يؤكد الخبراء الاقتصاديون أن المشروعات الصغيرة والمتوسطة، هى قاطرة الاقتصاد، حيث قامت اقتصاديات العديد من الدول على تلك المشروعات ومنها ماليزيا، غير أن الخبراء رأوا أن هذه النوعية من المشروعات فى مصر تحتاج إلى ثورة لتتمكن من تحقيق النجاح. وأوضح الخبراء أن أهم المعوقات التى تواجه «الصغيرة والمتوسطة» فى مجال البنوك والتمويل، هو توافر دراسات الجدوى العلمية والتدريب الفنى وتوفير الأسواق للمنتجات إلى جانب التزامها بالمبادئ المحاسبية السليمة والآليات التكنولوجية، مؤكدين أهمية إنشاء صناديق متخصصة فى البنوك لتمويل هذه المشروعات. بداية قال محمد بركات رئيس مجلس إدارة والعضو المنتدب لبنك مصر إن أهم المشكلات فى تمويل المشروعات الصغيرة تكمن فى عدم وجود قاعدة بيانات واضحة لتلك المشروعات إلى جانب نقص الدراسات الخاصة التى تسهّل عمليات التمويل من البنوك للعملاء، مشيراً إلى أهمية تخصيص صناديق استثمارية لتمويل هذه النوعية من المشروعات على أن تقوم الدولة بالمساهمة فى تلك الصناديق مع البنوك، لأن الأخيرة من الصعب أن تخوض هذه العمليات بمفردها، لأن هذه المشروعات تحتوى على العديد من المخاطر، وقد يتعرض البنك الممول للخسائر جراء هذا الإقراض، موضحاً أن بنوك مصر والأهلى والقاهرة والإسكندرية لها تجارب ناجحة فى إقراض هذه المشروعات، وكل بنك من هذه البنوك يضع السياسة الخاصة به للإقراض، وأن البنوك تعانى من إتاحة هذا التمويل ولا تعانى من تكلفته. المراكز التكنولوجية من جانبه طالب عبد الحميد أبو موسى محافظ بنك فيصل الإسلامى بضرورة وجود مراكز للتدريب المتخصصة فى تدريب أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة على الصناعات والمهن والحرف على أن تكون تلك الخطوة بمساعدة وزارة الصناعة والأجهزة التابعة لها ومنها مراكز التكنولوجيا ومركز تحديث الصناعة، وذلك بالتعاون مع البنوك، مشيراً إلى ضرورة الوقوف على حل الكثير من المشاكل التى تعترض البنوك الجديدة فى تمويل هذه المشروعات ومنها إيجاد حلول للمتعثرين نتيجة لوجود أسباب خارجة عن إرادتهم ومنها الركود والأزمات التى تحدث كارتفاع الأسعار، وعدم وجود أسواق للبيع وتصريف المنتجات، وأكد أبو موسى على ضرورة وجود مخارج للبنوك بمساعدة الحكومة للتغلب على هذه المشاكل وسرعة حلها حتى نجد البنوك الأخرى تتنافس على هذا النوع من التمويل بدلاً من الخوف واللجوء إلى تمويل المشروعات الضخمة فقط. الشفافية وقالت الدكتورة هالة السعيد مدير عام المعهد المصرفى الأسبق من الضرورة إتاحة قدر أكبر من الشفافية والوضوح للمنتجات المصرفية المتنوعة من البنوك للمستثمرين، حتى يتمكنوا من فهم شروط هذه المنتجات، لأن المشكلة لا تكمن فى التمويل، إنما فى الاستخدام الأمثل لذلك التمويل، مشيرة إلى ضرورة نشر مفهوم الثقافة المالية المصرفية والتعريف بالمنتجات المالية وأهمية التعامل مع المؤسسات المصرفية حتى يترتب على ذلك زيادة نسبة المتعاملين مع البنوك، مع ضرورة تبسيط إجراءات دخول المستثمر الصغير إلى السوق والخروج منه عن طريق ظهور قانون الإفلاس للنور. وأضافت أن المشروعات الصغيرة فى مصر تحتاج إلى خدمات غير تمويلية منها دراسات الجدوى، والتسويق، وآليات تكنولوجية والتزامها