عينى عليك يا ولدى.. قلبى ينفطر من شدة الحزن.. عيناى تنزفان بدل الدموع دما.. عندا أراك ترقد لا حول لك ولا قوة.. أنت فى عمر تتفتح فيه الزهور وها أنت زهرة تذبل فى غير موعدها إنك يا حبيبى لم تتجاوز الثالثة عشرة من عمرك ومع ذلك تحملت من الآلام ما يزيد ويفيض على عمر رجل تخطى الستين من عمره.. شخت قبل الأوان ماتت ضحكتك الفياضة بهتت ابتسامة شفتيك.. كتب عليك أن تصفر وتذبل قبل الأوان.. كتب عليك أن تعيش طفولتك بين ردهات المستشفى وغرف العلاج.. «هشام» الطفل الصغير الذى كان يلعب ويلهو ويجرى ويشع البهجة والفرحة بين إخوته مرة واحدة وبدون سابق إنذار يصاب بمغص شديد وآلام تكاد تفتك به.. يبكى.. يصرخ.. يضع كلتا يديه على بطنه.. الأم تأخذه بين أحضانها تربت على ظهره.. تحاول أن ترضيه فهى لا تعلم ما يشعر به أو ما يدور وينمو داخل أحشائه، ظل أياما يبكى ويضع يده تارة على بطنه وتارة أخرى على جانبيه ويتأوه ويبكى من الآلام.. شعرت بالضيق والحزن والخوف يعتصر قلبها.. لا تنام ليلا لأنها تضرب أخماسها فى أسداسها.. وتتساءل ماذا أصاب ابنها.. وكيف تساعده؟!.. كان الجواب من الأهل أنه يحتاج بعض المشروبات الساخنة وربما فرخة مسلوقة مع شوربة الخضار تكون فيها الشفاء له.. وفعلت ما أمرت به فى محاولة لتخفيف آلام طفلها.. ولكن آلامه كما هى بل زاد عليها أنه أصبح غير قادر على التخلص من البول.. لم تطق الأم أكثر من ذلك طلب منها الأب حمل الطفل إلى الطبيب ولكن العين بصيرة واليد قصيرة.. كيف يذهب به إلى الطبيب وهو أرزقى يكسب قوت يومه بالكاد وما يكسبه لا يكفى احتياجاتهم.. طلب منها أن تنتظر يومين وتواصل ما بدأت فتقدم له الأعشاب الطبيعية والمشروبات الساخنة وأكد لها أن الله سوف يأخذ بيد الطفل ويمتثل للشفاء ولكن فى هذه الليلة بالذات كانت آهات هشام يسمعها الجيران فى البيوت المحيطة بهم وهنا اضطر الأب إلى حمل طفله إلى المستشفى بعد تزايد الأعراض وعدم قدرة الطفل على تحمل الآلام.. قام الأطباء بفحصه وإجراء أشعة وتحاليل وظهر ما لم يكن فى الحسبان.. الطفل مصاب بسرطان بالمثانة البولية.. الأب لم يكن يعلم ما معنى هذه الجملة التى قالها الطبيب.. لم يدرك معناها وماهية هذا المرض إلا بعد فترة.. سأل كيف يصاب طفل فى عمر هشام بهذا المرض؟ ولكن لم يجد إجابة سوى أنه أمر الله.. أما الأم فقد أصابها الذهول بفقدان للسمع والكلام لمدة طويلة، جلست تنظر للطبيب.. ولم تفق إلا عندما طلب الطبيب من الأب اصطحاب الابن إلى القاهرة حيث المعهد القومى للأورام فهناك سيجد هشام الأجهزة المتقدمة وطرق العلاج الحديثة غير المتوفرة فى المستشفى العام بالمحافظة التى تعيش فيها الأسرة تساقطت الدموع كالشلال لم تنم الأسرة ليلتها، مع الصباح اصطحب الأب الابن وأمه إلى القاهرة وبدأ مشوار العذاب فإنه مصاب بورم سرطانى بالمثانة ويحتاج فى أول الأمر إلى استئصال المثانة، ودخل بالفعل حجرة العمليات وتم إجراء الجراحة التى تبعتها أخرى لعمل مثانة صناعية استخدم فى عملها جزء من أمعائه ظل بالمعهد لأسابيع بعد إجراء الجراحة الأخيرة، وذلك ليخضع لجلسات علاج كيماوى وإشعاعى حتى يمنع الأطباء انتشار المرض فى باقى أجزاء الجسم الضعيف.. شهور طويلة والأم والأب يحملنا الطفل المسكين من قريتهم إلى القاهرة وبالعكس وذلك لتلقى العلاج.. والأب كثيرا ما يترك العمل من أجل الابن المسكين وأصبح غير قادر على تحمل تكاليف المرض بخلاف احتياجات الأسرة وتكاليف السفر من وإلى المعهد القومى للأورام الذى يتلقى الابن به العلاج.. وأرسلت الأم تطلب المساعدة فهل من مساعد؟ من يرغب يتصل بصفحة مواقف إنسانية.