تعتبر أرض النقب التى تمثل 80% من الأراضى المتنازع عليها بالنسبة للإسرائيليين هى الملاذ الرئيسى لدولة إسرائيل التى لا يمكنها بدونها إقامة المخطط الصهيونى، ومنذ عام 1948 تسعى إسرائيل إلى تهجير سكان النقب الذين بلغ المهجرون منهم حوالى 90 ألفا وأصبحوا يعيشون ناحية منطقة السياج أى باتوا مهجرين فى وطنهم. وتصاعدت الأزمة منذ عامين، ففى عام 2011 أطلقت لجنة براوير برئاسة إيهود برافر نائب الرئيس الإسرائيلى السابق لمجلس الأمن القومى فكرة مخطط قانون برافر للاستيطان فى النقب وتحويله من مخطط كان يهدف الاعتراف بعدد من القرى فى النقب كما جاء فى توصيات لجنة جولدبيرج الإسرائيلية عام 2008 إلى قانون يحكم على معظم سكان القرى التاريخية بالتهجير عنوة بحجة أنها غير معترف بها الى البلدان العربية القائمة فى النقب، كما أدى إلى تشريد 70 ألفا من المدنيين العرب من منازلهم وأراضيهم، بحجة القيام بتسوية مزعومة لهذه الأراضى عام 2012، ليثبت به من لديه الحق فى ملكية الأراضى والمطالبة بها وما هو الحد الأدنى للتعويضات التى يتلقونها البدو عنها ونقلهم إلى مدن بدوية تضاهى القرى التى كانوا يعيشون بها، كان هذا المظهر الخارجى للمشروع فهو ليس قانونًا من أجل التسوية ولكنه مشروع صهيونى جديد يتحول مع الوقت لالتهام الأراضى العربية وسلب وتشريد المجتمعات البدوية فى النقب التى تمتلك حقوقًا تاريخية فى أرضها وأرض أجدادها ويستحقون العيش بها بكرامة واحترام لحقوقهم وليس لهضمها. منذ هذا الوقت بدأت إسرائيل بإرسال قواعد عسكرية وسط النقب بحجة أن هناك قرى غير معترف بها قانونياً ولابد من محوها، وأرسلت قاعدة «كريات الاستخباراتية» ببئر سبع، ولاقى هذا اعتراضات ووقفات احتجاجية من قبل عرب النقب مازالت مستمرة حتى يومنا هذا، ومن هنا شجع قانون التسوية المزعومة للنقب على ما أطلقت عليه صحيفة معاريف «بالظاهرة»، وهو دخول المتدينين اليهود أو «الحريديم» للاستيطان داخل النقب وإنشاء ما أطلقوا عليه بالمدينة الدينية الجديدة على مرتفعات النقب، كما أن هناك عددًا كبيرًا من الطلاب الإسرائيليين تزجهم الحكومة الإسرائيلية إلى هناك من أجل القيام بأعمال اجتماعية تطوعية بجنوب النقب. واصبح «مخطط برافر» فى طريقه ليتحول إلى قضية دولية بعد تنظيم الفلسطينيين مظاهراتهم تضامناً مع بدو النقب، وتوجه على الفور أعضاء الكنيست العرب أيضاً وعلى رأسهم جمال زحالقة وعدوة إسرائيل اللدودة حنين زوعبى وباسل غطاس وأحمد طيبى، بخطابات سريعه وعاجلة لكل سفراء إسرائيل فى الدول الأجنبية المحيطة بهم للتدخل من أجل معالجة الموقف بالنقب ووقف عمليات هدم المنازل وتعطيل تنفيذ خطة براوير ففى الإسبوع الماضى فقط هدمت إسرائيل 18 منزلاً لبدو النقب مشردون الآن بلا مأوى منهم العشرات من العائلات والأطفال هاربين من تحت طائلة الرعب الذى يثيره صوت الجرافات الإسرائيلية. يأتى هذا بعد أن وافقت لجنة التشريع الوزارية مؤخراً على اعتماد «مخطط برافر» كقانون، وأقرت اللجنة فى نفس الجلسة بتحويل المخطط للكنيست لإجراء تصويت ومصادقة نهائية مما قد يعنى جعل المخطط قانون يرحل 30 ألف من عرب النقب من أراضيهم ونقلهم إلى توطين قسرى، وأدى ذلك إلى تنظيم وقفة احتجاجية الأسبوع الماضى وإعادة نيران المظاهرات الفلسطينية للاشتعال مرة أخرى أمام مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو من أجل المطالبة بحقوق بدو النقب الذين فرمهم العداء الصهيونى بوعوده الزائفة التى ترسم لهم مستقبل أفضل ومدارس وبيوت وبنيه تحتية جيدة، وسيجعل ذلك برافر يحل محلها الأيام القادمة المشاريع الصهيونية التى تخدم مصالح إسرائيل بالداخل. وهناك احتمالات بأن يتنهى مخطط برافر بالفشل الذريع فقد أكدت صحيفة معاريف الإسرائيليه أن قانون برافر يواجه اعترضات كثيرة من داخل إسرائيل على رأسها الاعتراضات التى أوضحها وزير الإسكان الإسرائيلى أورى أريئيل الذى يرى أنه قانون سيصيب إسرائيل بأضرار كثيره منها على المستوى المالى الذى لن يتناسب مع ميزانية الدولة وعلى المستوى الاجتماعى بإثبات تهمة التمييز العنصرى على إسرائيل ضد العرب، وعلى المستوى السياسى الذى سيحول القضية إلى قضية دولية ليست إسرائيل بحاجه لها الآن، كما أن هناك اعتراضات عديدة من جانب الفصيل اليمينى بالكنيست «البيت اليهودى» الذى تقوم جماعته على مبدأ الحفاظ على صورة اليهودى بدولة إسرائيل ويرون أن قانون برافر الجديد يضر بهذه الصوره أمام العالم، لأن ما سيحدث فى حقيقة الأمر هو إستيلاء على الأرضى بطريقة غير قانونية وهذا به إشارة كبيرة لفشل مشروع براور قبل أن يخرج أنفاسه الأولى إلى الحياة.