مصر بعد الاستفتاء.. كيفية الخروج من النفق المظلم هذه هى الصورة التى يحاول هذا التحقيق رسمها واستشرافها.. وسواء خرجت نتيجة الاستفتاء ب «نعم» أو «لا» هل نهدأ ونستأنف الحركة من جديد، فى الاتجاه الصحيح؟! وهل يعنى أى من النتيجتين أن فريقًا هزم الفريق الآخر بالضربة القاضية وحسم المباراة لصالحه.. وبالطبع أن تفهم ماذا نقصد بالفريقين فريق الموالاة الإسلامى الذين يملكون الشرعية الدستورية المتمثلة فى الرئاسة ومجلس الشورى وفريق المعارضة الذى شكلته فى الأيام القليلة الماضية جبهة الإنقاذ وجمعت فيه كل ألوان الطيف السياسى المعارض للإخوان بمن فيهم فلول النظام السابق على ثورة 25 يناير. مرة أخرى هذا التحقيق يحاول أن يصل للإجابة عن سؤال: كيف يرى كل فريق مرحلة ما بعد الاستفتاء؟! مهدى عاكف المرشد السابق لجماعة الإخوان يرى أن مصلحة مصر فوق الجميع فهى المصلحة العليا التى يجب علينا جميعًا احترامها، مشيرًا إلى أن الله سبحانه وتعالى يحفظ هذه البلاد التى ذكرت فى القرآن وسوف نتخطى جميعًا كل العقبات التى تواجه مصر بإذن الله. فالخير ينتظر هذه البلاد وينتظر أهلها وسينجح شعب مصر فى تحقيق كافة أهداف الثورة وتخطى كل العقبات التى تواجه نهضة مصر التى يجب أن تأخذ مكانتها التى تليق بها ليس فى الشرق الأوسط وأفريقيا والوطن العربى فقط، ولكن ستعود مكانة مصر التى تستحقها بين دول العالم بسواعد شبابها وأبنائها من هذا الوطن. ومثلما اعتدنا دائما فهذا الشعب يقهر الصعاب وينجح وقت أن يعتقد الجميع بفشله. وتجارب هذا الشعب كثيرة وسوف ينجح فى الخروج من أزمته الحالية، وأنهى عاكف كلامه هاتف:(تحيا مصر). الأصوات العالية اللواء عبد الفتاح عمر رئيس لجنة الأمن القومى بمجلس الشعب السابق قال ل?«أكتوبر» إن عملية الاستفتاء على الدستور هى التى سوف تظهر الرأى الحقيقى للشعب بعيدًا عن الأصوات العالية فى الفضائيات وفى الشارع، وفى النهاية هذه هى الديمقراطية وعلى الجميع أن يتقبلها ويرضى بنتائجها، فالصندوق سوف يفرز رأى الشعب وعلى كافة القوى السياسية سواء المعارضة أو النظام الحاكم أن يحترم رأى الشعب. إرادة الشعب د. طارق الزمر المتحدث الرسمى باسم الجماعة الإسلامية وعضو مجلس شورى الجماعة أكد أن الجماعة الإسلامية راضية عن الحوار الوطنى الذى تم بين الرئيس د.مرسى وعدد من القوى الوطنية التى تحب هذا الوطن، مؤكدًا على أن الجماعة متفهمة ومتفائلة بخارطة الطريق التى رسمت وتم تحديد معالمها لما بعد الاستفتاء على مشروع الدستور، مشيرًا إلى أن المعارضة فى مصر أمام اختبار حقيقى لقياس مدى تقبلها للديمقراطية التى كنا نسعى جميعًا لتحقيقها فى ظل النظام السابق وقبل ثورتنا المجيدة، وإما أن تتقبل إرادة الشعب حرصًا على مصلحة الوطن وإما تتمسك المعارضة بمصالحها السياسية. وأضاف الزمر يجب على الجميع الاحتكام إلى الصندوق الذى يعبر عن رأى الشعب وهو الفرصة لكل فصيل سياسى للتعبير عن رأيه وإظهار مدى تأثيره فى الشارع، لذا يجب على الجميع احترام رأى الشعب الذى تعبر عنه نتيجة الصندوق، مشيرًا إلى أن الإرادة الشعبية هى التى نسعى دائمًا وخاصة ما بعد ثورة 25 يناير أن تكون هى الأساس الأول والفيصل النهائى الذى يجب ألا ينقلب أو يعترض عليها أى تيار سياسى وعلى الجميع وخاصة من يتحدثون عن الديمقراطية الاحتكام لإرادة الشعب واحترام