بعد انتصار إرادة الشعب فى خلع الرئيس د.محمد مرسى بعد عام واحد من توليه رئاسة الجمهورية لفشله فى إدارة البلاد، وعدم تحقيق طموحات رجل الشارع فى العدالة الاجتماعية والتصدى لمشاكله.. والمضى فى تمكين أهله وعشيرته من الإخوان المسلمين من مفاصل الدولة فى الوزارات والمحافظين والإعلام والقضاء.. وعناده فى الدعوة لانتخابات رئاسية جديدة.. أصبح السؤال الآن: ما هى الخطوات المهمة التى يجب علينا تحقيقها فى الأيام القادمة؟. أحسب أننا يجب أن نطوى صفحة الخلافات والانقسامات والتشرذم والتفرق التى سادت حياتنا السياسية والحزبية خلال السنة الماضية بسبب جماعة الإخوان المسلمين.. وأن نعود إلى رشدنا واتحادنا لتحقيق الأمن والأمان والاستقرار لهذا البلد الذى عانى شعبه كثيرا منذ ثورة 25 يناير وحتى الآن بسبب هذه الانقسامات. وأظن أن أهم المكاسب التى تحققت على أرض الواقع من خلال ثورة 30 يونيه.. هى عودة الثقة بين الشعب وجهاز الشرطة والشعب وقواته المسلحة. فالشرطة استطاعت استيعاب الدروس مما حدث فى ثورة 25 يناير 2011.. ولم تكن هذه المرة سوطا أو جلادا على الشعب فى ثورة 30 يونيه.. وأعلنوا بكل صراحة رفضهم أن يكونوا أداة فى يد الحاكم يقمع بها الشعب.. ولكنهم فى هذه الثورة كانوا فى خدمة الشعب وحماية ثورته وتأمينها من البلطجية والمتهورين والموتورين. والحمد لله أن عادت هذه الثقة حتى يعود الأمن إلى ربوع بلادنا التى عانى الناس فيها من هذا الانفلات الأمنى ومن العصابات وقطاع الطرق والبلطجية والفتوات! أما ثانى مكتسبات هذه الثورة أن القوات المسلحة المصرية أعلنت أنها لا تريد أن تكون طرفا فى الصراع السياسى الذى يدور بين التيارات السياسية والحزبية والدينية.. وأن رجال القوات المسلحة حددوا دورهم فى حماية حدود الوطن والسهر على سلامته.. وأنها لا ترضى أن تخرج عن دورها المرسوم لها فى الفكر الديمقراطى الأصيل النابع من إرادة الشعب على حد قولهم. وهذا ما أعلنه الفريق أول عبد الفتاح السيسى وزير الدفاع والقائد العام للقوات المسلحة منذ بداية تصاعد الأحداث وتصميم الشعب على خلع الرئيس محمد مرسى الذى اعتبر أن ذلك انقلاب على الشرعية التى جاء بها. ولكن الحقيقة أن الشرعية كانت مع هذا الشعب الذى خرج فى مظاهرات سلمية وحضارية تطالب بضرورة تخلى الرئيس عن منصبه.. فالشعب هو مصدر السلطات، كما تقول كل الدساتير فى العالم. *** إننى أعتقد أن هذه الثورة الشعبية التى شاركت فيها كل طوائفه.. لا تريد إقصاء أحد أو استبعاد أحد من المشهد السياسى، ولكن هذه الثورة تمد يدها إلى كل الفصائل السياسية والحزبية والدينية بما فيها «الإخوان المسلمين» فهم منا وأبناء هذا الوطن.. وقد أتيحت لهم الفرصة كاملة لتحقيق حلمهم فى الوصول إلى الحكم والحصول على أغلبية برلمانية فى مجلسى الشعب والشورى وكانوا الأغلبية فى الجمعية التأسيسية لإعداد الدستور.. ولكنهم للأسف الشديد أرادوا تجريف مصر من كل رموزها الذين يختلفون معهم.. وقلدوا أهل ثقتهم لصالح الإخوان واستبعدوا كل الكفاءات وهو نفس الخطأ الذى وقع فيه النظام السابق.. وهى نفس الخطوات التى كان يتبعها الحزب الوطنى المنحل خاصة فى السنوات الأخيرة.. ولكن جماعة «الإخوان المسلمين» يبدو أنهم لم يقرأوا التاريخ جيدا ولم يتعلموا دروسه جيدا فوقعوا فى نفس الأخطاء.. وكان أول درس أن هناك فرقا كبيرا بين إدارة الجماعة وإدارة الدولة المصرية.. *** إن جماعة «الإخوان المسلمين» جزء مهم من تاريخ هذا الشعب.. وكان لهم دور قيادى وجهادى على مدى 80 سنة.. ولكن يجب أن يعلموا أن مصر لكل المصريين.. وليست للجماعة فقط!