«تعليم الأقصر» يقيم ورشة عمل لرفع المستوى اللغوي عند معلمي اللغة الفرنسية    الشعب الجمهوري: طرح قضية الدعم لحوار مجتمعي لضمان وصوله لمستحقيه    الأمانة العامة بالنواب تخطر الأعضاء بجدول الجلسات البرلمانية    مدير إدارة حدائق أكتوبر التعليمية تتفقد انتظام سير الدراسة بعدد من المدارس    «إكسترا نيوز»: الرضا يعم المواطنين بعد مبادرة حياة كريمة لتوفير اللحوم    محافظ الغربية يناقش آخر مستجدات مشروعات توصيل الغاز بمراكز ومدن المحافظة    محافظ أسوان يشدد على الانتهاء من إحلال وتجديد خطوط مياه الشرب والصرف بكسر الحجر    «المالية»:تحسين الخدمات الضريبية وتوحيد المعاملات بالمناطق والمأموريات    وزير المالية يفتتح مؤتمر «بورتفوليو إيجيبت» بحضور كبار الاقتصاديين غدا    «المواد الغذائية»: تحويل الدعم العيني إلى نقدي يحقق العدالة الاجتماعية    لحظة انتشال جثمان حسن نصر الله من موقع الهجوم.. فيديو    «خارجية النواب»: مصر تمثل القوة الداعمة لاستقرار المنطقة    رئيس حزب الاتحاد: الشرق الأوسط ينزلق إلى حرب شاملة    غزة تواصل النزيف.. الآلة العسكرية الإسرائيلية تطلق القذائف على المنازل    شواطئ.. روسيا والغرب.. لمن الغلبة؟ (4)    مفتي الجمهورية ينعى شقيقة الدكتور أحمد عمر هاشم    محمد صبحي: كنت أتمنى المشاركة في السوبر الأفريقي..وعواد تألق بجدارة    أشعة جديدة على ركبة محمد هاني اليوم    حسين لبيب عن تجديد عقد زيزو: سيبونا نشتغل.. ولا داعي للقلق    محافظ المنيا: ضبط 261 مخالفة خلال حملات تفتيشية تموينية على الأسواق    بيان مهم بشأن حالة الطقس في الليلة الأخيرة من سبتمبر: «مفاجآت غير متوقعة غدًا»    "الأحوال المدنية" يواصل إيفاد القوافل المتنقلة لاستخراج بطاقات الرقم القومى والشهادات المميكنة    ضبط مواد غذائية مجهولة المصدر بحملة تموينية فى العاشر من رمضان    مصرع شاب في تصادم دراجة بخارية وتريلا بقنا    مصرع صياد غرقًا أثناء عمله في بحيرة المنزلة    ضبط 150 طن مخلفات بلاستيكية ومخصبات زراعية مجهولة المصدر بالقليوبية.. صور    يسرا: الفن يقدر يغير الدنيا لو استخدمناه صح    مفتي الجمهورية يستقبل وفدا من علماء الجمعية المحمدية بإندونيسيا    الثقافة في أسبوع.. انطلاق فعاليات مهرجان الإسماعيلية وفعاليات مكثفة بمبادرة "بداية"    مهرجان الجونة يكشف عن الأفلام القصيرة بدورته السابعة في المسابقة    «الصندوق» يفتتح فعاليات الدورة السابعة ل «القاهرة للمونودراما»    الصحة تخصص خطا ساخنا للاستفسار عن أماكن توفر تطعيم السعار    ماء الليمون الأبرز.. 6 مشروبات صباحية لتقليل الإمساك وتحسين الهضم    نجاح الفريق الطبي بمعهد القلب في إجراء تدخل جراحي دقيق لإنقاذ حياة مريض    إعادة تشغيل الصيدلية التجارية بعيادة السلام للتأمين الصحي ببني سويف    سيارات تويوتا وجيب وبيجو للبيع في مزاد علني.. الشراء بالرقم القومي    هل أصبح محمود حمدي الونش جاهزاً للمشاركة مع الزمالك؟.. طبيب النادي يرد    محمد صلاح ينضم لمعسكر منتخب مصر 7 أكتوبر استعدادا لمباراتي موريتانيا    عادل السنهوري ل شريف مدكور: عبقرية سيد درويش أن ألحانه تعيش منذ 100 عام    متفوقة علميًا وطيبة السمعة، الإدارية العليا تلغي استبعاد فتاة من وظيفة قضائية    احذر.. حبس وغرامة مليون جنيه عقوبة مزاولة نشاط تمويل المشروعات الصغيرة بدون ترخيص    ميقاتي: يجب وقف إطلاق النار على جميع الجبهات ومن ضمنها غزة حتى نتمكن من تطبيق القرار 1701    بعد واقعة اكتشاف سحر مؤمن زكريا داخل المقابر.. ما رأي الدين في السحر والسحرة؟    