فى كارثة صحية تهدد الإسكندرية تحولت وحدة الأطفال المبتسرين بمستشفى الشاطبى الجامعى إلى مقبرة الداخل إليها مفقود والخارج مولود.. إذ تتعدد صور الإهمال من انعدام التهوية والنقص فى أجهزة التنفس والدفايات أو التكييفات، فضلا عن نقص عدد الممرضات. إلا أن الأخطر ما أشيع عن وجود «مافيا» لتجارة وبيع الأطفال تتم عبر هذه الوحدة فى غفلة من المسئولين. وللوقوف على حجم المأساة اتجهت «أكتوبر» لمستشفى الشاطبى الجامعى لاستجلاء حقيقة الأمر ودق ناقوس الخطر للمرة الثالثة لعل المسئولين بجامعة الإسكندرية ينقذون ما يمكن إنقاذه هذه المرة، حيث كانت «مجلة أكتوبر» سباقة فى عام 2005 بلفت الانتباه إلى احتمال حدوث كارثة بالمستشفى، وقد حدث ما توقعته «أكتوبر» عام 2008، حيث حدث حريق الحضانات بمستشفى الشاطبى ثم دقت «أكتوبر» ناقوس الخطر للمرة الثانية، ولكن دون جدوى. فالعاملون بجامعة الإسكندرية كانوا لايقرؤون ولو قرأوا لايستجيبون ورغم تغيير القيادات بالجامعة لم يحدث شىء إيجابى.. بل ازداد الأمر سوءاً فمازالت وحدة الأطفال المبتسرين بمستشفى الشاطبى تعانى من نفس المشكلات والتى تراكمت، كما وكيفا، منذ وقوع الحريق عام 2008 خاصة مع الحل العبقرى الذى تفتقت عنه أذهان المسئولين بالجامعة وقتها والمتمثل فى تصغير حجم الوحدة بدلا من زيادة مساحتها والتوقف عن الاستمرار فى مشروع توسعة هذه الوحدة رغم إعداد الرسوم الهندسية المطلوبة لذلك، واختفاء المبالغ المادية المخصصة لهذا المشروع أثناء الثورة والسكوت عن القضية بأكملها وهو مما اضطر المسئولين بإدارة المستشفى إلى تخصيص غرفة لانتظار الأطفال المواليد بالعشرات كل يوم لأنه لا يوجد مكان لهم داخل وحدة الأطفال المبتسرين هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى فإن دخولهم هذه الوحدة دون نظام أو بأعداد أكبر من الطاقة الاستيعابية للوحدة قد يترتب عليه حدوث حريق آخر بالوحدة واستمرت هذه الغرفة عدة سنوات منذ عام 2008 حتى أصبحت جزءاً لا يتجزأ من مستشفى الشاطبى، بل أصبحت كارثة طبية تحمل كل معالم الإهمال وانعدام الضمير واضمحلال الأخلاقيات الطبية وترسيخ لثقافة الموت بكل أشكالها ومدرسة لتعليم نواب الأطباء الصغار كيفية القتل العمد المبرر، حيث إن غرفة الانتظار أو مقبرة الموت، كما يطلق عليها سكان الاسكندرية تكتظ بأكوام من الأطفال الرضّع حديثى الولادة والذين لا يلقون أدنى درجات الاهتمام أو الرعاية الطبية فلا توجد أجهزة تنفس أو دفايات أو حتى أغطية قماش وبعضهم منعدم الهوية لا يوجد بيده شريط مدون عليه اسم الأم، كما هو متبع، وبعضهم لا يرتدى حفاضات ويقومون بعمليات التبول والتبرز على بعضهم البعض ومع زيادة الأعداد داخل هذه الغرفة تضطر الممرضات إلى وضع عدد من الأطفال الرضّع على الأرض إذا لم يتم سقوط الأطفال وحدهم على الأرض وهو الأمر الذى يتكرر كثيرا داخل هذه الغرفة والتى اعتاد فيها