات بين قوات الأمن والمتظاهرين فوق كوبرى أكتوبر مع حالة من الكر والفر من المتظاهرين لمنعهم من دخول شارع النصر المؤدى إلى ميدان رابعة العدوية مما أحدث بعض الإصابات للمتظاهرين نتيجة الاختناق من الغاز المسيل للدموع. وقد قام المتظاهرون بإحراق بعض السيارات الموجودة فوق كوبرى أكتوبر ورميها من أعلى الكوبرى. وقد صرح مصدر عسكرى فى محيط رابعة العدوية بأن جرائم الإخوان لن تهز هيبة الدولة ولا يمكن السكوت عنها لأنها تهدد الأمن القومى. كما تلاحظ انتشار البلطجية وحاولوا أكثر من مرة التعرف على هويتنا ومنعنا بعضهم أكثر من مرة من القيام بأعمالنا وإلتقينا بأحد شهود العيان من سكان رابعة العدوية فقال إن السكان عاشوا فى حالة من الفزع والقلق خلال الشهر الماضى من جراء عنف وتحريض جماعة الإخوان المسلمين وكانت سيارات الإسعاف متواجدة داخل مكان الأحداث لنقل المصابين فى التو والحال دون تفرقة بين أحد. وقد قام معتصمو رابعة العدوية بمنع معظم القنوات والصحف المصرية من التواجد معهم وقالوا نحن نريد القنوات والصحف الأجنبية فقط ولكن القنوات والصحف المصرية قامت بقدر المستطاع بالبث المباشر لتفويت الفرصة على جماعة الإخوان المسلمين فى تقمص دور الضحية كما اعتادت من قبل مساندة قناة «الجزيرة» و«CNN» وغيرها لتزوير الواقع لكسب وتأييد الرأى العام العالمى لصالح جماعة الإخوان. شهود عيان يقول الحاج محمد محمود سيد أحد شهود العيان منذ بدأ فض الاعتصام والإخوان تجردوا من الإنسانية وقد شاهدتهم وهم يحتمون بالنساء والأطفال خلال فض الاعتصام مع محاولة تكرار سيناريو جمعة الغضب يوم 28 يناير 2011 بمحاولة إخراج المساجين لإقامة الفوضى والرعب فى الشارع إلى جانب قيامهم بإحراق بعض الكنائس ومهاجمة مبانى ومنشآت حيوية للدولة فى عدة مناطق ومحافظات مختلفة. فوق كوبرى 15 مايو ونحن متجهون إلى شارع جامعة الدول العربية بالمهندسين رأينا حركة المرور عادية ولا يوجد أى معوقات فوق الكوبرى رغم أنه بمجرد فض اعتصام النهضة لأعضاء من جماعة الإخوان المسلمين بالفرار إلى ميدان مصطفى محمود وشارع جامعة الدول العربية ومعهم مجموعة من المسلمين كما يقول أحد شهود العيان استخدموا الأسلحة وهاجموا رجال الشرطة وشوهد قيام مجموعة منهم بسحل ضابط شرطة بعد الاستيلاء على سيارة الدورية الخاصة كما كان يتحصن مجموعة من الإخوان على أسطح عمارات مصطفى محمود ويطلقون النار بشكل عشوائى وقد سقط عدد من القتلى والجرحى فى ميدان مصطفى محمود. وتجولت «أكتوبر» فى الميدان وشاهدت إشعال النيران فى سيارة وبعض إطارات السيارات وخلع الأرصفة التى تم استخدامها كحواجز ومصدات لهم مع عمل منصة يلقى عليها بعض قياداتهم شعارات تحريض ضد الجيش والشرطة، كما شاهدنا بعض القتلى والمصابين فى المستشفى الخيرى لمصطفى محمود إضافة لوجود آثار دماء بكثافة فى ممرات المستشفى وقد استطاعت «أكتوبر» أن ترصد أسماء بعض القتلى وهم: مصطفى عبد الفتاح عمار (كرداسة» عبد العزيز صميدة سليمان (البراجيل) محمود محمد محمود عيسى (كرداسة) أحمد محمد فرج (منشية القناطر) أحمد يوسف محمد عطية (بولاق الدكرور) صبرى رحيم سنوسى (منشية القناطر) حسن على الوارث (ناهيا البلد) وهذه الأسماء كانت مدونة فى الكشف الموجود بإحدى حجرات الكشف الطبى بمركز مصطفى محمود الخيرى الطبى بجانب عشرات القتلى كان هناك اصابات متفرقة فى الجسم لبعض المواطنين وأوضح محمد مغاورى أن ما حدث لا يرضى أحدا ولا يدعو له أى دين ومخالف لجميع القوانين الدولية والإسلامية، يذكر أنه تم إطلاق النار بكثافة من قبل قوات الأمن أثناء تواجدنا فى شارع جامعة الدول العربية. ...