«لو كان الفقر رجلا لقتلته» عبارة على بن أبى طالب رضى الله عنه وأرضاه فالفقر يزل أعناق الرجال ويطغى على صفة الأصالة فيهم. وهو سبب أساسى فى حالة الانفلات الأخلاقى والأمنى الذى تعيشه بلادنا حاليا ويتمثل فى تثبيت السائقين وتهديد الآمنين ووغش السلع وتقليد العلامات التجارية لدى طوائف من الناس أعماهم حب الدنيا وجمع المال بالغش والتدليس والخروج عن القانون وإيقاع الضرر بالغير. أصاب العطب غسالتين فى منزلى، فاستدعت ست البيت مندوب شركة صيانة قرأت إعلانا عنها فى الإعلانات المبوبة بجريدة الأهرام، وبسرعة دق الباب مهندس ومرافق له من الشركة.. كشفا على الغسالة وقالا تحتاج قطعة غيار ثمنها 190 جنيها ويلزم نقلها إلى مقر الشركة أما الثانية فتحتاج صماما ثمنه 900 جنيه ورفضت سيدة المنزل استكمال المقاولة مع أن المهندس ومرافقه قد أتينا فى سيارة تحمل اسم الشركة التى أنتجت الغسالة لكنها دفعت رسم زيارة 120 جنيها ورجعت ست البيت إلى الإنترنت تبحث فيها عن مركز صيانة آخر واتصلت بالتليفون المكتوب وجاءها مهندس ومرافق يرتديان تى شيرت الشركة ويحمل كل منهما كارنيه باسمها وعلامتها التجارية وبعد الكشف قررا أن الغسالة تحتاج «تايمر» ثمنه 540 جنيها والثانية تم تصليحها خلال الثانية التى غفلت عنه ست البيت! بالإضافة إلى رسم الزيارة 120 جنيها وتم الدفع وخرجا بعد أن طلبت منهما رقم تليفون مدير هذه الوكالة. اتصلت به فإذا بسيدة غاضبة ترد عليها كيف تشكين فى مهندسينا وكفاءتهم؟ بعد دقائق اتصل مهندسوها ليخبروا سيدة البيت أنهما استأجرا سيارة لنقل الغسالة لأن سيارة الشركة عطلانة على الطريق. فقالت لهما أوقفوا العملية لن أسمح لكما بنقلها وارجعا لتردا المبالغ التى دفعتها لكما. وعادا منهارين وقالا «اشتيكيتينا للإدارة قطعتى عيشنا.. كده اترفدنا». وقالت سوف أبلغ جهاز حماية المستهلك؟ فردا «حرام إحنا عندنا عيال» وكل توكيلات شركات الصيانة بتعمل كده. نقول قطع غيار ويكون الجهاز غير محتاج (تمثيلية للاستعطاف). استرجعت ربة المنزل ذاكرتها فتذكرت عنوان المقر الأصلى لشركة الغسالات التى اشترتهما منها وطلبت مهندس صيانة فجاء وبعد الكشف قال لا تحتاج الغسالتان أبدا قطع غيار فقط الخراطيم تحتاج تعديل فى مسارها وتم ذلك وطلب 100 جنيه رسم زيارة إذن فالشركة الأم مقصرة فى حق نفسها وحق عملائها وقد اعترف موظفوها بأنهم يتلقون شكاوى دائمة من مثل هذا الغش والتدليس لزبائنهم فلماذا لاتشكوهم لجهاز حماية المستهلك؟ خاصة أن وزارة التموين تعد حاليا مشروعا بقانون جديد لحماية المستهلك يتضمن زيادة أهداف الجهاز إلى تلقى البلاغات المقدمة بجميع أنواعها فى مجال حماية المستهلك والإشراف الفنى على إدارات السلع الاستراتيجية ومتابعة الأنشطة التجارية والإدارة العامة لتنمية التجارة الداخلية وإدارات حماية المستهلك التابعة لقطاع التجارة الداخلية والإشراف الفنى على الإدارات المعنية بشكاوى المستهلكين أو المستخدمين أو المواطنين أو العملاء فى الهيئات والمصالح والأجهزة والوزارات المختلفة وهذا بلاغ منى بما حدث أقدمه للواء عاطف يعقوب رئيس جهاز حماية المستهلك وسوف أكشف له عن ماركة الغسالتين وعناوين الوكالتين المتهمتين بمحاولة النصب علينا. وقد لا يكون الفقر وحده باعثا على السلوك السيىء لبعض البشر فإن أصحاب التوكيلات التجارية لا يعدون من الفقراء فإن تراجع الوازع الدينى أو انحساره لدى طوائف من الناس أعماهم حب الدنيا وجمع المال فنسوا أن الغش والتدليس وكتمان العيب فى الشىء المتعاقد عليه حرام سواء كان ذلك فى مأكل أو ملبس أو أى سلعة ينتفع بها الإنسان روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر برجل يبيع طعاما فسأله: كيف تبيع؟ فأخبره، فأوحى الله إليه أن أدخل يديك فيه. فإذا هو مبلول فقال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم «من غشنا فليس منا» وقال: لايحل لأحد أن يبيع شيئا إلا بين ما فيه وليحل لمن علم ذلك إلا بينه» وقال صلى الله عليه وسلم: من باع عيبا لم يبينه لم يزل فى مقت الله ولم تزل الملائكة تلعنه. فمن يغش فى البيع والشراء ويدلس على من يتعامل معهم يرد فى حقه الوعيد الشديد الوارد فى أحاديث الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم. وصدق الشاعر محمد إقبال، وأم كلثوم فى حكمتهما: إذا الإيمان ضاع فلا أمان ولا دنيا لمن لم يحيى دينا ومن رضى الحياة بغير دين فقد جعل الفناء لها قرينا ومن الأوفق والأصلح أن نساعد اللواء عاطف يعقوب رئيس جهاز حماية المستهلك. بإنتاج برنامج على إحدى القنوات التليفزيونية على غرار البرنامج الذى تقدمه إحدى قنوات التليفزيون الانجليزى bbc بعنوان watch dogs «احترس من الكلاب» والذى يتتبع الفاسدين فى الأسواق التجارية ويحقق فى شكاوى المشاهدين ويعيد لهم حقوقهم من التجار الجشعين وأصحاب التوكيلات الوهمية. فالمواطن فى بلدنا لم يعد يحتمل النصب والتدليس ويكفيه الانفلات الأمنى والأخلاقى فى شوارعنا وانتشار قلة الأدب وقلة الضمير.