«جاءنى فى مكتبى بمقر مركز ابن خلدون بالمقطم شاب ملتح، وقال إنه من حزب النور السلفى، وطلب منى باسم حزب النور، نقل رسالة لواشنطن عن رغبتهم فى فتح قناة مباشرة للتواصل مع الولاياتالمتحدة، وأنهم يرغبون فى الاستقلال عن الإخوان المسلمين، وفض التحالف السياسى معهم، وهو ما نقلته بالفعل لمن يهمهم الأمر فى واشنطن». كانت تلك رواية د. سعد الدين إبراهيم، والتى أخذت اهتماماً إعلاميًا، وفتحت الباب أمام تكهنات سياسية عديدة. ورفض د. سعد الإفصاح عن هوية الزائر، وهل هو نادر بكار المتحدث الرسمى باسم حزب النور أم لا ؟ واكتفى د. سعد بالقول بأن الزائر هو شاب ملتح، طلب عدم ذكر اسمه للإعلام. وعن رد فعل الإدارة الأمريكية على طلب حزب النور، أكد د. سعد أنهم أبدوا ترحيبهم بمطلب السلفيين للتواصل معهم، لكنهم سألوا عن خلفيتهم وتاريخهم، وفيما إذا كانوا يمثلون كل السلفيين أم بعضهم؟ ويتوقع البعض أن حزب النور السلفى سيدخل دائرة الاهتمام، ضمن القوى السياسية المصرية، وهو ما تضعه الإدارة الأمريكية فى الحسبان. وتتزايد التوقعات المؤيدة لهذا الرأى اعتمادًا على متابعة مواقف الحزب تجاه عدد من القضايا المطروحة على الساحة السياسية المصرية، وأن الحزب قد أبدى درجة ملحوظة من المرونة، كما أن مواقف وتصرفات عدد من رموز الحزب أكدت على الوجه المعتدل للحزب، مما أسهم فى تجميل الصورة الذهنية للحزب، واحتلاله موقعه فى منطقة الاعتدال داخل التيار الإسلامى، بعد أن كان الإخوان فقط هم من يحتلون هذا الموقع. وقد تكون الاتصالات والتفاهمات التى جرت بين حزب النور وبعض قوى المعارضة، قد بعثت برسائل تطمين داخلية وخارجية، مفادها أن حزب النور السلفى يمثل الاعتدال وسط التيار الإسلامى عامة والسلفى خاصة. ويؤكد د. سعد الدين إبراهيم فى هذا الشأن أن «الحوار مع الأمريكيين سيجعل السلفيين أكثر اعتدالًا، فيما يتعلق بالشأن الإنسانى والاجتماعى، وسيجعلهم أكثر انفتاحًا على الآخرين فى الداخل أو فى المحيط الإقليمى والدولى». وهناك بعض الثوابت التى تعزز من موقف حزب النور مع الأمريكان، منها الموقف الرافض لتعزيز العلاقات مع إيران، وبسبب ذلك الموقف نشب خلاف بين النور والإخوان، لكن موقف حزب النور يتلاقى مع الموقف الأمريكى المتوجس من تطوير العلاقات المصرية الإيرانية. الشىء الآخر هو العلاقات الجيدة بين معظم السلفيين ومعظم دول الخليج، وهو أيضًا ما يعزز من فرص التقاء المصالح والمواقف خلال الحوار السلفى الأمريكى، وقد أكدت مصادر بحزب النور أنه من المقرر أن يقوم وفد من الحزب بزيارة للولايات المتحدة، للالتقاء بسياسيين أو اجراء مقابلات مع وسائل الإعلام لشرح سياسات الحزب. وأشارت المصادر إلى أن تأخر التأشيرات لما يقرب من شهر هو السبب فى عدم سفر وفد الحزب حتى الآن. وأرجعت المصادر تأخر التأشيرات إلى أن الوفد يضم أعضاء من الدعوة السلفية الذين تلقوا دعوات من مراكز إسلامية بأمريكا وهم من لم يحصلوا على التأشيرات، كما حدث مع أعضاء الوفد عن حزب «النور». والواقع أن حرص السلفيين على التواصل مع الإدارة الأمريكية حاليًا يبدو متوازيًا مع رغبة الأخيرة فى وضعهم فى صدارة المشهد السياسى المصرى، فهناك منافع سياسية متبادلة يمكن الاستفادة منها لكل من الطرفين، ولا شك فى أن أى كيان سياسى يريد الاتصال بالإدارة الأمريكية، يريد منها الاعتراف به، ويريد كل اللاعبين الجدد على الساحة السياسية أن تعترف بهم، كما أن السلفيين وتحديدًا حزب النور يرى أن مثل هذا الحوار سيعزز من موقفهم أمام الليبراليين وكافة القوى السياسية وخاصة الإخوان المسلمين.