يحفل الشارع السياسى الفنزويلى بالمطبات المستعصية التى خلفتها فترات حكم الرئيس هوجو شافيز، لم تشفع له فيها شخصيته الكاريزمية لتحقيق مايصبو إليه الناخب الفنزويلى فى قيادة حكيمة واقتصاد قوى لدولة تمتلك أكبر احتياطى نفطى فى العالم، مما دفعه لاختيار تلميذه النجيب و«السائق المحترف سابقا» نيكولاس مادورو، ليعاونه فى إدارة شئون البلاد ويقوده إلى فترة رئاسية رابعة ومن المؤكد أنها ستكون الأخيرة. ويعد هذا الاختيار بمثابة خطوة استباقية للرئيس شافيز الذى يهدف لتحسين شعبيته التى انخفضت كما أشارت نتائج الانتخابات الرئاسية الأخيرة والتى حسمها شافيز لصالحه بصعوبة . ويرى البعض أن هذا الاختيار لوزير خارجيته كنائب له جاء تتويجاً لجهود مادورو فى الحفاظ على علاقات فنزويلا الخارجية مع حلفائها الشيوعيين فى أوروبا وآسيا وأمريكا الجنوبية. فنائب الرئيس الجديد نيكولاس مادورو- 49عاماً - لم يحظ بالتعليم الجامعى وبدأ مشوار حياته كسائق فى إحدى الشركات التابعة للحكومة تم خصخصتها ليتذوق مادورو مرارة الفقر ويتعرض للإعفاء من وظيفته ليصبح بعدها من أشد المؤيدين لهوجو شافيز الثائر الذى تعرض للسجن أكثر من مرة بسبب قيامه بانقلاب سياسى عام 1992 ضد النظام السلطوى لكارلوس اندريس وتأسيسه حركة سرية باسم «حركة الجمهورية الخامسة» وهى حركة يسارية تهدف لمحاربة الفقر وإعادة توزيع الدخل القومى على الفقراء وأصبح مادورو الزائر الدائم لشافيز فى سجنه وخط الوصل بين شافيز ومؤيديه خارج السجن وبعد إصدارقرار بالعفو عن شافيز بدأ مادورو فى مساعدته فى حملته الأولى للفوز بمنصب الرئاسة عام 1998، ومنذ ذلك الحين لم يفترق الصديقان طوال عشرين عاما حتى أصبح مادورو الخليفة المتوقع لشافيز والذى بات يجمع بين أهم منصبين فى الدولة بعد الرئاسة وهما الخارجية ونائب الرئيس. ويرى العديد من المراقبين أن هذا الاختيار جاء متأخراً عن موعده لمدة عام تقريباً لأنه منذ الإعلان عن إصابة شافيز بالسرطان وسفره للعلاج فى كوبا أصبح مادورو الرئيس الفعلى للبلاد، وقد نجح فى إدارة شئونها إلى جانب مرافقة صديقه فى رحلتة العلاجية. وقد تعددت الآراء حول أسباب اختيار مادورو لشغل هذا المنصب منها أن هوجو شافيز الذى قاد حركة المعارضة أمام الهيمنة الأمريكية فى أمريكا اللاتينية ويفتخر بأنه الوريث الشرعى للثورة البوليفارية والتى قادها الثائر سيمون بوليفار «محرر أمريكا اللاتينية» أتهم بأنه يسعى للاستحواذ على السلطة بسبب رفضه الإعلان عن حقيقة مرضه وتمسكه بالإشراف على البرامج الاقتصادية التى تمول من عوائد بيع النفط الضخمة. ويرى آخرون أن عجز شافيز عن متابعة حملته الانتخابية الأخيرة بسبب مرضه والتى فاز فيها على منافسه المعارض الشاب هينريك كابريلس بصعوبة كانت سبباً لاختيار مادورو حتى يتولى مهام المنصب الرئاسى وفقا للدستور الفنزويلى بدون إجراء انتخابات إذا حدث وهاجم المرض شافيز مرة أخرى. وفى النهاية يشكك الاتجاه المعارض فى نجاح شافيز فى تنفيذ خطته المستقبلية نظراً لعجزه عن مواجهة العنف المتصاعد فى البلاد والذى أصبح يهدد خططه الإصلاحية إلى جانب عجز نائبه عن منافسة المرشح العنيد كابريلس والذى يراه المحللون السياسيون البديل الأفضل لشافيز وأنه سيكون خصماً عنيداً لمادورو فى الانتخابات الرئاسية القادمة والتى ستجرى عام 2019.