لم تعد الدهشة تصيبنى عندما تدخل علىًَ سيدة تحمل أوراقًا ومستندات تؤكد مرضها بمرض عضال وتطلب المساعدة.. وتؤكد الأوراق أنها ضحية لإهمال زوج.. بل قد يصل هذا الإهمال إلى هروبه من المنزل وهجرها هى وأولاده.. وهذه حالة من عشرات الحالات التى تمر بهذه الظروف الصعبة السيدة تبلغ من العمر ثلاثة وخمسين عامًا. تحمل أوراقها والحزن يغلف ملامحها ويكسو وجهها الأصفر بسبب المرض.. جلست وفتحت الأوراق وطلبت المساعدة وبدأت تحكى مأساتها.. تقول: تزوجته فهو ابن قرية مجاورة لقريتنا رآنى فى منزل أحد أقاربنا.. تزوجته بعد أن أكد هذا القريب أنه شهم وطيب وليس له هدف سوى أن يبنى أسرة ويعيش بما يرضى الله، عشت معه على الحلوة والمرة عاما تلو العام رزقت منه بابنة وهى طالبة الآن بكلية آداب ثم ابن وهو أيضا طالب بالجامعة ثم ابنة ثالثة وهى طالبة بالمرحلة الإعدادية، سنوات طويلة تحملت فيها معه الفقر وقلة الرزق وخلال هذه السنوات تحول فيها إلى رجل آخر غير الزوج والرجل الذى تزوجته.. كنت أقول فى نفسى إن ذلك بسبب ضيق ذات اليد وعدم حصوله على عمل دائم يوفر لنا الحياة الكريمة، ولكن تحولت حياتنا إلى مشاجرات متصلة أصبح لا يطيق الجلوس بالمنزل.. قليل الكلام.. تحملت الكثير ومنذ ست سنوات وبسبب الهم والنكد، شعرت بالمرض يسرى فى عروقى وأصبت بآلام لا تطاق وأصبحت غير قادرة على الوقوف على قدمى لخدمته أو خدمة الأبناء الثلاثة.. طلبت منه الذهاب إلى الطبيب أو المستشفى أو حتى الوحدة الصحية إلا أنه تعلل بعدم وجود نقود لديه وعلىّ أن انتظر حتى يوفر لى مبلغًا ولكن الأيام طالب وأصبحت غير قادرة على الحركة أو حتى القيام من السرير.. مددت يدى واستدنت من الأهل.. ذهبت إلى المستشفى فحصتنى الطبيبة ووصفت الدواء وأكدت أننى مصابة بأنيميا وأننى فى حاجة لتغذية سليمة والاهتمام بكذا.. وكذا.. وكذا.. حاولت وتحسنت الحالة قليلا، ولكن سرعان ما تفاقمت مرة أخرى.. عدت ثانية وهنا طلبت إجراء بعض الفحوصات والتحاليل التى أكدت إصابتى بسرطان بالنخاع وتم تحويلى إلى المعهد القومى للأورام بالقاهرة.. وعندما عدت إلى المنزل وأخبرت زوجى. لم ينطق بكلمة، وفى الصباح استيقظت على صوت باب الشقة يغلق خرجت من الغرفة أبحث عمن خرج وعرفت بعد أن وجدت الدولاب مفتوحًا وجميع ملابس الزوج غير موجودة داخله.. ترك المنزل دون أن يترك لنا ما نسد به رمقنا أو حتى ثمن تذكرة القطار لأسافر إلى القاهرة وأبحث عن علاجى.. خرج الأهل يبحثون عنه فى كل مكان، ولكن فص ملح وداب.. طلبوا منى أن أنساه والتفت لصحتى.. وأنه سوف يعود إن عاجلا أو آجلا.. وبدأت رحلة علاج دخلت المعهد وظللت به فترة طويلة،كنت أظن أنه سوف يظهر ليقف بجانبى وجانب أبنائى، ولكن سنوات ست من الهجر والضياع ومد اليد للأهل والجيران وأهل الخير تحصل على معاش ضمان 300 جنيه، ولكنه لا يكفى مصاريف وطلبات الأبناء ومصاريف السفر من قريتنا شمال الدلتا إلى القاهرة ومصاريف العلاج. ولذلك اضطررت إلى المجىء إلينا لتطلب المساعدة ونحن بدورنا نناشد أهل الخير وأصحاب القلوب الرحيمة الوقوف بجانبها ومساعدتها.. من يرغب يتصل بصفحة مواقف إنسانية..