لم تكد الأمور تهدأ فى ساحة القضاء، ووافق نادى القضاة بعد طول انتظار على المشاركة فى مؤتمر العدالة بعد عديد من الاجتماعات المغلقة التى عقدها النادى قبل التوصل إلى قرار مشروط وبضمانات معينة. أول شروط النادى للمشاركة فى مؤتمر العدالة كانت عدم نظر مجلس الشورى لمشروعات قوانين السلطة القضائية لأنه مطعون فى شرعية المجلس، وضرورة عرض القانون على مجلس النواب. وكان الشرط الثانى أن تكون أعمال مؤتمر العدالة شأنا قضائيًا خالصًا دون مشاركة أو تدخل أى من سلطات الدولة الأخرى. الجو كان ملبدًا بغيوم التخوفات والتردد، لكن قاضى قضاة مصر المستشار محمد ممتاز متولى رئيس مجلس القضاء الأعلى إلتقى رؤساء أندية القضاة ونقل إليهم تطمينات بشأن كل التخوفات والملاحظات. لم تهدأ أكثر من يوم واحد فقط، حتى اشتعلت من جديد، ولكن هذه المرة داخل مجلس الشورى، بعد أن وافق المجلس على الطلب المقدم من النائب طاهر عبد المحسن وأكثر من 25 عضوًا لاستعجال طلب مناقشة تقرير لجنة الشئون الدستورية والتشريعية حول تعديل بعض مواد قانون السلطة القضائية، وقرر المجلس مناقشة القانون السبت القادم. الإصرار على مناقشة القانون فجر صراعًا بين الأحزاب، ما بين مؤيد من أحزاب الحرية والعدالة والوسط والبناء والتنمية، ومعارض من أحزاب النور وغد الثورة والمصريين الأحرار والجيل، أيضًا المستشار حاتم بجاتو وزير الدولة للشئون القانونية والمجالس النيابية أشار إلى أن الحكومة لا ترى وجهًا للاستعجال فى نظر المشروع فى الوقت الحالى. وأكد النائب عبد الله بدران ممثل الهيئة البرلمانية لحزب النور أنه من المواءمة الظرفية وتخفيفًا لحالة الاحتقان السياسى، ضرورة عدم الاستعجال فى هذا الأمر خاصة وأن رئاسة الجمهورية تجرى منذ فترة حوارًا مستمرًا مع المؤسسة القضائية من أجل الإعداد لمؤتمر العدالة الذى ترعاه الرئاسة. وبعد إصرار المجلس على مناقشة القانون، اشتعلت الأزمة من جديد، ولكن هذه المرة وسط ساحة القضاء، وقرر مجلس القضاء الأعلى تعليق أعمال مؤتمر العدالة، وذلك بعد التشاور مع رؤساء الهئيات القضائية، لحين وضوح الرؤية بشأن ما هو معروض على مجلس الشورى، ودراسة كل ما سيرد للمجلس من بدائل ومقترحات للخروج من الأزمة الحالية. وتطور الأمر سريعًا وبدأت تصريحات إعلامية مشتعلة يقذفها جانب على الآخر.. أول الغيث أن طاهر عبد المحسن وكيل اللحنة التشريعية والدستورية بمجلس الشورى سيناقش مشروع قانون السلطة القضائية قائلًا «نحن ماضون فى طريقنا لإقرار قانون السلطة القضائية شاء من شاء وأبى من أبى». ويواصل د. عصام العريان نائب رئيس حزب الحرية والعدالة وزعيم الأغلبية بمجلس الشورى هجومه قائلًا «القضاة هم من عطلوا بناء مؤسسات الدولة التشريعية، وقاموا بحل مجلس الشعب، نحن احترمنا القضاء وأحكامه.. وعليهم احترام السلطة التشريعية التى كفلها الدستور لمجلس الشورى». على الجانب الآخر رفضت عمومية محكمة النقض رفضًَا قاطعًا أن يعرض مشروع القانون على مجلس الشورى الحالى، وأعلن نادى القضاة مقاطعته التامة لمؤتمر العدالة، كما أعلن نادى قضاة مجلس الدولة أن ما قرره مجلس الشورى بالاستمرار فى نظر القانون هو اعتداء مباشر وصريح على القضاء، ويمثل إجهاضًا متعمدًا من المجلس لمبادرة رئيس الجمهورية، وتبديد للجهود المضنية لتجاوزر هذه الأزمة. وأستعير كلمات بيان نادى قضاة مجلس الدولة، فما يصلحه الرئيس ويبذل فى سبيل تحقيقه أقصى الجهود، يفسده حزب الرئيس بالإصرار على الاستعجال فى مناقشة قانون السلطة القضائية رغما عن القضاة. فهل يعنى ذلك عدم وجود تنسيق بين الرئيس وحزب الحرية والعدالة، المؤكد أنه لا يوجد أى تنسيق، فكما نعلم أن تحركات نواب الحزب فى مجلس الشورى تخضع لتوجيهات قيادة الحزب، وينقلها للأعضاء زعيم الأغلبية.. ومن البديهى أن يكون هناك تنسيق بين الحزب والرئيس، وأن يكون هناك اتفاق واضح على الأهداف وكيفية تحقيقها. هذه المرة.. وقد يكون قبلها مرات لا نعلمها.. حزب الرئيس هو الذى يفسد عمل وجهود الرئيس..!!