لم تكن تفصل الرئيس الإيرانى الجديد «حسن روحانى» عن مراسم تنصيبه سوى ساعات قليلة، حتى أثارت تصريحاته التى وصفت إسرائيل بالجسم الغريب الذى يجب استئصاله من العالم الإسلامى تعليقات اتهمته بأنه يسير على خطى الرئيس المنتهية ولايته «محمود أحمدى نجاد» حيث تشبه تصريحاته فى حدتها المشاعر المعادية لإسرائيل التى كان يرددها نجاد. فى الوقت الذى سارعت وسائل الإعلام الحكومية فى إيران إلى التخفيف من حدة تصريحات روحانى، وقالت إن التصريح قد تم تحويره. أما على الجانب الأخر، يرى بعض المراقبين أن بداية رئاسة «روحانى» تضع نهاية لعصر أحمدى نجاد الذى أصبحت إيران خلال حكمه فى عزلة وتعرضت للكثير من العقوبات، حيث تأمل الدول الغربية فى ظل حكم الرئيس الجديد أن تؤدى الطرق الدبلوماسية إلى التوصل لاتفاق يحد من برنامج إيران لتخصيب اليورانيوم لتجنب نشوب حرب فى المنطقة خاصة بعد التصريحات التى أدلى بها روحانى عقب فوزه فى الانتخابات التى جرت فى 14 يونيو الماضى والتى أعلن فيها أنه سيبدأ مرحلة جديدة من الاعتدال وأن حكومته ستعمل على رفع العقوبات الظالمة التى فرضتها الدول الغربية وأنه مستعد لإجراء مفاوضات مباشرة مع الولاياتالمتحدة وزيادة حجم الثقة المتبادلة بين إيران والدول الأخرى. ولكن يبدو أن كلمات روحانى لم تكن كافية للتأثير على أعضاء مجلس النواب الأمريكى، والذى وافق الإسبوع الماضى بأغلبية ساحقة على مشروع قانون لتشديد العقوبات على إيران موجها رسالة قوية إلى طهران بخصوص برنامجها النووى قبل أن يؤدى الرئيس الإيرانى المنتخب اليمين والذى تولى مهامه رسميا فى مراسم تنصيب جرت برعاية المرشد الأعلى للثورة الإسلامية «على خامنئى» وبحضور عدد من رؤساء الدول وكبار المسئولين، إلا أن الجديد هذه المرة أن الدولة الإيرانية أرسلت دعوات للمرة الأولى لممثلين عن الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبى لحضور مراسم احتفال تنصيب الرئيس الجديد فى سابقة لم تشهدها إيران منذ الإطاحة بالشاه وبدء الجمهورية الإسلامية على يد الإمام الخمينى. ومن جهة أخرى، جاء توقيع 131 من أعضاء الكونجرس الأمريكى على رسالة موجهة إلى البيت الأبيض تدعو الإدارة الأمريكية الى تعزيز الدبلوماسية فى التعامل مع إيران فى عهد الرئيس الجديد، ليشكل مفاجأة جديدة، فى الوقت الذى تعتبر معارضة الكونجرس تقليدية لرفضها الدائم لأى تساهل فى السياسة الأمريكية تجاه إيران، حيث انتقد أعضاء فى الكونجرس المشروع معتبرين أنه يوجه رسالة عدائية إلى إيران التى انتخبت روحانى وهو رجل دين يعتبره الكثيرون أكثر اعتدالا من الرئيس السابق أحمدى نجاد. وقال مسئول كبير فى الإدارة الأمريكية، إن البيت الأبيض لا يعارض عقوبات جديدة من حيث المبدأ لكنه يريد إعطاء فرصة لروحانى وأن التعجيل بفرض عقوبات على إيران من قبل أن يتولى روحانى منصبه رسميا قد يلحق ضررا بالجهود الرامية لنزع فتيل المسألة النووية. وما زال يتعين أن يوافق مجلس الشيوخ على المشروع وأن يوقعه الرئيس الأمريكى باراك أوباما قبل أن يصبح قانونا، حيث يقضى هذا المشروع بخفض صادرات إيران النفطية بمقدار مليون برميل يوميا إضافية فى محاولة لتقليل تدفق الأموال إلى البرنامج النووى، وهو أول مشروع للعقوبات يحدد رقما لحجم الخفض فى صادرات إيران من النفط. وبطبيعة الحال، وحسب المحللين سيتوقف الكثير من النتائج على قدرة روحانى على كسب مساحة للمناورة فى ظل العقوبات الصارمة، حيث يفترض أن يبدأ روحانى بحل الخلافات حول البرنامج النووى، وأن يثبت للغرب أنه جاد فى فتح باب الحوار والتفاهم ومحاولة الوصول إلى حل يرضى جميع الأطراف مرورا بإنعاش الاقتصاد وصولا إلى احترام حقوق الإنسان وتخفيف القيود على وسائل الإعلام ومحاولة كسب المحافظين المتشددين والمعتدلين على حد سواء، علاوة على ضرورة موافقة المرشد الأعلى على كل القرارات الاستراتيجية حيث ينص الدستور الإيرانى على أن صلاحيات الرئيس محدودة فيما يتعلق بالملفات الاستراتيجية وفى مقدمتها الملف النووى الذى يعود القرار النهائى فيه إلى المرشد الأعلى للثورة على خامنئى.