حالة من الصدمة أصابت العالم بسبب قيام الولاياتالمتحدة بالتجسس على حلفائها من الدول الأوروبية، وإذا كان البعض يتقبل أن تقوم بذلك مع دول معادية مثل روسيا أو فنزويلا أو الصين، لكن أن تقعل ذلك مع دول حليفة طالما وقفت بجانبها وساندتها، فهذا هو السؤال الذى ربما تبحث عن إجابته تلك الدول وربما العالم أجمع. وكانت صحيفة «جارديان» البريطانية نشرت وثيقة - سربها سنودن- يرجع تاريخها إلى عام 2010 من وكالة الأمن القومى احتوت على قائمة تضم 38 سفارة وبعثة كانت أهدافا للتجسس الأمريكى، من بينها سفارات وبعثات الاتحاد الأوروبى فى نيويوركوواشنطن، والسفارات الإيطالية والفرنسية واليونانية، كما تعرض حلفاء الولاياتالمتحدة مثل كوريا الجنوبية واليابان والمكسيك والهند إلى الشىء نفسه، وذكرت الوثيقة أن ألمانيا جرى تصنيفها «عدوا فى حرب باردة»، وأنها شريك من درجة ثالثة، تتقدم عليها دول مثل كوريا الجنوبية واليابان و دول أخرى من العالم الثالث. وأثار الكشف عن معلومات عن عمليات تنصت ومراقبة هيئات أوروبية قامت بها وكالة الأمن القومى استياء واسعا لدى الأوروبيين، وأدان البرلمان الأوروبى بشدة تجسس الولاياتالمتحدة على ممثليات تابعة للاتحاد الأوروبى، مطالبا واشنطن بتوضيح حول هذه الممارسات، وفى قرار تم تبنيه بتأييد 483 نائبا ومعارضة 93 أدان البرلمان بشدة التجسس على ممثليات تابعة للاتحاد الأوروبى، وحذر النواب الأوروبيون من أنه فى حال تأكدت هذه المعلومات فإنها ستؤثر على العلاقات عبر الأطلسى، وطلب البرلمان من واشنطن توضيحات فورية حول ادعاءات تجسس الولاياتالمتحدة على مؤسسات ومواطنين أوروبيين، كما قال مسئول أوروبى لوكالة فرانس برس «إذا تبين أن الأمريكيين تجسسوا فعلا على حلفائهم، فسيخلف ذلك أضرارا سياسية، ذلك الأمر يتجاوز إلى حد كبير احتياجات الأمن الوطنى.. إنه انهيار للثقة وقد يؤدى إلى أمور خطيرة جدا.. مضيفا، أعتقد أن الأمريكيين أدركوا جيدا أنه أمر خطير ونحن ننتظر رد واشنطن. الاستياء الأوروبى لم يشمل المسئولين والمواطنين فقط، وإنما امتد ليشمل الصحف الأوروبية، حيث انتقدت الصحافة الأوروبية عمليات التجسس الأمريكية على ممثلى الاتحاد الأوروبى، ونشرت صحيفة «لوموند» الفرنسية افتتاحية بعنوان «العم سام يتصرف بطريقة رديئة جدًا، جدًا»، وذكرت الصحيفة أن من المناسب بين الأصدقاء أن يكون هناك تبادل للمعلومات بما لا حاجة معه لأن يتنصت أى منهم على الآخر، وأضافت: أن تصنيف الأوروبيين على أنهم مشمولون ضمن الأهداف المطلوب التجسس عليها من قبل الوكالة الأمريكية موقف لا يناسب العلاقة بين حلفاء، وقالت «لوموند» إن إدارة أوباما التى يعصف بها السجال حول قضية «سنودن» منذ شهر مطالبة اليوم بتقديم تفسيرات كافية لما جرى ليس فقط لمواطنيها، وإنما أيضًا لحلفائها، وخاصة أن الأوروبيين معروفون بأن حماية حقوق الخصوصية الشخصية تنال لديهم اهتمامًا أكبر مقارنة بالأمريكيين، كما أن من حقهم أن يكونوا أكثر حساسية تجاه هذا التعدى من قبل وكالة استخبارية تابعة لبلد يفترض أن يكون حاميًا لهم. أما «لوفيجارو» الفرنسية فتساءلت عما إذا كان الأمريكيون يتجسسون بالفعل على حلفائهم الأوروبيين، وما إذا كان ذلك صحيحا وهل الأمر حديث العهد وهل هو خطير، معتبرة أن الأمر يمكن أن تكون له عواقب وخيمة على العلاقات عبر الأطلسى، فى الوقت الذى من المقرر أن تنطلق فيه المفاوضات بين الاتحاد الأوروبى والولاياتالمتحدةالامريكية بغرض إحداث منطقة تبادل حر طموحة . من جانبها، اتخذت صحيفة «هيت لاست نيوز» البلجيكية موقفا عنيفا، حيث أكدت على ضرورة أن يكون هناك رد فعل فورى من قبل الاتحاد الأوروبى، ودافعت عن فكرة تعليق المفاوضات حول اتفاقية التبادل الحر مع الولاياتالمتحدةالأمريكية، معتبرة أن ذلك سيكون أول خطوة ذات دلالة من قبل أوروبا التى لا يمكنها أن تستمر وكأن شيئا لم يحدث، وبنفس النبرة الحادة علقت صحيفة «هيلبورنر شتيمه» الألمانية، فذكرت أن الولاياتالمتحدة خرقت القانون، وهى قضية يجب أن تنظر فيها محكمة العدل الدولية، وأنه على المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ألا تتسامح بهذا الشأن.