لا يزال سوق الدواء المصرى يعانى من بيروقراطية الحكومة وتخاذلها فى بعض الاحيان فى الحفاظ على صحة المصريين , حيث كشفت مستندات خطيرة - حصلت «أكتوبر» على نسخة منها - عن دواء شهير يباع بكميات كبيرة فى الصيدليات منذ عام 1997 ومخصص كفاتح شهية ومقو للاطفال من سنة 3 سنوات الى 12 سنة ويؤثر هذا الدواء بالسلب على القدرة العقلية للأطفال بما يحويه هذا الدواء من مواد مخدرة تصيب الطفل بحالة اكتئاب مزمنة . وفيما أصدرت اللجان العلمية بوزارة الصحة تقارير رسمية تطلب سرعة سحب الدواء من الاسواق وحظر إنتاجه إلا أن الوزارة لا تزال ترفض سحب المستحضر الذى يتبع مباشرة لشركة يرأس مجلس إداراتها الدكتور محمد عبدا لجواد نقيب الصيادلة. وكشفت مستندات رسمية صادرة عن وزارة الصحة أن الوزارة وقعت على قرارين مختلفين بالموافقة على دواء تريزوركس المستخدم فاتح للشهية وفيتامين للاطفال وتابع لشركة المهن الطبية للادوية وذلك على الرغم من قرار صادر عن الادارة العامة لتسجيل الادوية بمخالفة العقار وسحب تداوله فى السوق المصرى , حيث إنه يؤثر على الحالة العقلية للاطفال ويصيبهم بالتخدير ويشبه تأثيره نبات «البانجو» ومخدر «الحشيش» . وجاء فى مستند رسمى عن «الصحة « ويحمل رقم وراد «138» بتاريخ 13 مايو 2012 أن اللجنة الفنية بجلستها 13 أكتوبر 2011 بخصوص مستحضر « تريزوركس» وتركيبته بأنه تمت مخاطبة الشركة بحذف بعض المواد الضارة من المستحضر وذلك للموافقة على تسجيله فى السوق المحلى او تسجيله مستحضر للتصدير كمضاد للحساسية. وعلى الرغم من ذلك جاء فى نفس القرار موافقة الادارة المركزية لشئون الصيدلة على التصريح بالعقار تحت نص « لامانع من الافراج عن العقار لحين الانتهاء من الدراسة - التى من المنتظر ان تقدمها الشركة صاحبة الدواء- . وجاء فى مستند آخر موجه من الادارة العامة للشئون الصيدلية ل «شركة المهن الطبية» المصنعة للدواء , أن «العقار» انتهت صلاحية تسجيله لكنه تحت الدراسة , ونتشرف بالافادة بأنه تمت الموافقة عليه بناء على تأشيرة الدكتور رئيس الادارة المركزية للشئون الصيدلية بأنه لامانع من الافراج عن العقار « . وصدر هذان القراران رغم أن اللجنة الفنية للأدوية بتاريخ 6/3/2008، قررت ضرورة سحب جميع المستحضرات الصيدلية التى تحتوى على المادة الفعالة (سيبروهيبتادين) لسوء استخدامها، ووجود بدائل عديدة لها , وهى نفس المادة المستخدمة فى العقار تريزوركس . واجتمعت اللجنة العلمية المتخصصة لأمراض الأطفال المشكّلة بقرار وزارى رقم 52 لسنة 2007 بتاريخ 16/9/2012 برئاسة الدكتور محمد صبرى أبو علم وعضوية كل من د.أميرة عبدالفتاح إدريس ود/محمود طارق فتحى ود.مى حمدى السيد وأوصت لجنة الفارماكولوجى بعدم استخدام مادة (سيبروهيبتادين) كفاتح شهية وقصر استخدامها كمضاد للهيستامين فقط، كما أوصت اللجنة بتعديل الاستخدام بالنشرات الداخلية الخاصة بالمستحضر المسجلة والمتداولة بالسوق المصرى. وتقدمت الشركة الفرعونية للأدوية بطلب لإعادة تسجيل المستحضر، وأفاد قسم الاستقبال انه لن يتم استكمال إجراءات التسجيل وذلك طبقا لقرار اللجنة الفنية بجلستها فى 6/3/2008 حيث قررت اللجنة سحب المستحضرات المسجلة