وأوضح محمد أحمد عوض - إمبابة?- أننا فوجئنا بمدرعة شرطة تهاجم المتظاهرين وتطلق النار عليهم بدون أى سبب موضحًا أنه جامعة الدول فارغ طلقات النار وهو 12 ملى ميرى». وأضاف هل هذا يرضى الله بأننا نموت من طلقات النار التى ندفع ثمنها من ضرائبنا مشيرًا إلى أنه يجب على قوات الأمن أن تتقى الله فينا لأننا مصريون مثلهم لأن الذى حدث يعتبر مجزرة ضد مبادئ الإنسانية. وقال إنه كلما سالت الدماء زاد العنف أكثر. ...وعصام محمد خفر - خياط- قال:تواجدت بميدان رابعة العدوية منذ الانقلاب على شرعية الصندوق (على حد وصفه) وشاهدت هجوم قوات الأمن على المتظاهرين بالقوة وحرق الخيام وإطلاق أعيرة نارية وطلقات مسيلة للدموع بكثافة لم يشهدها تاريخ مصر من قبل مهددًا قوات الأمن بأنهم حفروا قبرهم بأيديهم ومتعهد بأخذ الثأر منهم بأى طريقة وسيكون هناك خطوات تصعيدية فى ميادين مصر لا يعرف أحد عقباها. وقال أن قوات الأمن قامت بهدم جميع المصدات التى كانت تحمهم، متسائلًا هل أجرمنا بالمطالبة برجوع الرئيس مرسى إلى الحكم؟ وأضاف لآخر لحظة كنا معتصمين سلميين فلماذا تم الاعتداء علينا؟. ...السيد كريم - محاسب - ناشد قوات الأمن بتوخى الحذر لانهم يتعاملون مع مصريين وليس يهودًا، مشيرًا إلى أنه كان يجب على القيادة السياسية وضع حل يرضى جميع الأطراف دون إقصاء أحد لقد كنا نتفادى إراقة الدماء، وعما يتردد من إرتباط جماعة الإخوان المسلمين بحركة حماس قال: هذا كذب وإفتراء من الإعلام الفاسد المضلل لأننا لسنا أقل وطنية من أى مصرى وقال أنه بعد هذا الهجوم من قبل قوات الأمن على ميدانى رابعة العدوية والنهضة سيكون هناك رد فعل سلبى لا يتوقعه أحد بسبب ما وصفه لمجزرة التى حدثت لمواطنين مصريين شرفاء؟ وعن توقعه والمعتصمين فض هذا بالاعتصام رغم هذه الأعداد من جماعة الإخوان وأنصارهم قال: منذ عشرة أيام وسمعنا تهديدات من المسئولين بفض هذا الاعتصام بالقوة ولكننا لم نتوقع ذلك وخصوصًا أننا معتصمون سلميون. ... محمود جميل محمد - طالب قال إن فض اعتصام النهضة ورابعة العدوية نفذ بغدر (بحسب وصفه) من قبل قوات الأمن مستغلين التظاهر السلمى وكنت أرغب فى قرار سياسى حكيم يرضى جميع الأطراف بعيدًا عن الانحياز لفئة ضد الأخرى. وقال إن فض الاعتصامين ليس هو المشكلة ولكن المشكلة ما سيحدث بعد ذلك على مستوى الجمهورية من أنصار د. محمد مرسى مشيرًا إلى أنه بمثابة النفخ فى النار التى ستحرق الجميع. «أكتوبر» استطلعت آراء عدد من الخبراء والمحللين الاستراتجيين والسياسيين حول خطة فض اعتصامى رابعة والنهضة والظروف التى أحاطت بها. ..فى البداية أوضح اللواء محمد ربيع الدويك الخبير الأمنى أن عمليات فض الاعتصامين تأخر موعدها لأكثر من عشرة أيام لأنه كان يلزم اتخاذ الاحتياطات اللازمة لمواجهة احتمالات ردود الفعل معتبرًا أن هذا قصور فى إدارة الأزمة وكان يجب الاستعانة بكثرة الخبرات الأمنية الأمر الذى كان سيقلل الخسائر إلى ما هو أقل من 50% وأضاف الدويك: كان لابد من الالتزام بالنصوص التى تتيح استعمال السلاح لمواجهة حالة مقاومة السلطات وذلك لمواجهة ترسانة الأسلحة الآلية حيث كان فى الاعتصامين كميات كبيرة من الأسلحة والرشاشات