عبد الناصر زعيم قومى عربى وزعيم أمة وقائد ملهم دشن مرحلة مهمة فى تاريخ مصر الحديث فتحولت على يديه من الملكية للجمهورية.. ولعل الاحتفال به فى ذكرى وفاته هذا العام أكبر دليل على أن كاريزما جمال عبد الناصر لم تنته برحيله. ولعل أيضا التغيرات السياسية والتاريخية تجعلنا نتجه إلى تقييم مرحلة الزعيم عبد الناصر كدولة ونظام ووطن، بهذه الكلمات بدأ د. صلاح هاشم الخبير التنموى والكاتب السياسى تقديم الندوة التى أقيمت بدار الكتب والوثائق القومية احتفالا بعبد الناصر تحت اسم «42 عاما على وفاة الزعيم جمال عبد الناصر» والتى اعتذر عنها الإعلامى أحمد الهواس بسبب تأييد حزب المؤتمر الشعبى الناصرى للرئيس بشار الأسد. انتقد هاشم فى معرض حديثه التأثير الضعيف للحزب الناصرى فى الشارع المصرى رغم الحب الجارف من الشعب المصرى والعربى على السواء للزعيم جمال عبد الناصر وقد طرح هاشم عدة أسئلة منها: لماذا حدثت نكسة 1967؟! وما هى الظروف التى أدت إليها؟! وكيف تحدث النكسة فى عهد عبدالناصر الرئيس الوحيد الذى لم يتهم بالخيانة أو العمالة إلا أنه مع ذلك تم تشويه تاريخه بما فيه ثورة يوليو وقد لاقت هذه الأسئلة استياء الحضور من الناصريين إلا أن الأمر انتهى بأن بدأ المؤرخ د. عاصم الدسوقى أستاذ التاريخ الحديث بجامعة حلوان حديثه عن عبقرية الزعيم جمال عبد الناصر مؤكداً فى بداية حديثه أن الإيجابيات والسلبيات عند الحكم على الرؤساء والزعماء أمر نسبى والدليل على ذلك أن عمر بن الخطاب أعدل من حكم فى التاريخ قُتل غدراً أو غيلة وهنا تدخل النسبية فى الحكم على الحكام وقراراتهم، لذا يجب أن يقيّم تاريخ جمال عبد الناصر نسبياًَ وأضاف أن عبدالناصر أقام الدولة الكفيلة فى مصر أى أنه يُقدم على قرارات لصالح المجتمع دون طلب أو مظاهرة أو اعتصام، فعندما صدر قانون الإصلاح الزراعى أو تخفيض إيجار المساكن فى سبتمبر 1952 لم يكن بناء على مظاهرة كما أن قراره بمنع الفصل التعسفى للعمال لم يكن بناء على اعتصام. يرى الدسوقى أن قوة الزعيم عبدالناصر فى استقامته فكان صلباً ضد الإغراءات فعندما عرض عليه تعمير قرية بنى مُر رفض ذلك قائلاً نقوم بتعمير كل القرى وتبقى قرية بنى مُر آخر قرية فكان بعيداً عن المطامع واستحق بحق تأييد العرب. كما أشار الدسوقى إلى أن عبدالناصر لم يكن فى حالة اجتماعية للثورة إذ كان يعمل فى سلك الضباط وكانت حالته الاجتماعية جيدة حتى أنه كان يمتلك سيارة إلا أنه كان يهدف من ثورة يوليو الأجيال القادمة، وأكد أنه بموت عبد الناصر عادت الدولة الحرة. ثم تحدث د. صلاح الدسوقى رئيس حزب المؤتمر الشعبى الناصرى فقال إن مشروع جمال عبد الناصر هو مشروع له تجليات مختلفة فأصبح مشروعاً قومياً عربياً أكثر منه مشروعاً مصرياً، لذلك فلا نتعجب حين يرثيه نزار قبانى السورى الأصل، أو يزور