كان أول ظهور حقيقى للرئيس المنتخب د.محمد مرسى على الساحة السياسية من خلال عضويته فى مجلس الشعب فى فصله التشريعى الثامن 2000- 2005 ممثلا عن محافظة الشرقية.. وقد شهد هذا الفصل أول تجمع للتيار الإسلامى تحت القبة.. حيث ضم المجلس 17 نائبا من الإخوان المسلمين، ووصفهم د.فتحى سرور رئيس مجلس الشعب السابق فى ذلك الوقت بأنهم أعضاء مستقلون لأن اللائحة أو القانون لا تعترف بهذه الجماعة. ورغم أن د.محمد مرسى كان عضوا- لأول مرة- فى هذه الفترة.. إلا أن أداءه سواء فى الأداء التشريعى أو الرقابى، اتسم بالموضوعية والأسلوب العلمى فى عرض القضايا التى كان يتناولها تحت القبة، فكان يعتمد على الحقائق والدراسة والبحث والتنقيب.. وهو الأسلوب الذى جعل الجميع ينظر إليه نظرة احترام وتقدير حتى من الذين كانوا يختلفون معه من وزراء النظام السابق. استجواب قطار الصعيد ولعل قمة ما لفت الانتباه للبرلمانى د.محمد مرسى تحت قبة مجلس الشعب هو استجوابه عن حادث قطار الصعيد الذى راح ضحيته أكثر من 400 مواطن من الناس الغلابة.. ودفعوا حياتهم نتيجة الإهمال والتسيب والقصور فى مرفق السكك الحديدية.. وللأسف فإن د.عاطف عبيد رئيس الوزراء فى ذلك الوقت خرج علينا بحمد الله سبحانه وتعالى أن هذا القطار لم يكن فيه سائحون! وقد طرح د.محمد مرسى فى استجوابه الذى قدمه للحكومة فى يونيو 2002 العديد من التساؤلات التى لم يستطع أحد أن يجيب عنها وأهمها أن القطار احترق بالكامل فى خلال 8 دقائق فقط نتيجة احتراق موقد كيروسين.. وأن شدة النيران أدت إلى صهر بعض العربات.. وأن هذا لا يتم إلا فى درجة حرارة تصل إلى 1936 درجة مئوية. وقال إن هذه الكارثة وقعت بسبب مصدر حرارى شديد جدا شب فى وقت واحد فى العربات السبع، وهذا لا يكون إلا فى ظل حرارة لا تقل عن 1700 درجة مئوية. وكان د. مرسى يقول هذه الحقائق باعتباره أستاذا للفلزات بكلية الهندسة. ورغم أن مجلس الشعب فى ذلك الوقت انتقل إلى جدول الأعمال كالعادة،ولم تسقط الحكومة أو تتم إقالة الوزير فورا، لكن د.مرسى استطاع بكل قوة أن يدق أجراس الخطر للإهمال والقصور فى مرافق السكك الحديدية.. وللأسف الشديد أنه رغم مرور عشر سنوات على هذه الكارثة فإننا لم نعرف الأسباب الحقيقية وراء احتراق هذا القطار حتى الآن. تطوير البحث العلمى وكان د.محمد مرسى خلال عضويته فى برلمان 2000- 2005 يهتم كثيرا بضرورة تطوير البحث العلمى من أجل دعم خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية.. وأذكر أنه أثناء مناقشة الموازنة العامة للدولة لعام 2003 -2004 تقدم د. مرسى باقتراح برغبة لرئيس المجلس يؤكد فيه على أهمية البحث العلمى فى نقل العلوم والتكنولوجيا وتبادل المعرفة مع العالم.. وانعكاس ذلك كله على الصناعة والإنتاج.. وطالب مع كل النواب بضرورة زيادة الاعتمادات المخصصة للبحث العلمى وضرورة أن تعود هذه الزيادة على كافة أبواب الميزانية الخاصة بالبحث العلمى فى الجامعات والمعاهد العليا وعلى مراكز الأبحاث والهيئات العاملة فى هذا المجال. وأذكر أنه فى تقييمنا لأداء أعضاء مجلس الشعب خلال دور الانعقاد الثانى من الفصل التشريعى الثامن على مدى 107 جلسات برلمانية أن أداء النواب المستقلين الذين وصل عددهم إلى 40 نائبا مستقلا، وكان د.محمد مرسى أحد هؤلاء المستقلين قد تميزبالتفوق على سائر الهيئات البرلمانية سواء من أحزاب الأقلية فى ذلك الوقت (الوفد- التجمع- الناصرى- الأحرار)، أو الحزب الوطنى وأن دور المستقلين قد تصاعد خلال هذه الدورة بعد أن اكتسب بعضهم الخبرة البرلمانية وأنهم قد تقدموا بستة استجوابات كان أنجحها استجواب د.محمد مرسى عن احتراق قطار الصعيد، وأجبر رئيس الوزراء على أن يرصد 300 مليون جنيه عاجلة لتطوير السكك الحديدية. فوسفات أبو طرطور ومن القضايا المهمة التى أثارها د.محمد مرسى أثناء عضويته فى مجلس الشعب قضية مشروع فوسفات أبو طرطور بالوادى الجديد والذى نتمنى أن يجد هذا المشروع حلا خلال رئاسة د.محمد مرسى للجمهورية. ففى عام 2003 تقدم د. مرسى بطلب إحاطة لوزير الصناعة د.