والجرينوف والإم60 والبنادق القناصة ولا يعقل أن تكون مواجهة الأشخاص الذى يستخدمون هذه الأسلحة بالغازات المسيلة للدموع ولكن كان لابد أن يكون فى الخطة مواجهة السلاح وبالسلاح المناسب وهو الأمر الذى كام سيحسم الموقف وتقليل الخسائر لما دون 50 % وذلك فى الأرواح وكذلك فى المدرعات وسيارات الشرطة. وأكد على ضرورة اشتمال الخطة على مواجهة أية احتمالات للهجوم على المنشآت الأمنية والأقسام والمراكز والسجون لأن المواجهة مع تنظيم إرهابى مسلح أدمن الاغتيالات وسفك الدماء وهدد صراحة من على منصة رابعة العدوية بأن الدم سيكون بحورًا فكان لابد من أن تكون التعليمات صريحة للضباط والحراسات باستعمال إطلاق النار فى مواجهة إطلاق النار. وأكد الدويك أن الكنائس ومنازل ومتاجر المسيحيين مستهدفة من قبل التنظيمات الإرهابية كجزء من عقيدتهم من ناحية ومن ناحية أخرى ابتغاء الفتنة وإشعال الحرب الطائفية بين المسلمين والمسيحيين فكان لابد من تعزيز الحراسات وتكثيف الخدمات وتنشيط القوات وتحديد التعليمات وتوسيع دائرة الاشتباه حول هذه الأماكن ونعنى الاشتباه بشقية الجنائى والسياسى. وأضاف: كان لابد أن يتم توجيه ضربة لإجهاض مخططات رؤوس وقيادات التنظيمات الإرهابية وإلقاء القبض عليهم فى جميع المحافظات قبل فض المعتصمين فى كل من رابعة والنهضة لأن هذه الخطوة كانت ستقلل الخسائر فى الأرواح وفى الممتلكات فى جميع محافظات الجمهورية مؤكدًا على ضرورة تعزيز جميع الخدمات على الأماكن الهامة والمنشآت الحكومية التى تستهدف فى كل عمل إرهابى مثل المحاكم ومبانى المحافظات والوحدات المحلية والمستشفيات بالإضافة إلى أقسام الشرطة والكنائس. من جانبه، أكد اللواء حسين غباشى الخبير الاستراتيجى أن فض اعتصام رابعة العدوية وميدان النهضة هو بمثابة نصر عظيم للقوات المسلحة والشرطة وخصوصًا بعد النداءات الكثيرة لفض الاعتصامين سلميًا لإعاقتهما حركة الشوراع المجاورة وتحويلهما إلى مشكلة من المشكلات التى تواجه سكان العمارات المجاورة لهم. وأضاف أنه كان يجب فض هذا الاعتصام بأى طريقة وخصوصًا بعدما قامت جماعة الإخوان المسلمين بتفويت الفرصة تلو الأخرى للاستجابة لأى نداء سلمى منذ شهر ونصف الشهر مشيرًا إلى أنهم قاموا ببناء بعض الحوائط الخرسانية مع وجود كميات من الرمل والمصدات كأنهم يعيشون فيها للأبد وذلك بهدف إثارة مشكلة يعانى منها المواطن يوميًا. وقال غباشى إننى أكن كل احترام وتقدير وإجلال للقوات المسلحة وقوات الشرطة على التمويه وسرية تنفيذ فض الاعتصام مقدمًا تعازيه للشهداء من الشرطة والجيش الذى بلغ عددهم 43 فردًا منهم 18 ضابطًا. وأوضح اللواء عصام بدوى الأمين العام للموانى العربية أن فض اعتصام رابعة والنهضة كان إجراء صحيحًا مائة فى المائة من جانب قوات الأمن وخصوصًا بعد التعامل المدروس مع المعتصمين والذى قلل كثيرًا من أعداد القتلى والمصابين حيث كنا نتوقع أكثر من ذلك بسبب أعدادهم الكبيرة. وقال إن خداع التوقيت وسرية الخطة كانت محسوبة بطريقة دقيقة ولذا كانت نتائجها مبهرة، مؤكدًا أنه كان يجب على جماعة الإخوان المسلمين الاستجابة مبكرًا حتى نتجنب إراقة الدماء لأن الدم المصرى غالٍ، كما كنا نتمنى من جماعة الإخوان الرجوع عن عنادهم ومشاركة المصريين فى هذا التحول الديمقراطى والمشاركة فى الحياة السياسية مخاطبًا قيادات جماعة الإخوان بالعودة إلى العقل حتى نتخطى هذه المرحلة.