الرئيس السيسي: ندير أمورنا بشكل يحفظ أمن واستقرار بلادنا والمنطقة    هل اقترب موعد العمل العسكري؟.. تصريح قوي من وزير الخارجية بشأن سد النهضة    بعد أحداث السوبر الأفريقي.. الأهلي يوقع عقوبة مغلظة على إمام عاشور    إصابة 14 شخصا في انقلاب ميكروباص أمام مدخل الجبلاو بقنا    الموت يفجع الشيخ أحمد عمر هاشم    نشرة الأخبار، الكشف عن جنسية جاسوس أبلغ تل أبيب بمعلومات موقع حسن نصر الله، وإسرائيل اغتالته ب 85 قنبلة وطائرة F16    توزيع 1000 شنطة سلع غذائية على الأسر الأولى بالرعاية في كفر الشيخ    الصحة تنظم برنامجا تأهيليا لأطباء الصدرية بالتعاون مع الجمعية المصرية للشعب الهوائية    "أكسيوس": إسرائيل تطلب من الولايات المتحدة ردع إيران بعد اغتيال زعيم حزب الله    الرئيس السيسي يشهد حفل تخرج دفعة جديدة من طلبة أكاديمية الشرطة (بث مباشر)    إجابات علي جمعة على أسئلة الأطفال الصعبة.. «فين ربنا؟»    أول تعليق من هانز فليك بعد رباعية اوساسونا    خبير يكشف عن السبب الحقيقي لانتشار تطبيقات المراهنات    داعية إسلامي يضع حلًا دينيًا للتعامل مع ارتفاع الأسعار (فيديو)    المنيا تحتفل باليوم العالمي للسياحة تحت شعار «السياحة والسلام»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السياسة الخارجية لمصر بين ثورتى 1952 و2011
نشر في أكتوبر يوم 23 - 09 - 2012

تحل الذكرى السنوية لثورة 1952 يوم 23 يوليو من كل عام تحتفل بها مصر وتعتبر هذا اليوم هو اليوم الوطنى، وقد ارتبطت هذه الذكرى بالجيش وبجمال عبد الناصر، فهى حركة جيش حولها عبد الناصر إلى ثورة اجتماعية تنشد العدالة الاجتماعية وإعادة توزيع الدخول وصياغة المجتمع، وثورة فى استقلال مصر عن بريطانيا واستقلال القرار الوطنى عموماً. ولذلك ربط البعض بين هذه الثورة وعبد الناصر، بحيث اتخذ الكارهون والمناصرون لعبد الناصر موقفاً سلبياً أو إيجابياً منها، بل إن البعض اعتبر أن المجتمع المصرى والمدنية المصرية قد نالها الكثير بسبب هذه الثورة، بينما رأى آخرون أن الثورة صحيحة، لكن تأسيسها لحكم المؤسسة العسكرية هو أسوأ ما خلفته هذه الثورة.
أما الإخوان المسلمون والإقطاع ورأس المال فهم أهم المضارين ليس من الثورة ذاتها ولكن من سياسات الحكم بعد الثورة، بل إن ذكرى الثورة ارتبطت بذكرى عبد الناصر الذى عانى الإخوان منه أكثر من غيرهم دون أن يكتب أحد بشكل موضوعى عن جوانب حكم عبد الناصر المختلفة وما يخص منها الإخوان المسلمين، والأغرب أن بعض متطرفى التيار الناصرى يرون فى استمرار معاداة الإخوان إحياء لخط عبدالناصر لدرجة أن ابنته فضلت التصويت للفريق احمد شفيق تطبيقاً لهذه النظرية، وهذه النظرية لها دلالات خطيرة فى فهم السياسة وسلوكياتها.
