تشهد أسعار الأسماك ارتفاعاً جنونياً أدى إلى انصراف البسطاء عن الشراء بعدما كانت الأسماك هى البديل للحوم والدواجن التى تشهد أسعارها أرقاماً فلكية.. «أكتوبر» التقت جميع المتهمين بتفجير الأزمة لكشف أسباب تصاعدها على نحو غير مسبوق خلال هذه الأيام، وقد كشف التحقيق التالى عن تورط عدد ممن يطلق عليهم «مافيا» سوق الأسماك من تجار ومستوردين وبائعين الذين تكاتفوا جميعاً على حرق جيوب الغلابة. بعض البائعين يرى أن ندرة الإنتاج هى السبب وهو ما يؤكده بليغ فؤاد «بائع سمك» الذى يقول إن سبب ارتفاع أسعار الأسماك لا يرجع للتاجر، إنما لتقلص الثروة السمكية حيث إن الإنتاج المحلى يختفى فور خروجه من البحر وتقوم مجموعة من «مافيا» الصيادين وتجار الجملة ببيعه للمطاعم والفنادق الكبرى وبالتالى لا يكفى الإنتاج السمكى الاستهلاك المحلى، ولذلك تم إغراق الأسواق بالأسماك المستوردة خاصة من الصين وتايوان والبحرين والسعودية والبرازيل. وأشار إلى أن تجار التجزئة ليسوا المسئولين عن ارتفاع أسعار الأسماك إنما جشع تجار الجملة خاصة أثناء المضاربة فى مزاد بيع الأسماك اليومى. فى حين أكد عبده يوسف «بائع» ليست هناك أسماك غالية وأخرى رخيصة الثمن وإنما يرتبط ذلك بحجم الإنتاج بالعرض والطلب وشكل التنافس بين الأسماك الطازجة والأسماك المجمدة والمستوردة والأخيرة معظمها من الصين، أى أن كله يرجع إلى المستهلك فهو الذى يقع على عاتقه التفرقة والتمييز بين الأسماك «الطازجة» المحلية والأسماك المجمدة أو حتى المغشوشة. ويرجع الحاج حسن الصغير «تاجر أسماك» أسباب ارتفاع أسعار الأسماك إلى أن السمك المحلى يتم تصديره وإغراق الأسواق والمجمعات الاستهلاكية والمولات التجارية بالأسماك المجمدة رخيصة الثمن حيث يقوم حيتان السوق من الصيادين وتجار الجملة برفع الأسعار فى مزاد بيع الأسماك لتذهب الحصة الأكبر إلى أصحاب المطاعم والفنادق الكبيرة. وأضاف أن البائعين فى حلقة السمك ليس لهم علاقة بارتفاع أسعار الأسماك ولا الغش ببيع السمك المجمد على أنه طازج أو تلوين أسماك البربون والمرجان باللون البرتقالى، إنما هذه الأمور يقوم بها تجار السمك الجشعون من أصحاب المحلات أو «العيال السريحة» على كورنيش البحر. وأشار مصطفى عبد الفتاح «بائع سمك» إلى أن مؤشر أسعار الأسماك يتحرك انخفاضا وارتفاعا حسب درجة حرارة الجو وظروف الطقس التى تؤثر على كمية الأسماك وبالتالى ترتفع أسعارها وأحياناً يحدث العكس وهناك أوقات يكاد يكون السمك فيها منعدماً وأسعاره تصبح ناراً خاصة فى شهر مايو ويونيو وقت المنع من الصيد والذى نضطر فيهما إلى اللجوء إلى بيع الأسماك المجمدة والمستوردة خوفاً من الإفلاس تماما. يؤكد رجب إبراهيم رئيس جمعية المراكب الآلية أن ارتفاع وانخفاض الأسعار يرجع للعرض والطلب فالأسماك مثلها مثل أية سلعة وقطاع الصيد لا يساهم فى هذه المشكلة ، وإنما جشع تجار الأسماك والإدارة غير الرشيدة لقطاع الثروة السمكية من قبل وزارة الزراعة وراء ارتفاع أسعار الأسماك كما نجد «مافيا» وبلطجية الزريعة يقومون بالسطو على الزريعة السمكية رغم أن وزارة الزراعة قررت وقف صيدها من أجل الحفاظ عليها، كما نجد مراكب النزهة تقوم بالصيد كيفما شاءت، الأمر الذى ترتب عليه أن 90% من الصيادين اتجهوا إلى تعديل رخص سفن الصيد للتحايل على قرار وزارة الزراعة. أكاذيب الصيادين