بالمحاسبة السليمة ومبادىء الحوكمة الرشيدة من أجل دعم التنافسية وقدرتها على الابتكار والوصول إلى الأسواق داخلياً وخارجياً، مشيرة إلى ان أصحاب المشروعات الصغيرة فى مصر يعانون من نقص تلك الخدمات وعدم توافرها مما يسهم فى ارتفاع تكلفة الدخول إلى السوق والبدء فى مجال الأعمال والإستمرار فيه مما يمثل تحدياً كبيراً أمام زيادة عدد المنتجين والمستثمرين . التجربة الماليزية وأشارت إلى ضرورة الاستفادة من التجارب السابقة للدول المتقدمة والنامية فى قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة خاصة التجربة الماليزية، إلى جانب وجود تعريف موحد للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وإنشاء قاعدة معلومات وبيانات يمكن من خلالها للمانحين بالبنوك وواضعى السياسات صياغة استراتيجية موحدة ومتكاملة لتشجيع البنوك المصرية فى تيسير التمويل للمشروعات . مع ضرورة وجود لجنة وزارية عليا وكيان مؤسسى يقوم بتنفيذ استراتجية لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة. وأكدت الدكتورة لبنى هلال وكيل محافظ البنك المركزى المصرى، أن مصر فيها وضع 20 خطة عمل للبنوك العاملة فى مصر من اجل التنافس للحصول على مخصصات التمويل للمشروعات الصغيرة والمتوسطة وذلك فى إطار خطة مستقلة لكل بنك فى مصر عن طريق منح هذه البنوك ميزة الإعفاء من ال 14 % نسبة الاحتياطى المدفوعة للبنك المركزى، وكل بنك حسب مساهمته فى عملية التمويل، مشيرة إلى ان توفير قاعدة بيانات دقيقة عن المشروعات الصغيرة سينتهى العمل منها فى يوليو 2011 حتى تكون لدى البنوك المانحة للتمويل قاعدة كاملة عن المشروعات الصغيرة والمتوسطة. 250 مليون جنيه وأكد محمد كفافى الرئيس التنفيذى لبنك القاهرة السابق نجاح مصرفه كرائد فى تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة منذ سنوات عديدة حيث إنه انفرد عن باقى البنوك بهذا التمويل ونجح وحقق أرباحاً ضخمة، ونسباً جيدة فى السداد خاصة للمشروعات متناهية الصغر، مشيراً إلى أن البنك اعتمد فى التمويل على المتابعة الجيدة للمشروعات، والاستعلام الجيد عنها، ومراقبة العميل فى نشاطه، مع تخصيص إدارة مستقلة لتحصيل الديون من خلال الفروع العديدة للبنك فى جميع المحافظات، حيث إن البنك الآن يقوم بمنح صغار العملاء قروضاً من 5 آلاف جنيه حتى 100 ألف جنيه للمشروعات الصناعية والتجارية وبفائدة منافسة جداً وأن البنك خصص ماريقرب من 250 مليون جنيه لهذا التمويل الصغير والمتوسط حينما كنت رئيساً تنفيذياً للبنك. الاحتياجات اتفق مع الآراء السابقة خالد الجبالى العضو المنتدب لبنك باركليز مصر حيث أشار إلى أن البنوك التجارية والاستثمار فى مصر مهمتها الأساسية فى مصر أنها تعتبر عصب التنمية الاقتصادية المستدامة وهو أساس عمل البنوك الأجنبية التى تعمل فى مصر، مشيراً إلى أن احتياجات التنمية فى مصر ضخمة للغاية وتحتاج إلى تمويل كبير، وهو ما يتطلب ضرورة التركيز على إحدى الشرائح الأساسية فى هذا القطاع الاستثمارى على الرغم من أن المشروعات الصغيرة والمتوسطة تضيف 70 % للناتج القومى، ويوفر نحو 90% من حجم العمالة. وأضاف الجبالى أن هذا القطاع إذا ما تمكن من اجتياز المشكلات التى تكبله سيكون إضافة للاقتصاد.