كانت السياسة الخارجية لمصر الثورة عام 1952 هى تقديم السياسات الجديدة والسعى إلى استقلال مصر والدفاع عن المواقف المصرية فى معارك مصر الثورة فى الداخل والخارج، مع الإقطاع ورأس المال ومحاكمات الثورة، وإلغاء الأحزاب السياسية، والدساتير الانتقالية والتأميم والتمصير وصد العدوان الثلاثى ومعركة السد العالى والتطبيق الاشتراكى وحرب اليمن والوحدة المصرية السورية والانفصال وأخيراً هزيمة يونيو المنكرة للجيش والدولة والثورة معاً. تحولت دبلوماسية مصر إلى إقناع العالم بالحلول السلمية لزوال الاحتلال الإسرائيلى الذى أصبح مادة جديدة دائمة فى مصطلحات الدبلوماسية الدولية ملازمة لأزمة «الشرق الأوسط» ثم تحولت هذه الدبلوماسية للدفاع عن حق مصر فى حرب الاستنزاف، حتى إذا قررت مصر شن حرب تحرير سيناء عام 1973 انشغلت هذه الدبلوماسية بكسب الرأى العام عن الجهود العربية فى مجال دعم هذه الحرب. وما بين عام 1973 و1979 دخلت واشنطن بشدة على الخط فتحول نقدها لدورها فى حرب 1973 إلى إطراء وتقارب معها وإثناء على جهودها فى تحقيق السلام بين مصر وإسرائيل فى الوقت الذى تقدمت فيه جهود تقارب مصر وإسرائيل برعاية واشنطن خاصة فى اتفاق فك الاشتباك عام 1975 وزيارة السادات للقدس 1977 ثم كامب ديفيد 1978 والسلام 1979، وكانت السنوات الست كافية لتحول مصر تماما من حليف للاتحاد السوفيتى، على رأس العالم العربى، مناهضة للعدوان الإسرائيلى إلى التحالف مع واشنطن وإسرائيل ضد موسكو والسعى لكى يلحق العالم العربى بركب الانحناء المصرى والحج إلى الكعبة السياسية الجديدة، وبسرعة تحولت دبلوماسية مصر من الوساطة بين الفلسطينيين والإسرائيليين إلى تبنى المطالب الإسرائيلية فى مواجهة الفلسطينيين والإسهام فى الدجل الدبلوماسى الذى عمل جاهداً على تصفية القضية فى إطار تخلى مصر تماماً عن مصالحها ودورها الوطنى أمام الاختراق الأمريكى والإسرائيلى والعربى. وبطبيعة الحال برع مبارك فى اختيار الوزراء الصالحين للمهمة الجديدة وهى القدرة على الدفاع عن دبلوماسية الخضوع والتآمر على المصالح الوطنية المصرية وتسويق الحق فى تعذيب المواطنين تحت ستار السيادة الوطنية.
وساهم الإعلام مع الدبلوماسية الهابطة فى تصوير هذا التحول على أنه قمة الوطنية المصرية والدفاع عن الاراضى المصرية ضد «الغزو الفلسطينى» والأنكى أن وزير الخارجية بدأ فى إعلام الدولة يكتب مذكراته وبطولات حرب أكتوبر رغم تواضع قدراته الشديد بل وأدائه الذى كان يدعو للرثاء، وهى المرحلة التى اضطرتنى إلى الاستقالة بعد تبنى الفساد والفجور الدبلوماسى واستهداف المصالح المصرية هدفا فى الدبلوماسية المصرية.وكنت أتأمل حالة الانكسار التى سادت جيلى بعد 1967 والطفوله السياسية التى أديرت بها الدولة وعلاقاتها الخارجية بسطوة السطحية وداء الزعامة، وهى الحالة التى دخلنا فيها إلى الوظيفة الدبلوماسية، وحالة التردى واليأس وانحطاط الهمم واالأخلاقيات والانتهازية التى سادت الوسط الطارد لأمثالى ويفصل بين الحالتين قرابة 35 عاماً كاملة، ولم أفاجأ بأننى أدفع ضريبة العلم والوطنية بعد أن اتهمت فى هذا المناخ بمرض وبيل أسموه «الإفراط العلمى والأكاديمى» ومما يدعو للرثاء أن وزير الخارجية صاحب هذا العهد الذهبى أصدر قراراً بمنح خمسة جنيهات لمن يحصل على الدكتوراه فبدا كذبا كأنه يشجع على تحصيل العلم وسوف يأتى يوم نفيض فيه فى رسم الصورة الباكية لهذا العصر الأسود الذى برع وزراؤه فى خدمة مخطط رئيسهم المنبطح أمام إسرائيل والذى