والتجار من جانبه يرى الدكتور شريف فتوح رئيس شعبة المصايد بالمعهد القومى لعلوم البحار والمصايد فرع الإسكندرية أن كلام الصيادين «خاطئ» وأن ارتفاع أسعار الأسماك بهذا الشكل يرجع إلى أنه مع انتشار الأمراض الفيروسية مثل الحمى القلاعية أقلع كثير من المستهلكين عن اللحوم الحمراء وأصبح الطلب كبيرا على الأسماك مما دفع التجار والصيادين إلى سباق الزمن وزيادة عمليات الصيد بشكل كبير للحصول على أكبر قدر ممكن من المكاسب المادية، مما ترتب عليه نقص فى المخزون السمكى فى الماء وحتى فى المزارع السمكية نفسها وقد ازداد الأمر سوءا مع اتجاه بعض أصحاب المزارع السمكية إلى صيد الزريعة الصغيرة وبيعها فى السوق المحلى بأسعار عالية وذلك لملاحقة الطلب على الأسماك من قبل المستهلك ومع كل هذا قد يتعرض المخزون السمكى للتدمير خاصة بعد انخفاض الإنتاج المحلى من الأسماك فعلى سبيل المثال فى عام 2007 بالمقارنة بالزيادة السكانية وصل الى مليون طن بالإضافة إلى 9.258 ألف طن أسماك تم استيرادها من الخارج من دول الصين وتايوان وتايلاند والبرازيل وتصدير كميات أسماك تقدر بحوالى 4,4 ألف طن حتى أصبح استهلاك الفرد من الأسماك حوالى 40,16 كيلو جرام سنوياً. ويؤكد فتوح أنه يمكن القضاء على ظاهرة ارتفاع الأسماك من خلال التوسع الأفقى باستكشاف مناطق صيد جديدة فى مياه البحر المتوسط و والاهتمام بتطوير طرق ومعدات الصيد المستخدمة بما يتلاءم مع مجريات العصر والالتزام التام بحماية عمليات التكاثر التى تقوم بها الأنواع الاقتصادية من الأسماك وذلك بوقف عمليات الصيد باستخدام الشباك أثناء موسم التوالد مع مراعاة الأبعاد الاجتماعية للصيادين فى هذا الشأن ومنع صيد زريعة الأسماك وحمايتها من عوامل التلوث المختلفة وأيضا التطبيق الحازم والدقيق لقوانين الصيد من خلال الجهات المعنية بهذا الأمر، هذا إلى جانب الاهتمام بمكافحة عوامل التلوث بعناصره المختلفة فى المياه المصرية للبحر المتوسط وخاصة الصرف الصحى والمخلفات البترولية والزراعية. غش الجمبرى والكابوريا من جهته كشف المهندس جمال زقزوق رئيس مجلس إدارة جمعية حماية ورعاية المستهلك والبيئة بالإسكندرية النقاب عن شكل من أشكال جشع تجار بيع الأسماك من جهة وانتشار الأسماك المجمدة والمستوردة فى الأسواق من جهة أخرى حيث أكد أنه مع ارتفاع أسعار الأسماك الطازجة لجأ التجار إلى حيلة غريبة وهى شراء كميات كبيرة من الأسماك المجمدة وبيعها فى الأسواق على أنها أسماك طازجة خاصة أسماك الجمبرى والكابوريا، حيث يقوم تجار الأسماك بوضعها فى المياه المغلية لتغير لونها وخداع المستهلك بأنها طازجة جداً إلى جانب الطرق التقليدية المتعارف عليها وهى صبغة أسماك غير معروفة باللون البرتقالى والروز لإيهام المستهلك بأنها أسماك الباربون والمرجان وبيعها بأسعار مرتفعة. ويؤكد زقزوق أنه يمكن فى ظل هذا الغش التجارى الذى يتعرض له المستهلك خاصة مع ارتفاع أسعار الأسماك أن يتعرف المستهلك على الأسماك الطازجة وذلك بأن يتأكد من أن هذه السمكة مظهرها سليم ونظيف ولها عينان براقتان وخياشيمها حمراء و ليس لها رائحة مميزة صنف مثل «السردين» إلى جانب أن تكون السمكة قشورها صلبة وأن يكون الجسم والجلد متماسكين وإذا تم الضغط على الجسم بأصابع الإبهام لا يتهشم ولا ينسلخ الجلد وعند رفع الإبهام لا يرى له أثر على جسم السمكة.