قراراته لأنه حكم الشعب وهذا هو مضمون الديمقراطية. بديل الحوار فى حين يقول د. أحمد على عثمان من علماء الأزهر الشريف إن الشعب لم يتعود على الديمقراطية بعد ولم يعتد احترام الآخر الذى يختلف معه فى الرأى، لذلك نجد المتعارضين على جوانب سياسية سواء على أشخاص أو أفكار سياسية نجدهم يتقاتلون فى الشوارع والميادين وكل طرف يستغل أخطاء الطرف الآخر ليلصق به كل الاتهامات، بل يصل الأمر لخلق أخطاء لم تحدث، فكثير من الأكاذيب والشائعات تتردد فى الشارع السياسى وتتطاير كالسهام التى توجه وتصيب كلا الطرفين وفى النهاية ما يحدث هو مزيد من سفك دماء هذا الشعب، ويضيف عثمان أن لعبة السياسة تحمل فى جعبتها الكثير من الألاعيب. والغريب أن كل الأطراف المتصارعة على السلطة فى هذه اللعبة تستغل الشعب والشارع السياسى بشكل سيئ، فكل طرف يحشد أنصاره ويعتمد على الضغط بالحشد بديلًا عن الحوار والنقاش، مشيرًا إلى أن النظام الحاكم الآن يفتقد إلى البراعة السياسية التى ينبغى أن تتطور فى هذه اللحظات، وقول معاوية:(لو بينى وبين الناس شعرة ما انقطعت) يشير إلى ضرورة احتواء المعارضة وعدم إغفال دورها وإشراكها فى كافة نواحى الحياة السياسية حتى يهدأ الشارع وتستقر الأمور فالسياسى البارع يقبل كل الناس على كافة اختلافاتهم السياسية والدينية والمذهبية. ويؤكد د. أحمد على عثمان أستاذ علم نفس الأديان وأحد علماء الأزهر الشريف على أن الرئيس د. مرسى أمامه فرض ذهبية لو استغلها لأصبح زعيمًا ورئيسًا يرضى عنه الجميع ويجب عليه أولًا خلق مشاريع وأفكار جديدة يلتف حولها شعب مصر بكل ألوانه السياسية، فالرئيس الراحل جمال عبد الناصر قام بتأميم شركة قناة السويس وقدم للمعدمين من أبناء ريف مصر أراضى يعيشون منها فيما عرف ب «الملكية الزراعية» وأعلن عن بناء السد العالى وكلها مشاريع وطنية تخلق روح التفاؤل وتعيد أحلام شعب مصر، وكذلك الرئيس الراحل أنور السادات أعلن عن حرب أكتوبر. وأضاف د. عثمان أنه فى هذا السياق يجب على الرئيس د. مرسى أن يفكر فى مشاريع وطنية وقومية تجمع ما فرّقته السياسة والجدل فى كثير من الأكاذيب والحقائق ويتساءل: لماذا لا يقوم الرئيس عن طريق علاقات دولية عربية بفتح فرص عمل تحت إشراف حكومى فى كافة الدول العربية التى تسعى إلى الأيدى العاملة فى دول جنوب شرق آسيا أو قيامه بفتح الحدود مع ليبيا وتونس أو إنشاء كوبرى يصل للسعودية وهو الذى كان مقترحًا منذ سنوات كل تلك الأفكار وغيرها يمكن أن تجعل المواطن المصرى يستنشق هواء الثورة ويرى بدايات مشروع النهضة الذى لم نر منه شيئًا حتى الآن. ويقلق د. عثمان من دور بعض الشخصيات والتيارات المعارضة والتى لا تسعى لصالح هذه البلاد وتنتقد لمجرد الانتقاد دون أن يكون هذا النقد على اساس موضوعى، ويرى أن هذا أوضح جدًا فى النقاشات حول الدستور. وينهى د. عثمان كلامه قائلًا: إن الاستفتاء على مشروع الدستور ب «نعم» أو «لا» لن يكون هو النهاية ومسلسل الصراع بين الطرفين سيستمر فى كل الأحوال. نهاية المطاف جورج إسحاق ناشط سياسى وعضو جبهة الإنقاذ تحدث مؤكدًا أن الاستفتاء على مشروع الدستور ليس نهاية المطاف، مضيفًا أن الساحة السياسية فى مصر لن تهدأ مرة أخرى وتقبل ديكتاتورية جديدة فالحرية التى سعى إليها شباب مصر منذ 25 يناير ويسعى إليها الآن لن يتنازل عنها شعب مصر. فمثلا