على الصعيدى فى ذلك الوقت يقول فيه إنه تم إنفاق مبلغ 8.7 مليار جنيه على إقامته.. ومع ذلك فقد حقق المشروع أرباحا بلغت فى ذلك الوقت 575 ألف جنيه تمثل قيمة 108 أطنان من خام الفوسفات، ومن أنشطة بيع الخبز والمنتجات التابعة للمرزعة الملحقة بالمشروع. وأشار د. مرسى فى طلب الإحاطة إلى أنه اعتمد على أرقام الجهاز المركزى للمحاسبات التى كشفت عن عدم الدقة فى إعداد دراسات الجدوى الاقتصادية للمشروع، مما أدى إلى وجود طاقات عاطلة قيمتها 333 مليون جنيه.. وأن أرصدة القروض التى حصل عليها المشروع بلغت حتى الآن 1.9 مليار جنيه، وبلغت الفوائد المستحقة عليها حوالى 293 مليون جنيه، وأنه قد تبين عدم الاستفادة من القروض، كما قال د.مرسى فى ذلك الوقت، وأن إنتاج المشروع مازال فى مرحلة التجارب رغم مرور 28 عاما على بداية العمل بالمشروع، وكان ذلك فى عام 2003. عمالة أجنبية بالجملة وقد أثار د.محمد مرسى قضية العمالة الأجنبية تحت القبة، وقال فى ذلك الوقت من خلال طلب إحاطة تقدم به لوزير القوى العاملة الأسبق أحمد العماوى يقول فيه إن فى مصر أكثر من 17 ألف عامل أجنبى مرخص لهم بالعمل فى مواقعنا وأن وزارة القوى العاملة ستقوم بالتجديد لنحو 12 ألفا آخرين من 90 دولة. وتساءل د.مرسى فى طلب الإحاطة عن أسباب الاستعانة بالعمالة الأجنبية فى مصر بكل هذا العدد الضخم، وهل مجالات عملهم لا يمكن أن يؤديها مصريون؟.. وقال: هل مصر بكل إمكاناتها عاجزة عن تدريب شبابنا على أعمالهم.. ليحلوا مكان هؤلاء؟.. وإذا كانت هذه الأعداد الكبيرة هى المرخص لها بالعمل.. فما عدد غير المرخص لهم؟! حاسبات مضروبة للتلاميذ واستمر د. مرسى فى أداء دوره الرقابى على الحكومة فى ذلك الوقت عندما فجر قضية بيع الشركات الخاصة بالكمبيوتر للطلبة أجهزة كمبيوتر مضروبة ورفعوا أسعارها بعد أزمة الدولار رغم الاتفاق على السعر مسبقا. وقدم سؤالا لوزير التربية والتعليم د.حسين كامل بهاء الدين فى ذلك الوقت حول ما أعلنته الشعبة العامة للمحاسبات الآلية باتحاد الغرف التجارية حول مخالفات جسيمة فى المشروع وأن الوزارة أسندت تنفيذه بالأمر المباشر لتسع شركات فقط من بين آلاف الشركات وأن هذا الإجراء مخالف لقانون المزايدات والمناقصات. ويؤدى إلى إهدار المال العام. وأذكر أن د.مرسى قال فى ذلك الوقت إن التجربة أثبتت عجز هذه الشركات التسع عن تلبية كل الطلبات وطالت مدة التسليم بعد أن كان أسبوعين فقط. كما تعرض البرلمانى د. محمد مرسى لقضية سوء استخدام السيارات الحكومية فى غير الأغراض المخصصة لها، حيث ضبطت الإدارة العامة للمرور 98 سيارة تم استخدامها فى المشاوير العائلية وتأجيرها للركاب بالمخالفة للقانون، واعتبر د. مرسى هذه المخالفات إهدارا للمال العام. إهدار المال العام بالزقازيق ورغم أن د. مرسى كان يعتبر نفسه ممثلا عن الأمة كلها تحت قبة البرلمان من خلال دوره التشريعى والرقابى، ولكن فى نفس الوقت لم ينس أبناء دائرته فى مدينة الزقازيق، ففى سبتمبر 2002 تقدم بطلب إحاطة لوزير التنمية المحلية فى ذلك الوقت د.مصطفى عبد القادر حول أكوام القمامة التى انتشرت فى شوارع الزقازيق بشكل مزعج وكبير- على حد قوله- وأن الناس هناك ضجوا بالشكوى من كثرة الذباب والناموس. وقال إنه أشيع أنه تم إسناد نظافة مدينة الزقازيق لشركة أجنبية من أجل نقل القمامة من المدينة إلى المحرقة.. رغم أن موضوع النظافة لا يحتاج فى إدارته وأعماله إلى خبرات أجنبية. وقال إنه تم عمل أحواض ضخمة للزهور ممتدة بطول أرصفة مداخل المدينة وشوارعها الرئيسية وبتكاليف باهظة فى الوقت الذى تعانى فيه المدينة من طفح المجارى وانقطاع المياه والتلوث.. وأن ذلك لا يتناسب مع أولويات الانفاق.. ولا يمكن الادعاء بأن البعض قد تبرع بتكلفة هذه الأحواض للزينة. *** كانت هذه بعض الجوانب والقضايا التى أثارها البرلمانى د. محمد مرسى عندما كان عضوا فى مجلس الشعب خلال خمس سنوات..ومازالت بعض هذه القضايا لم نجد لها حلا من النظام السابق ونتمنى أن نجد لها بعض الحلول خلال رئاسته للجمهورية.