مازال تسونامى الحمى القلاعية يحصد فى الثروة الحيوانية للبلاد، مهددا بتدميرها رغم كل العبارات «المطمئنة» الأمر الذى يستلزم ضرورة المواجهة الشاملة لهذا المرض الذى استوطن فى مصر منذ أكثر من 60 عاما. الغريب أن حكومات النظام السابق التى كانت تعالج المشكلة ب «المسكنات» لم تقم بتعيين أطباء بيطريين بهيئة الخدمات البيطرية منذ 17 عاما مما دعا رئيس الهيئة إلى كشف الحقيقة مطالبا بضرورة تعيين 24 ألف طبيب بيطرى لمواجهة الحمى القلاعية. وفى الوقت الذى تشهد فيه أسعار الدواجن والأسماك ارتفاعا ملحوظا بعد أزمة الحمى القلاعية التى ضربت الثروة الحيوانية يحذر رئيس شعبة الدواجن بالاتحاد العام للغرف التجارية من مشكلة الأمراض الوبائية التى تهدد بضرب الثروة الداجنة فى مصر, يقول د أيمن أبو العلا عضو مجلس الشعب عن حزب المصريين الأحرار إن تباطؤ الحكومة والانفلات الأمنى تسببا فى تفاقم الأزمة، مشيرًا إلى أن الازمة ليست مفتعلة ولا يوجد بها تهويل أو تضخيم كما قال البعض، ومنهم د. أسامة سليم رئيس هيئة الخدمات البيطرية، ولكن وزارتى الزراعة والصحة لم تتخذا تدابيروقائية مناسبة تحد من انتشار المرض ولم تسارع فى إرسال العينات إلى إنجلتراباختراع حجج واهية منها عدم توافر إمكانيات الطيران المناسبة، وتوافر البريد السريع، لنقل العينات المصرية إلى إنجلترا، فى حين أن المعامل المصرية لديها القدرة?فقط على فصل بدائى للفيروس، ولكنها غير قادرة على العزل التام لعترة فيروس الحمى القلاعية الجديدة، وتحديد مدى شراسة ودورات الفيروس ومدى إمكانية انتقاله إلى الإنسان . ضرورة التحصين وأضاف د. أبو العلا أن عترة sat2 الجديدة للفيروس الحالى من أكثر حالاته تقدماً والأمصال القديمة التى تسلم إلى الفلاح، على أساس أنها أمصال مجانية، تصلح فقط لعلاج الطور الأول والثانى لفيروس الحمة القلاعيه، ولم يعد لها القدرة على علاج المرض بل وجودها أصبح كعدمها، فى حين أن هناك 64 نوعاً آخر يندرجوا تحت السبع أنواع المتعارف عليها للفيروس. فالمزارع الكبيرة الخاصة هى فقط التى فى مقدورها توفير المصل السداسى الصحيح الذى يمكنه معالجة العترة الحالية للفيروس، بإستيراده من الخارج، وتكلفته كبيرة لايقدر عليها الفلاح المصرى، فالرأس الواحدة من الماشية تحتاج إلى 25 جنيهاً لإعطائها هذا المصل. وأوضح أبو العلا أن الأطباء البيطريين أكدوا أن تحصين الحيونات ينجح فى حال انتشار الوباء ولكن فى الأماكن الواسعة فقط فى محيط كبير كالمزارع الكبيرة، ويتم هذا بالعزل التام للماشية المصابة فى محيط كبير بصورة كبيرة. وأضاف أن ظاهرة الانفلات الأمنى التى تعانى منها مصر حاليا ساهمت بشكل كبير فى انتشار المرض بهذه الصورة حيث لم يتم الإسراع فى اتخاذ إجراءات وقائية ونزع عترة الفيروس الجديدة لخلق المصل المناسب، كما أن الانفلات الأمنى تسبب فى ظهور أسواق بدون رقابة، ونقل الماشية بين المحافظات بشكل غير سليم وبدون رقابة بيطرية تمنع من انتشار المرض بهذ الطريقة، فالعترة الحالية للحمى القلاعية فى الفترة الحالية تصيب الماشية بالعدوى من على بعد 100 كيلو متر، كما أن نفوق الماشية وصل إلى 1200 حالة و7 آلاف حالة إصابة مقابل 3% للكبار و15% ?رضع الماشية فى السابق ،فهى نسبة كبيرة للغاية مقابل تحركات بطيئة مما حول المرض إلى وباء. وقال إنه يجب توفير كردونات للماشية لنقلها من محافظة لأخرى وتوفير قوى لتأمين نقلها فضلا عن الاهتمام بالطب البيطرى وتعيين أطباء جدد فى هذا المجال لأن هناك نقصا حادا فى تلك التخصصات، ومع عدم إعطاء الأطباء البيطريين حقوقهم، يلجأ بعضهم إلى أمور غير مشروعة لكسب قوته كبيع العلاج غير المرخص للفلاحين لعلاج الماشية، كما يتجه الأطباء البيطريون إلى العمل فى وظائف خاصة لزيادة دخولهم كما أن الحكومة عليها أن توفر للطبيب البيطرى وسائل النقل من قرية لأخرى ومن محافظة لأخرى للقيام بالتحصين وهو من طرق الوقاية التى ينصح بها كل?4 أشهر بعدها يرجع مرة أخرى لأخذ عينات من الماشية للتأكد من فاعلية هذا التحصين لأن الحالة الاقتصادية السيئة التى