القرار المفاجئ الذى اتخذه وزير التربية والتعليم د. إبراهيم غنيم - من تلقاء نفسه - بإلغاء امتحان الشهادة الابتدائية من العام القادم دون نقاش أو حوار أو دراسة يدعونا إلى أن نتعجل فى إنشاء المجلس الوطنى للتعليم بأسرع وقت ممكن والذى يختص بوضع سياسات التعليم فى مصر ويلزم أى وزير يتولى وزارة التعليم بتنفيذها ولا يخرج عنها تجنبًا للأهواء والقرارت الفردية التى تؤخذ فى الغرف المغلقة واعتدنا عليها فى ال 25 سنة الماضية ويكون لها آثارها السلبية على العملية التعليمية. والحقيقة أنه عندما أعلن الوزير عن نيته لإنشاء هذا المجلس فإننى قد استبشرت خيرًا وشعرت أننى أمام رجل يريد أن يعمل وفق سياسات وليس أهواء وخاصة أنه - للحق - وزير نشط يعتمد فى متابعته للعملية التعليمية على أرض الواقع من خلال زيارات ميدانية للمدارس بجميع المحافظات بين الحين والآخر ليتلمس بنفسه السلبيات والإيجابيات حتى فوجئنا بهذا القرار الذى اتخذه بدون أى مقدمات أو سابق إنذار! وما يدعونى للدهشة والتعجب أن د. غنيم - وزير التربية والتعليم - قد استند فى قراره على نفس الحجج والمبررات التى استند عليها د. أحمد فتحى سرور وزير التربية والتعليم الأسبق عام 1988 عندما قرر إلغاء الصف السادس الابتدائى وهى: ترشيد الإنفاق ومحاربة الدروس الخصوصية وكأن التاريخ يعيد نفسه!! ولعلكم تتذكرون ما سبّبه قرار د. سرور بإلغاء السنة السادسة الابتدائية من إحداث سنة فراغ فى السلم التعليمى رغم التحذيرات التى أطلقها الخبراء وقتها إلا أنه ضرب بها عرض الحائط. هذه العشوائية فى القرارات تجعلنى أتعجل فى المطالبة بإنشاء المجلس الوطنى للتعليم لتفادى هذه - الفوجئية - التى لا يدرى المسئول عواقبها وآثارها «ويركب دماغه وألف سيف» لتنفيذ مايخطر على باله مهما كانت العواقب والمحاذير. وإننى على يقين بأن الوزير الذى سيتولى بعده سيلغى هذا القرار ويعيد امتحان الشهادة الابتدائية مرة اخرى.. والأيام بيننا.. وهذا ما ألفناه واعتدنا عليه فىال 25 سنة الماضية.. فإننا نلف حول أنفسنا.. فمرة يأتى وزير فيلغى السنة السادسة الابتدائى ثم يأتى آخر فيعيدها مرة أخرى لتصحيح هذا الخطأ ثم يأتى وزير آخر فيرى أن العيب فى العملية التعليمية فى الثانوية العامة فيجعلها من سنتين ثم من سنتين بنظام التحسين ثم يأتى وزير آخر ويعيد الثانوية العامة إلى السنة الواحدة.. والعرض مستمر.. لعدم وجود السياسات التى تلزم الوزير بتنفيذها والسير على خطاها بدلًا من السير حسب الهوى ومزاج سيادته. وعمومًا فإنه آن الأوان أن يكون لدينا مجلس وطنى محترم للتعليم يرسم السياسات التعليمية فى مصر ويحدد الأهداف تجنبًا لهذا « العك» الذى تشهده العملية التعليمية.