لا أحد يدرى حتى الآن ما هو مصير بيان الحكومة الذى قدمه د. كمال الجنزورى رئيس الوزراء إلى مجلس الشعب فى نهاية فبراير الماضى.. وقامت جميع اللجان النوعية (19 لجنة) برفض هذا البيان؟! وقالت عنه إنه بيان إنشائى ولم يضع أى حلول للمشاكل التى يعانى منها رجل الشارع فى حياته اليومية.. وأنه لم يتصد إلى الانفلات الأمنى منذ ثورة 25 يناير وأن هذا البيان يبتعد عن طموح الشعب المصرى وأن كل خططه طويلة الأجل ومشروعاته قائمة بالفعل. ولم يضع خططا على أرض الواقع! ورغم أن مجلس الشعب قد بدأ مناقشة تقرير اللجنة الخاصة المشكلة برئاسة وكيل اللجنة المهندس أشرف ثابت وقال د. سعد الكتاتنى رئيس مجلس الشعب إنه سيخصص عشر جلسات لمناقشة البيان، لكن كشفت المؤشرات الأولوية رفض النواب هذا البيان.. وكانت البداية من زعيم الأغلبية حسين إبراهيم الذى دعا النواب إلى رفض البيان وقال بالحرف الواحد إن كل الخيارات مفتوحة.. وأن الإعلان الدستورى منح البرلمان الشرعية التى تتيح له إعمال الأدوات الرقابية.. وتتضمن اسقاط الحكومة أو حجب الثقة عنها. والعجيب أن كل تعليقات وآراء وتوصيات اللجان النوعية فى التقرير أكدت على أن بيان الجنزورى يتضمن عبارات إنشائية واتسم بعموميته الشديدة. وخلا تماما من تناول التحديات الفعلية للتحول الديمقراطى.. وأنه لم يتطرق البيان إلى خطة الحكومة لإعادة هيكلة وزارة الداخلية وتطهيرها من العناصر الفاسدة الذين قاموا بتزوير الانتخابات فى العهد البائد ودأبوا على قمع المتظاهرين وانتهاك كرامة المواطنين الذين تضخمت ثرواتهم من وظائفهم.. وأن البيان لم يتطرق إلى وضع خطة أمنية لضبط الهاربين من السجون من العناصر الإجرامية الخطيرة. *** وعن قضايا العدالة الاجتماعية قال التقرير إن البيان جاء خاليا من أى خطة قصيرة الأجل لتحقيق العدالة الاجتماعية وخفض معدلات الفقر عن طريق التوزيع العادل للثروة..ولم يضع تصورا لهيكل الأجور وربطها بالإنتاج وزيادة الأسعار ولم يضع ضوابط للحد الأدنى والأعلى للأجور - والذى لا يتجاوز عالميا 14 ضعفا - لتحقيق العدالة الاجتماعية.. ولم يحدد البيان مصدر تمويل الزيادة فى أجور موظفى الدولة والقطاع العام ليصل إلى 1200 جنيه شهريا. أما بالنسبة للقضايا الاقتصادية، فقد أشار التقرير إلى أنه لم يقدم أى حلول لمشكلة البطالة رغم خطورتها مكتفيا بالحديث عن بعض الأرقام حول نسب البطالة.. كما أغفل البيان ذكر مشكلة النظام التعليمى فى مصر.. وتحسين مخرجاته ولم يشر إلى الاهتمام بالتعليم المهنى وتقليص أعداد خريجى الجامعات بما يتناسب مع متطلبات سوق العمل. *** وكشف التقرير أن بيان الحكومة أرجع عزوف المواطن المصرى عن الالتحاق بالقطاع الخاص إلى الموروث الاجتماعى المعروف فى هذا الجانب. لكن التقرير يؤكد أن هذا العزوف جاء نتيجة لقصور القوانين التى تحكم علاقة العامل وتأكيد حقوقه فى المعاش والتأمين الصحى وغيرها من المميزات التى لا يجدها إلا فى العمل الحكومى.. وإن هناك ضعفا فى الرقابة على أصحاب العمل. ورغم ذلك لم تتطرق الأجندة التشريعية للحكومة إلى قانون العمل وقانون النقابات العمالية. وقالت اللجنة إن الحكومة مازالت تتبع نفس السياسات الفاشلة تجاه معالجة قضية ديون الفلاحين سواء المتعلقة بالمتعثرين أو الخاصة بتراكم فوائد القروض للمزارعين.. وأشارت إلى أن الفلاحين يلزمهم إصلاح السياسات الزراعية التى تساعدهم على زيادة إنتاجهم وتسويقه والقضاء على معوقات الزراعة فى مصر. وقال التقرير إن بيان الحكومة يعكس استمرار أزمة الإدارة الاقتصادية فى مصر وتعويلها فى استمرار المشكلات الاقتصادية الدولية والإقليمية فى حين أن جزءا كبيرا من المشكلات الاقتصادية فى مصر يرتبط بواقع البيروقراطية الحكومية والفساد وعدم توافر الإرادة السياسية للمواجهة الحقيقية لما هو قائم من المشكلات على حد تعبير التقرير. *** لقد أجمعت ملاحظات وآراء لجان مجلس الشعب على رفض بيان الحكومة. لأنه لم يقدم جديدا.. ووجدنا أن بعض اللجان تعرضت للبيان فى صفحة واحدة مثل لجنة الثقافة والإعلام التى قالت إنها تسجل استياءها الشديد من تجاهل البيان للثقافة. ووضعت لجنة الاقتراحات والشكاوى تلاحظاتها فى نصف صفحة. أننى أتوقع وأنتظر معركة ساخنة هذا الأسبوع بين النواب والحكومة حول هذا البيان.