رغم اختياره عضوا فى اللجنة التأسيسية الثانية لوضع الدستور إلا أن الفقيه الدستورى جابر نصار لم يستبعد أن يتم إبطال هذه اللجنة أيضا كسابقتها سواء تم هذا بدعوى بطلان يتم رفعها عن طريقه، كما حدث مع اللجنة الأولى، أو عن طريق آخر.وأكد نصار فى حديث ل «أكتوبر» أن دخول بعض أعضاء البرلمان فى اللجنة يعد مخالفة للحكم الصادر من مجلس الدولة ببطلان التأسيسية الأولى.. مما يجعل اللجنة تدور فى دائرة مفرغة لا تنتهى، ويقول لتأخير إصدار الدستور مرة أخرى. ويرى د. جابر نصار - أستاذ القانون الدستورى بجامعة القاهرة - ضرورة تشكيل الجمعية التأسيسية بطريقة مباشرة بحيث تنتخب من الشعب، على أن يوقع كل عضو فيها على إقرار بعدم قبول أية مناصب خلال السنوات العشر القادمة. وفى سياق الحوار التالى يكشف نصار عن أسرار اختياره فى اللجنة، ومدى تأثير الانسحابات من تشكيلها على وضع الدستور الجديد للبلاد. ? القانون الذى أصدره مجلس الشعب ووافق عليه فى ساعات بخصوص الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور هل يعتبر محصنا ضد أى دعاوى لإبطال تشكيل الجمعية التأسيسية الثانية؟ ?? أؤكد فى البداية أن القانون الذى أصدره مجلس الشعب والخاص باللجنة التأسيسية لوضع الدستور والذى أصدرته الهيئة التشريعية هو قانون يتعلق بأمور عامة بتحديد موازنة للجنة وتشكيل أمانة عامة لها، كما يبين كيفية التصويت فيها ويعطى لها الشخصية المعنوية، ومن ثم فإن هذا القانون لا يمنح أى حصانة لتشكيل اللجنة تمنع القضاء الإدارى من مراقبة مشروعية هذا التشكيل، وضرورة انضباطه وفقا لما حدده الحكم القضائى الصادر ببطلان التأسيسية، وأهم هذه الضوابط ألا تتضمن أحدا من أعضاء البرلمان، وعلى ذلك فإن تشكيل التأسيسية ودخول بعض أعضاء البرلمان فيها سوف يؤدى إلى مخالفة الحكم الذى صدر من مجلس الدولة ببطلان التأسيسية الأولى وهو ما يجعلنا ندور فى حلقة مفرغة يؤدى فى حقيقة الأمر إلى تأخير إصدار الدستور، كما أن هذا الحكم قد أكد على ضرورة أن يكون التمثيل فى الجمعية التأسيسية قائما على فكرة التمثيل الوطنى وليس التمثيل الحزبى أو السياسى بحيث لا تقع الجمعية التأسيسية أسيرة للتجاذبات السياسية، وعلى ذلك فإن نجاح تشكيل التأسيسية من عدمه، إنما يرتبط بضرورة احتدام هذين المعيارين اللذين حددهما حكم محكمة القضاء الإدارى. غير محصنة ومن الملاحظ أن الجمعية التأسيسية الجديدة وقعت فى ذات الخطأ، حيث ضمت من أعضاء مجلسى الشعب والشورى أكثر من 20 عضوا وهو ما يمكن أن يبطل الجمعية لمخالفتها الحكم القضائى الذى أصدره مجلس الدولة. وبطلان اليوم أصبح سهلا لأن هناك مبدأ قضائيا مستقرا، وقد تم رفع دعاوى بالفعل حيث قام أبو العز الحريرى برفع دعوى بالفعل أمام مجلس الدولة وسيكون الحكم سريعا، وهناك لقاءات بين القانونيين والسياسيين من التيار المدنى لتقييم الموقف بصفة مستمرة وبهذا التشكيل، وقانون الجمعية الذى صدر فإن قانون الجمعية غير محصنة وسهل الطعن عليها وهو ما سيتم عن طريقى أو عن طريق غيرى. المحكمة الدستورية العليا اعتذرت قبل التشكيل وهى ترى الملاءمة فى اعتذارها وهنا أؤكد أن انسحاب المحكمة الدستورية العليا من التشكيل خسارة كبيرة. ? ولكن كيف نخرج من هذه الأزمة وللمرة الثانية بعد هذه الانسحابات وأولها المحكمة الدستورية العليا و10 أحزاب سياسية وأكثر من 90 عضوا بالبرلمان؟ ?? الجمعية التأسيسية سوف تدخل فى أزمة جديدة وهذا ناتج عن أن الواقع السياسى والأحزاب السياسية والشخصيات السياسية فى مصر تمارس السياسة على قاعدة الأنا السياسية والحزبية، فالكل يبحث عن مغانم سياسية وحزبية مما يؤدى فى المحصلة النهائية إلى التضحية بالمصلحة السياسية العليا، ومن الواضح أن الجمعية التأسيسية الأولى والثانية قد فشلت نتيجة هذا المرض العضال. ولذلك أقترح تشكيل الجمعية التأسيسية بطريقة مختلفة تماما أن تختار مباشرة وتنتخب من الشعب ويكون الترشيح من المؤسسات والهيئات والنقابات كأن تقوم الجامعات بترشيح أساتذة القانون والدستوريين وتقوم النقابات بترشيح المهنيين، وكذلك مؤسسات المجتمع المدنى تقوم بترشيح الشخصيات العامة، ويطرح من يتم ترشيحه على الشعب بصورة مباشرة على أن يتقدم كل مرشح بإقرار بأنه يوافق على ألا يتولى منصبا عاما لمدة 10 سنوات تالية لعمل الدستور، ولذلك سوف نضمن وجود جمعية تأسيسية متجردة لصالح الوطن، وتعلى الاعتبارات الوطنية وأيضا تخلص فى عملها لصالح الوطن كله، وليس لصالح حزب من الأحزاب، لأن آفة الاختيارات السياسية والحزبية هى الهوى والمصالح الحزبية الضيقة توقف هذا الإقرار لن يترشح إلا من يريد العمل إلا لمصلحة الوطن دون غرض سياسى أو حزبى. الانسحاب والتوافق ? وماذا تعنى الانسحابات المستمرة من تشكيل الجمعية؟.. وهل لذلك تأثير على صياغة دستور جديد لدولة عصرية؟ ?? فكرة الانسحاب بصفة عامة فى تشكيل الجمعية التأسيسية هى فكرة مقلقة تؤدى إلى الانطباع بأن هذا التشكيل غير قائم على فكرة التوافق الوطنى وكنت أتمنى ألا تحدث هذه الانسحابات وأن تكون الأغلبية أكثر تسامحا فى احتواء هذه الانسحابات وتلبية رغباتها، وذلك لم يحدث فى المرة الأولى وهذه المرة أيضا. ? وهل يمكن أن يكون هدف الجمعية التأسيسية أو الأغلبية كما أعلن مندوب أحد أحزاب التيار الدينى أن انتخابنا لم يتم على أساس برامج، ولكن لهدف تطبيق الشريعة وهو ما سوف يضمنه الدستور القادم؟ ?? أنا أسأل هنا: ما هى علاقة تطبيق الشريعة بالدستور؟.. هناك برلمان موجود تصدر منه القوانين فليس هناك بين الدستور والبرامج الحزبية أى علاقة، فالدستور أمر لا يتعلق بالبرامج الحزبية، لأن البرامج الحزبية مكانها ومجالها البرلمان، أما الدستور فيمثل التوافق المجتمعى الذى تتوافق عليه كل أطياف المجتمع وكل من يعيش على أرض الدولة المصرية له حق فى هذا الدستور، حيث لا يكون صناعة أى فئة أو طيف معين، إنما يمثل فيه جميع المواطنين بكل أطيافهم وفئاتهم. ? كيف تم انتخابكم فى هذه الجمعية؟.. وهل تقدمت بالترشح أم رشحت عن طريق بعض القوى؟ ?? أؤكد هنا أننى أحترم الذين تم ترشيحى عن طريقهم، فهذه ثقة كبيرة اعتز بها، وأؤكد أننى لم أترشح بصورة مباشرة، وإنما رشحت من قبل بعض القوى السياسية المدنية، وهذا شرف كبير لى أن أكون عضوا فى الجمعية التأسيسية التى سوف تكتب دستور مصر القادم، لكن قرارى النهائى بشأن استمرارى فى الجمعية من عدمه إنما يتوقف على موقف القوى التى شرفتنى بهذا الترشح فلم يكن الترشيح رغبة شخصية لى، وإنما تكليف من القوى السياسية، ولذلك فسوف أنظر فيما ترى هذه القوى السياسية فى التشكيل الجديد للتأسيسية احتراما وتقديرا لموقفهم من ترشيحى، إنما على المستوى الشخصى فإنى تألمت وحزنت كثيرا لأن الجمعية لم تضم فى جنباتها علماء أفاضل أمثال الدكتور ثروت بدوى والدكتور إبراهيم درويش والدكتور نور فرحات والدكتور يحيى الجمل والدكتور أحمد كمال أبو المجد والدكتور البرادعى والدكتور مجدى يعقوب وفاروق الباز والدكتور أحمد زويل. بل كنت آمل أن يترأس هذه الجمعية الدكتو محمد البرادعى هذه الشخصية المصرية العظيمة، ولكن هكذا شاءت الأغلبية البرلمانية أن تحجب هذه الأسماء العظيمة عن الجمعية التأسيسية.. بل إننى أعلن أننى على استعداد تام أن أترك مكانى للدكتور محمد البرادعى لدخول هذه الجمعية بدلا منى. ? وهل يمثل انتخابك خطوة لتحييد الدكتور جابر نصار ووضعه فى موقف الحياد من الجمعية التأسيسية؟ ?? عليك أن تفسر ذلك بطريقتك وأنا لم أترشح أو أرشح نفسى، ولكن هناك قوى سياسية مدنية قامت بترشيحى، فالدكتور عبد الجليل مصطفى وحزب الوفد ود.محمد أبو الغار (الكتلة الأحزاب المدنية) بصفة عامة هى التى طرحت اسمى بدون أن يأخذوا رأيى، ولكننى علمت بعد ذلك أنهم رشحونى، وهنا أؤكد أن انتخابى لن يثنينى عن اتخاذ موقف وطنى، فأنا مثل عصفور يحلق فى السماء، فقد انتقدت الجمعية قبل أن يتم تشكيلها وإذا لم يتم التوافق فسأقوم بالانسحاب، أننى أحترم الذين رشحونى واحتراما لهم سوف أعلن موقفى النهائى بعد تقييم الموقف معهم. ولم يحدثنى أحد من الحرية والعدالة أو حزب النور وللأمانة المطلقة فإن عصام سلطان اتصل بى وأكد لى أن اسمى يحوز على توافق من الجميع، فقلت له لكل حادث حديث. أما عن مشاعرى الشخصية فإننى غير راض عن هذا التشكيل.. والبديل هو الحل الذى ذكرته هو انتخاب جمعية تأسيسية بشكل مباشر من الشعب مباشرة على أن يوقع كل شخص إقرارا بأنه لن يقبل أى منصب خلال العشر سنوات القادمة.