ضريحه مانديلا بعد خروجه من السجن. وأشار إلى أصوات قول عبد الناصر نحن شعب لا نقبل الحسنات إنما نبحث عن حقوقه ومن هنا جاءت الدولة الكفيلة التى صنعت كل الحقوق للمواطنين. وأضاف أن مشروع الحرية الذى وصفه جمال عبد الناصر له جانحان الأول حرية سياسية والثانى حرية اجتماعية واهتم ناصر بالحرية الاجتماعية وربما أنا أكبر مثال على ذلك فقد تعلمت حتى حصلت على درجة الدكتوراه وأصبحت أستاذا جامعيا على نفقة الدولة، أما على الصعيد الخارجى فلم يكن يتناقش مع قطر فى أمور دولته ولم يكن له مستشارون من قطر ولم يكن يظن كالسادات أن 99% من خيوط اللعبة فى يد أمريكا ويستطرد الدسوقى قائلاً: عندما كنت فى زيارة لليمن قال لى أحد اليمنيين نحن ندين بالفضل لجمال عبد الناصر لأنه هو من بنى صنعاء فبعدما كانت أمتاراً أصبحت بشكلها مدينة بمعنى الكلمة وأضاف أن مشروع الوحدة العربية لم يمت بموت ناصر والدليل هو رفع الشعوب العربية لصورته حتى الآن خلال ثوراتهم. وأكد الدسوقى أن تاريخ جمال عبدالناصر تم تشويهه إذ زادت معدلات التنمية الاقتصادية 6% وهو معدل مرتفع بالنسبة لأرقام ذلك العصر، أما معدل النمو السكانى فكان 3% مما يعنى أن الحالة الاقتصادية والاجتماعية كانت فى نمو، وكذلك فى الصناعة فأنشأت العديد من المصانع ذات الصناعات الثقيلة فأنتجت المصانع المصرية الطائرة 300، والطائرة 200 بالاشتراك مع الهند فأنتجت مصر المحرك وأنتجت الهند هيكل الطائرة وهو الأمر الذى أدهش العالم فى ذلك الوقت، وأضاف أنه وسط هذا التقدم والنهضة تأتى هزيمة 1967 التى تعد بمثابة عملية إجهاض لمشروع عبد الناصر التنموى. ويقول الحقيقة أنه رغم أن هزيمة 1967 فاجأت الجميع فإننا يجب ألا ننسى رأس العش وإغراق المدمرة إيلات وتدمير ميناء إيلات وحرب الاستنزاف و9 و10 يونيو التى ألهبت إرادة الشعب المصرى فى التصدى للصهيونية واستكمال الحرب فى الوقت الذى كسر فيه درع الشعب المتمثل فى القوات المسلحة، ومن هنا يجب وضع 1967 فى مكانها الحقيقى فهى مجرد معركة خسرناها إلا أن الحرب مع الاستعمار والصهيونية مازالت مستمرة حتى الآن، وعندما نقارن ذلك بمصر أكتوبر الذى يعد نصراً تاريخياً وعسكرياً استرددنا الضفة الشرقية وقناة السويس إلا أن إرادة القتال كسرت لدينا عندما قال السادات: «إن خيوط اللعبة فى يد أمريكا» وعندما ننظر الآن نجد أن السيادة المصرية فى سيناء ناقصة، وهناك أيضاً مشروع لتقسيم مصر. واعترف الدسوقى بأن الأحزاب الناصرية بالإضافة لحزب الوفد والأحرار والتجمع ليس لها وجود فى الشارع. فالسادات عندما أسس الأحزاب جعلها كرتونية إلا أن ثورة يناير أكدت انه لو تحركت الأحزاب فى الشارع لأحدثت فروقاً كبيرة فى الشارع. وأنهى الدسوقى كلمته بأن ناصر مشروع لم يمت، كما أعلن عن انطلاق قناة العروبة وهى قناة ذات فكر ناصرى.