أسقطنا نظام مبارك يمكننا إسقاط أى نظام ديكتاتورى جديد ومثلما أسقطنا دستور يمكننا إسقاط دساتيرًا ظالمة جديدة وكل السيناريوهات مطروحة ولن يحيد الشعب عن مطالب الثورة. ظاهرة جديدة عبد الهادى القصبى شيخ مشايخ الطرق الصوفية قال ل «أكتوبر» إن هناك أزمة حقيقية فى مصر يجب أن يلتفت إليها الجميع تلك الأزمة ليست الدستور أو الإعلان الدستورى ولا حتى تتعلق بالسياسة، بل إن السياسة وألاعيبها هى السبب والمبرر الرئيسى لهذه الأزمة والتى تتعلق بالشرخ الذى حدث فى مصر بين فصيلين متعارضين ومتناحرين يرغب كل طرف فى قتل الآخر، ويشير القصبى إلى أن تلك الظاهرة المرعبة جديدة على شعب مصر المسالم والطيب والمتدين بطبيعته سواء المسلم أو القبطى هذه الظاهرة لم تشهدها مصر من قبل فالطرفان كل منهما يوجه الاتهامات للآخر ولا يسمع إلا صوت فصيله والآخر هو كل الشر وكل العمالة والخيانة. ويطالب شيخ مشايخ الطرق الصوفية كل حكماء الأمة وكل الوطنيين من كافة ألوان الطيف السياسى أن يضعوا مصلحة مصر فى المقام الأول وأن يسعوا جاهدين للقضاء على الخلاف الدائر بين التيار الإسلامى والمعارضة هذا الخلاف الذى يزيد كل يوم ولا يبشّر بالخير لهذه البلاد يجب أولًا أن ننتهى من تلك المشكلة التى لا يمكن أن تستقر البلاد دون حلها فكل دول العالم بها نظام حاكم ومعارضة ولكن لا يحدث مثلما يحدث فى مصر وميادينها ولا يوجد بين الطرفين هذا العداء والقتال. فالجميع مسئول عن هذا القتال وهذه الدماء التى تسيل من شبابنا وأبنائنا. حتى الموت يقول حسن ترك رئيس حزب الاتحاد الديمقراطى إن ما يحدث فى مصر غير طبيعى ولا يحدث فى أية دولة من دول العالم المتقدم، مشيرًا إلى أن مصر فى كل الأحوال مقبلة على أزمة. فالطرفان النظام والمعارضة لا يقبل كلاهما حلولًا وسطًا، مشيرًا إلى أنه لا يوجد فى العالم دستور حتى الموت ويجب أن يكون هناك توافق واستيعاب للمعارضة، خاصة أن مصر تمر بأزمة حقيقية اقتصادية وسياسية على الرغم من الأقاويل الكثيرة التى ترددت عن وجود مشروع حقيقى للنهضة قدمه الإخوان وإلى الآن لم تتحرك الدولة فى هذا المشروع. ويضيف ترك أن 90% من الشعب يعترض على الدستور خاصة بعدما حدث فى اللجنة التأسيسية وانسحاب المدنيين والكنيسة ولم يتبق سوى التيارات الإسلامية التى يهيمن عليها الإخوان المسلمين وهو السبب الرئيسى لرفض الدستور. ويشير ترك إلى أن النظام الحاكم يجب أن يتقبل الجميع وليس من المنطقى أن يسيطر على فكر الإخوان حاليًا الانتقام من الحزب الوطنى وكل من ينتمى إليه. فتصفية الحسابات الآن ستزيد من صعوبة الحياة السياسية ما بعد الثورة تلك الحياة التى لا ينقصها التعقيد، بل يجب على الرئيس د. محمد مرسى ومعاونيه أن يبدأوا فى خطوت جدية وفاعلة لنهضة مصر. احترام الشرعية عبد الله حسن عضو اللجنة التشريعية والدستورية بمجلس الشورى وعضو الهيئة البرلمانية لحزب الحرية والعدالة يؤكد أن الفيصل هو رأى الشعب ويجب على الجميع احترام شرعية الشعب وإن لم يحترم الجميع الصندوق فسوف تزيد الأزمة السياسية فى مصر، فلن يقبل كل طرف إلا تحقيق مصلحته ومصلحة الفصيل الذى ينتمى له ولن يهدأ الشارع، مشيرًا إلى أن احترام ما تفرزه نتائج الاستفتاء هو الحل المرضى الذى يجب على الجميع احترامه والتأكيد عليه للخروج من هذا النفق المظلم وحتى نبدأ مسيرة الإصلاح.