المحتوية على مادة سيبروهيبتادين والمتداولة بالسوق المصرى وذلك طبقا لتوصيات لجنة الأطفال بجلستها فى 30/12/2007 والتى قررت عدم الموافقة على السير فى إجراءات تسجيل المستحضر. وكشف مصدر رسمى فى وزارة الصحة أن الوزير الدكتور محمد مصطفى بدأ التحقيق فى واقعة الدواء خاصة وأن هناك قرارات عليمة صادرة من قبل تتعلق بسحب المستحضر من السوق الا ان الوزراء والقيادات السابقة بالوزارة كانت تغض الطرف عن سحب المستحضر ومنع انتاجه. وأكدت المصادر أن الوزارة قررت احالة الدكتور محسن عبدالعليم رئيس الادارة العامة لشئون الصيادلة للتحقيق بعد بلاغات مماثلة قدمت ضد عبدالعليم تخص أدوية أخرى , فيما أشارت المصادر أن التحقيقات لم تنته حتى الآن , خاصة أن عبدالعليم محال أيضا للرقابة الادارية. و حاولت مجلة اكتوبر الاتصال بالمسئول الاول عن التصريح بالدواء الدكتور محسن عبدالعليم رئيس الادارة المركزية لشئون الصيادلة، الا انه لم يرد على تليفوناته فيما رفض مكتبه الرد على ما ورد بالمستندات . من جانبه قال الدكتور محمد عبدالجواد نقيب الصيادلة إن الدواء ليس ضاراً كما يشاع ومستخدم فى الاسواق منذ اكثر من 10 سنوات , مشيرا الى انه لو كان يسبب أى ضرر لكان ظهر هذا فى السنوات الماضية . و قال الدكتور محمود فتوح، رئيس اللجنة النقابية للصيادلة الحكوميين، إن شركة المهن الطبية تنتج عقار «تريزوركس» ويُستخدم كفاتح شهية ومقو عام للأطفال، فى حين أنه يصيبهم بالتخدير، ويؤثر على حالتهم العقلية, و يصيب الأطفال بعدم توازن عقلى عند تناوله، كما أن مادته الفعالة تضاهى تأثيرات الحشيش والبانجو، وتوقفت جميع الشركات عن إنتاجه إلا شركة المهن الطبية، مطالبًا بسرعة سحب العقار للحفاظ على صحة الأطفال والرضع . وأوضح أن الدكتور محسن عبد العليم لم يُصدر أوامره لشركة المهن الطبية التى يرأس مجلس إدارتها نقيب الصيادلة، بسحب مستحضر (تريزوركس)، والذى يحتوى على المادة الفعالة (سيبروهيبتادين)، رغم صدور قرار من اللجنة الفنية للأدوية بتاريخ 6/3/2008، بضرورة سحب جميع المستحضرات الصيدلية التى تحتوى على هذه المادة، لسوء استخدامها، ووجود بدائل عديدة لها. وأضاف فتوح - فى 3 بلاغات قدمها للمستشار عبد المجيد محمود، النائب العام يحمل رقم 3278، ضد الدكتور محسن عبد العليم، رئيس الإدارة المركزية للشئون الصيدلية، ونقيب صيادلة القاهرة، والدكتور محمد عبد الجواد، رئيس مجلس إدارة شركة المهن الطبية للأدوية، ونقيب صيادلة مصر. إن جميع الشركات التى تنتج الأدوية والمستحضرات الصيدلية التى تحتوى على هذه المادة قد توقفت عن إنتاج هذه الأدوية مثل مستحضرات «بيريافيت»، و«تراياكتين»، والشركة الوحيدة التى لم تتوقف عن إنتاج هذا المستحضر هى شركة المهن الطبية التى يرأسها نقيب الصيادلة الدكتور محمدعبدالجواد « . وتابع البلاغ أن «الأمر يثير الشكوك والهواجس حول العلاقة بين رئيس الإدارة المركزية للشئون الصيدلية ونقيب صيادلة مصر، والمصالح المشتركة بينهما لكون رئيس الادارة المركزية للشئون الصيدلية مرؤوسا تحت النقيب فى نقابة الصيادلة، ولكونهما كانا ضمن قائمة واحدة تنتمى لجماعة الإخوان المسلمين فى انتخابات النقابة السابقة.