على استبدال الأطفال مع بعضهم البعض وتعرضهم للموت فور دخولهم لهذه الغرفة أو إصابتهم بالأمراض المعدية من الجو الملوث أو من بعضهم البعض. الغريب فى الأمر أنه لا يوجد من تتم مساءلته عن كل هذا الإهمال الذى يحدث داخل هذه الغرفة، فهى مجهولة المصدر والهوية ولا يعرف أحد حتى الآن من المسئول عنها وهو ما جعل إدارة مستشفى الشاطبى تبحث حاليا مع خبراء الإدارة والقانون عن تكييف ومبرر قانونى وشرعية إدارية لهذه الغرفة، وذلك هروبا من مسئوليتها والمساءلة القانونية التى قد يتعرضون لها خاصة بعد أن بدأ يفتضح أمرها وتنتشر الشائعات حول وجود تجارة وبيع للأطفال الرضّع تتم عبر هذه الغرفة فى غفلة من المسئولين بالجامعة والذين انشغلوا عن أمر هذه الغرفة رغم علمهم بها وعن المشاكل الجمة التى تعانى منها وحدة الأطفال المبتسرين تم ضخ حوالى 2 مليون جنيه لإقامة مشروع ضخم جدا ليس له علاقة بالنشاط الطبى والخدمة الطبية التى تقدمها المستشفى للمرضى من قاطنى محافظات الإسكندرية وكفر الشيخ والبحيرة ومرسى مطروح والذين يصل تعدادهم إلى حوالى 14 مليون نسمة وهذا المشروع أو الصرح الطبى العظيم هو إقامة ملعب رياضى بمساحة شاسعة داخل أرض فضاء كانت غير مستغلة داخل المنطقة التى يوجد بها مستشفى الشاطبى والذى لم يستغل حتى لجلوس أهالى المرضى، حيث إنه محاط بسياج معدنى وأسلاك لا يمكن اختراقها، وذلك طلبا وسعيا فى حصول مستشفى الشاطبى على شهادة الجودة والتى يشترط للحصول عليها وجود ملعب رياضى فى الوقت الذى كانت هناك لجنة من وزارة الصحة تقوم بجولات تفقدية داخل وحدة الأطفال المبتسرين بالمستشفى وأعدت تقريرا أسود عن هذه الوحدة كشف النقاب عن أنه يوجد نقص شديد فى عدد أفراد التمريض ولا يتم تطبيق سياسة الأمان الخاصة بالأدوية، حيث لا يتم تمييز الأدوية عالية الخطورة عن الأخرى. كما لا يوجد مخارج كهربائية لكل حضانة، مما يؤدى إلى مد الأسلاك الكهربائية يميناً ويسارا بالغرفة ومن أمام أو خلف الحضانة، وبالتالى يؤدى ذلك إلى صعوبة حركة التمريض أو احتمال سقوط الأجهزة والتى يوجد ببعضها عطل نتيجة السقوط أرضا، كما أن شد بعض الأسلاك قد يؤدى إلى حدوث ماس كهربائى وحدوث حرائق هذا إلى جانب تعطل عدد 10 مكيفات بأماكن مختلفة بالقسم من إجمالى عدد 23 مكيفاً، مما يؤدى إلى ارتفاع درجة الحرارة فى العديد من الغرف خاصة مع العدد الزائد من الحضّانات. كما أظهر التقرير تكدس الحضّانات وسوء التهوية والحالة العامة من اللانظامية فى تقديم الخدمة والرعاية الطبية وأنه لا توجد سياسات مكافحة العدوى بالقسم ولا تطبيقها من حيث غسيل الأيدى أو فصل النفايات والتعامل مع حالات العزل أو التطهير والتنظيف للوحدة حيث تلاحظ للجنة وزارة الصحة وجود أكثر من قسطرة تشفيط وبقع دماء أسفل الحضّانات على الأرض، كما أنه لا يتم تسجيل تاريخ الصلاحية على المواد المعقمة وخرج التقرير الأسود بعدة توصيات والتى