فى عهده أطفئت فيه أنوار مصر الداخلية والخارجية وعرفت عقدين على الأقل من الخمود الدبلوماسى المذل. وهكذا كانت ثورة 25 يناير 2011 رغبة شعبية عارمة فى إسقاط نظام أذل مصر وأتبعها لإرادة الكبير والصغير من الدول القريبة والبعيدة وأفقدها كل أوراق القوة وجعلها رجل المنطقة المريض. ولاشك أن مطالبة الثورة بالكرامة تعنى الحصول على الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والكرامة فى تعامل الدولة مع المواطن، والحفاظ على كرامة الوطن فى مواجهة سياسات الإخضاع والإذلال، والدفاع عن كرامة المواطن أينما كان فى خارج البلاد، مما يلقى على كاهل الحاكم الجديد مسئولية أولية وهى تحرير إرادة مصر وقرارها فى الخارج حتى يستقيم أمرها فى الداخل، وهذه هى عقدة العقد بالنسبة لمصر، ويكفى أن نشير إلى أن استقلال القرار فى السياسة الخارجية يمثل 80% من مجمل المصالح المصرية، ولكن كانت المشكلة دائماً هى كيف تحقق مصر استقلالها وقد احترقت أوراق القوة لديها فى الداخل، وتدخل إلى عالم جديد استقرت فيه دول فى المساحات التى تركتها مصر فى عصر الظلام دون أن تضطر إلى الاحتكاك بأحد وتجنب استفزاز الوسط الإقليمى الذى لا يشعر بالارتياح لظهور مصر الجديدة القوية الغنية المانحة وليست تلك الدولة التى تمتد يدها دائماً للتسول بينما حاكمها يفقرها وينهب ثرواتها. تحتاج مصر فى هذه المرحلة إلى ظهور قوى فى المجال الخارجى تتحدد فيه أولوياتها الداخلية والخارجية، لأن الدبلوماسية النشطة المدروسة التى تستدعى روح مصر التاريخية ووطنية أبنائها وقدراتها الهائلة هى أكبر سند لثورة 25 يناير، وليعكس الدرس الذى لقنته مصر بعد ثورة 1952 بكل تفاصيله ماثلاً أمامناً بلا موارية، فالمؤامرة حقيقية، ولكن الأكثر جلاء هو قصور الأداء والرؤية وتركيب السلطة الذى مكن لهذه المؤامرة. نحن فى عالم جديد آمالنا وقدراتنا وجسارتنا هى أسلحة بناء سياسة خارجية تليق بمصر الجديدة، أما إذا بدأنا بهذا القدر من التواضع والتردد والخطاب «التوافقى» فإن المؤامرة نافذه لا محالة.
وربما هذا الحيز الضيق لا يسمح بالمزيد، وسوف نعالج التفاصيل فى دراسة موسعة، لكن يكفى أن نبرز ثلاث حقائق لا مفر من مواجهتها:الحقيقة الأولى هى أن لمصر معطيات جغرافية واقتصادية واستراتيجية واجتماعية ولا يمكن رسم معالم السياسة الخارجية وفق انطباعات أو أفق ضيق، لأن هذه المعطيات الموضوعية لا يمكن تطويعها بالهوى أو الجهل أو سوء التقدير.
الحقيقة الثانية هى الحقيقة التاريخية وهى أن مصر تريد أن تكون لاعبا رئيسيا فى ساحاتها المفتوحة للمرة الثانية فى تاريخها المعاصر على أيدى مصرية عبر هذا التاريخ الطويل، فلابد من الاعتبار بتجربة عبد الناصر وزمانه وقيوده وأمراض السلطة فى زمنه.
الحقيقة الثالثة هى أن سياسة التعايش مع المتآمرين مستحيلة لأن المؤامرة كالسرطان لا يشفى غليلها إلا الإطاحة بالروح والجسد، وقد عادت روح مصر الوثابة وعليها أن تستنهض كل قدرات القيادة والكفاءة عند كل قادر من أبنائها.
وأخيراً أعتقد أن سياسة مصر الخارجية التى ترسمها مصر عام 1952 قد انتهت بهزيمة 1967 ومعها انطوت صفحة ثورة 1952، أى أن إسرائيل هى التى وضعت حدا لهذة الثورة فهل تضع إسرائيل أيضاً حداً لثورة يناير مع الفارق الحاسم بين الثورتين أم تستعيد إسرائيل الهيمنة على القرار المصرى بعد التخلص مما شكلته ثورة يناير من تهديد لهذه الحالة التى حافظ عليها مبارك لصالحها؟.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.