بعد أكثر من 18 شهراً من سقوط نظام معمر القذافى فى ليبيا تجددت أعمال العنف بشكل مكثف، خاصة بعد الحصار الذى يفرضه المتظاهرون المسلحون على بعض الوزارات الليبية احتجاجا على عدم تطبيق قانون العزل السياسى الذى يمنع كبار المسئولين فى عهد القذافى من استلام مناصب حكومية وأمنية وعسكرية. وفى تصعيد جديد للأحداث هدد المتظاهرون باسقاط الحكومة فى حالة عدم الاستجابة لمطالبهم وخاصة مطلب تمرير القانون الذى يعرف باسم قانون العزل السياسى، كما رفع المتظاهرون المسلحون بالأسلحة الخفيفة والثقيلة مطالب بأن يصوت المؤتمر الوطنى العام على مشروع قانون للعزل السياسى الذى ينص على حظر المناصب العليا فى الدولة على المسئولين الذين عملوا مع النظام السابق، خاصة أن هناك قائمة تضم 99 اسما ممن كانوا يعملون مع النظام السابق لا يزالون يتولون العديد من المناصب الأساسية خصوصا فى وزارة الخارجية والتعاون الدولى، مشددين على ضرورة تبنى قانون يقضى بإقصاء المتعاونين مع نظام القذافى عن الحياة السياسية. وقد يبعد القانون، وفق النص المتفق عليه، العديد من الوزراء الحاليين ورئيس البرلمان من مناصبهم. وعلى الصعيد الدولى حذرت الولاياتالمتحدةالأمريكية من حالة الانفلات الأمنى فى ليبيا والحصار الذى يفرضه مسلحون على بعض الوزارات أهمها الخارجية والعدل والمال والداخلية وما يمثله ذلك من انتهاك لمبادئ الديمقراطية التى حاربت قوى المعارضة من أجل إرسائها فى عام 2011. ودفعت الاضطرابات المؤتمر الوطنى العام إلى تأجيل جلسته التى كان من المقرر عقدها يوم الثلاثاء الماضى إلى اليوم الأحد وذلك حتى يتاح الوقت لجميع الأطراف لإعداد مقترحاتها بشأن قانون العزل السياسى، ولتجنب حدوث احتكاك مع المحتجين الذين يطالبون بإقرار القانون. من جانبه، دعا رئيس الوزراء الليبى على زيدان إلى دعم الحكومة فى مواجهة المجموعات المسلحة التى تريد زعزعة أمن واستقرار البلد، موضحًا أن حكومته لا تريد الدخول فى مواجهة مع أحد. وشهدت العلاقات بين الميليشيات والحكومة عدة توترات فى الأسابيع الأخيرة بسبب حملة تهدف إلى نزع سلاح الميليشيات وإبعادهم من مواقعهم قرب العاصمة طرابلس، خاصة أنه منذ سقوط نظام القذافى على يد الثوار فى عام 2011 أصبحت ليبيا تعج بالاسلحة وبميليشيات تستهدف مؤسسات الدولة، كما تعانى البلاد من هجمات يشنها مسلحون ينتمون لجماعات انفصالية بغرض تخريب منشآت وطنية منها وزارة الداخلية. وعلى صعيد آخر اقتحم ضباط شرطة غاضبون مقر وزارة الداخلية مؤخرا للمطالبة بزيادات فى الأجور والعلاوات ودخل عشرات الضباط إلى المبنى الواقع على طريق المطار على بعد عشرة كيلومترات من وسط طرابلس وهم يطلقون النار فى الهواء من أجل وضع حد لما وصفوه ب «الظلم» القائم عليهم. وفى سياق متصل، هرب جميع السجناء، الذين يقدر عددهم بالعشرات، من السجن للمرة السادسة خلال الاشهر الماضية فى مدينة سبها بالجنوب الليبى، وتم إضرام النار فى السجن، وتم إعلان حالة الاستنفار لدى الكتائب الأمنية الليبية فى المدينة فى ظل غياب الحاكم العسكرى بالمنطقة. وجاء التمرد بسبب الأوضاع غير الإنسانية للسجناء، وسوء معاملتهم من قبل كتيبة شهداء الزاوية التابعة للقائد صلاح بوحليقة.