منها توفير أعداد التمريض الكافية لتشغيل القسم حتى يمكن تفعيل التوسعات فى القسم وزيادة المخارج الكهربائية بالقسم لتفادى الوصلات الكهربائية للأجهزة غير المطابقة لمعايير الأداء وسرعة إصلاح الأجهزة المعطلة بالقسم وتوفير أماكن لتخزين الأجهزة غير المستخدمة بعيدا عن غرفة الأدوية وبعيدا عن ممرات ومداخل غرف القسم إلى جانب ضرورة الالتزام بتقديم خدمة طبية آمنة والحفاظ على سلامة وأمان المرضى بوحدة المبتسرين وخاصة فيما يتعلق بتطبيق سياسات مكافحة العدوى والتعقيم غير المفعّل. والجدير بالذكر أنه معروف عن هذه الوحدة منذ عام 2003 أنها تعانى الكثير من المشاكل الإدارية والطبية والتمريضية، حيث إنه على الرغم من الطاقة الاستيعابية لهذه الوحدة حوالى 60 رضيعاً فإنها تستقبل يوميا أكثر من 90 حالة بمعدل 2700 رضيع شهريا وهو ما يترتب عليه أن تكون نسبة التمريض التى تقوم برعاية هؤلاء الرضّع 12:1 ومعدل شغل الحضّانات حوالى 116% شهريا ليصل بذلك متوسط معدل الوفيات الإجمالى بالوحدة حوالى 26.5% شهريا. ولعل كل المشاكل التى تعانى منها الوحدة من زيادة حجم الكثافة العالية للأطفال الرضّع يرجع إلى أن المسئولين بقسم النساء والتوليد بمستشفى الشاطبى لا يراعون الطاقة الاستيعابية لوحدة الأطفال المبتسرين ويستمرون فى قبول حالات ولادة بالجملة وقيام صغار الأطباء من النواب بالقسم بمتابعة هذه الحالات واللجوء إلى الولادة القيصرية فى معظم هذه الحالات، حيث سجلت حالات الولادات القيصرية بالمستشفى حوالى أكثر من 564 حالة شهريا مقارنة بمتوسط عدد ولادات طبيعية يصل إلى 444 حالة شهريا. وفى محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه فقد قام الأطباء المشرفون على الوحدة مرارا وتكرارا بمخاطبة المسئولين بجامعة الإسكندرية لمعالجة كم المشاكل التى تعانى منها هذه الوحدة منذ عام 2003 وحتى الآن، ولكن لم يتحرك لديهم ساكن أو عرض مقترحات تقليدية وغير تقليدية لمعالجة هذه الكارثة والتى تتمثل فى مضاعفة عدد أفراد هيئة التمريض من مشرفات وحكيمات وتعيين أطباء مسجلين، وكذلك أطباء مستشفيات للعمل بالوحدة وتزويدها بأعداد جديدة من الحضّانات وأجهزة التنفس الصناعى، وذلك بعد توسعتها لزيادة طاقتها الاستيعابية وزيادة أعضاء هيئة التدريس بالوحدة وضرورة عمل بروتوكول تعاون بين الوحدة ومديرية الشئون الصحية بالإسكندرية من خلال تفعيل خدمة الطوارئ بمديرية الصحة منعا لحدوث تكدس للحالات بالقسم مع أهمية تعيين مدير للوحدة متفرغ للعمل على مدار 24 ساعة ولا يشترط أن يكون طبيباً بل تكون له خبرة فى مجال العمل الإدارى بالمستشفيات على أن يكون بعقد محدد المدة. وقد طالب أطباء الوحدة أيضا بضرورة التحقيق بصورة عاجلة فى أسباب تأخير البدء فى تنفيذ مشروع توسعة وحدة الأطفال المبتسرين وزيادة عدد الصيادلة والصيدليات بالوحدة وتلافى عيوب السلامة والصحة المهنية بالوحدة!