تعيشها مصر حاليا والظروف السيئة التى تمر بها لا تسمح لها بالإستغناء عن ثروتها الحيوانية التى تقدر بالمليارات، فلا يمكن أن تقلد إنجلترا التى استغنت عن كل ماشيتها واعتمدت على أصناف بديلة للحوم .. طمأنة المواطنين ويقول د. عبدالعزيز السيد رئيس شعبة الدواجن بالاتحاد العام للغرف التجارية أن الحمى القلاعية بمصر ليس مرضا حديثا لكنه متعارف عليه منذ 1950. كما أن المعمل المركزى عزل بالفعل عترة الفيروس SAT2 وبدأ فى حصره بالفعل، وأن المشكلة الحقيقية الآن فى الأمراض الوبائية التى تصيب الدواجن فبعد أن كان الانتاج 200 مليون طائر، أصبح لا يزيد على 2% من النسبة السابقة، وهذا لا يكفى الطاقة الإستهلاكية التى تصل إلى أكثر من 20% إلى 30% والخوف من ارتفاعها أكثر مع اقتراب المواسم فى مصر فى رجب وشعبان ورمضان التى تشتهر بزيادة استهلاك السلع الغذائية. وأضاف السيد أن الغرفة التجارية تقوم الآن بحملات توعية وإرشاد لمربى الدواجن، وشرح سبل الوقاية من أوبئة الدواجن والوسائل الصحيحة للنظافة والالتزام ببرامج التطعيم والتأكد من عدم وجود خلل بداخله، كما أن هناك خطوات واسعة المجال يتم اتحاذها حالياً للتطوير والتحديث بعمل مشاريع ضخمة بمساعدة كبار رجال الأعمال، والغرفة التجارية تتمنى تدعيم المشاريع الفعالة، ليكون هناك إنتاج ذاتى للحوم والدواجن لإنعاش الاقتصاد المصرى وتخطى الأزمة الحالية. ومن جانبه يقول عبد الله مراد رئيس الغرفة التجارية بالجيزة: إن عزوف المواطن المصرى عن شراء اللحوم حاليا يرجع إلى ثقافة اجتماعية خاطئة حيث يعتقد أن اللحوم الموجودة بالمحلات مصابة، ويمكن أن تصيبه بالمرض فى حين أنه لم تسجل أى حالات لإصابة بالمرض على المستوى البشرى، وأوضح أن ارتفاع الأسعار شئ طبيعى لزيادة الطلب والإقبال على اللحوم البديلة كالدواجن والأسماك. وأضاف رغم ارتفاع أسعار الثروة السمكية إلا أن هناك إقبالا شديدا عليها، وهناك خطط ترسم حالياً من أجل زيادة الثروة السمكية والدواجن فى حين أن هناك جهودًا تبذلها الغرفة التجارية بالجيزة لنشر وسائل الوقاية والتوعية من المرض، ناصحًا باهتمام الاعلام بهذا الجانب بدلاً من التهويل بالوضع الحالى، مقترحاً طمأنة المستهلك المصرى بأن الأسعار ستنخفض مرة أخرى قريباً بمجرد الإنتهاء من هذه الأزمة، وأنهم سينتهون منها بأقرب وقت ممكن. لكن د. إبراهيم عبد الرازق، أستاذ الثروة الحيوانية بكلية الزراعة جامعة القاهرة يؤكد أن الحمى القلاعية التى أصابت الماشية المصرية، ستمثل أزمة حقيقية على المستوى القومى والذى يهدد الثروة الحيوانية بأكملها، وتزيد من الأزمة الاقتصادية مع تزايد الاستهلاك على السلع البديلة، خاصة أنه لا توجد بدائل كبيرة متاحة، وهو ما يدفع بزيادة استيراد اللحوم من الخارج بأسعار مرتفعة، مما يمثل تهديدا للاحتياطى النقدى الأجنبى، مع الوضع فى الاعتبار أن الثروة الداجنة لا تكفى سوى نصف استهلاك المواطنين، حيث يصل حجم الاستهلاك اليومى إلى?2.2 مليون دجاجة وهذا لا يقابله كفاية فى الانتاج المحلى. نقص الأطباء البيطريين من جانبه قال الدكتور أسامه سليم رئيس هيئة الخدمات البيطرية إن المشكلة الحقيقية تكمن فى أن الفلاحين فقدوا الثقة منذ الحكومات السابقة، مطالبا بضرورة تعاون المزارعين مع الوحدات والقوافل البيطرية لحمايتهم وحماية حيواناتهم. وقال: إن الهيئة بحاجة لتعيين 24 الف طبيب لمواجهة أزمة الحمى القلاعية، فى حين أن رواتب الاطباء الحاليين منخفضة جد .وأشار سليم الى إن متوسط أعمار الأطباء فى هيئة الخدمات البيطرية يتراوح مابين 45 و60 سنة وذلك بسبب توقف الدولة عن تعيين اطباء بهيئة الخدمات البيطرية منذ عام 1995 وحتى الآن. و أضاف: رغم أن الحمى مازالت فى دائرة الخطر إلا أنه ينبغى عدم التهويل من خطورتها وذلك لأنها موجودة فى مصر منذ عام 1950 لكن حدتها ازدادت فى الوقت الحالى، ونفى سليم بشدة ما تردد عن إمكانية انتقال المرض من الحيوان المصاب إلى الانسان خاصة وانه منذ اكتشاف المرض لم يتجاوز عدد المصابين بالحمى القلاعية على مستوى العالم سوى 40 شخصا .