كتب : محمد بنانة ... سيطر علىّ شعور بالإحباط واليأس من حياتى، فلم يعد فى الحياة ما يساعد على مجرد الاستمرار، أبيت كل ليلة على كارثة وأستيقظ على مجزرة جديدة، ما بين سطو مسلح على أحد البنوك، واشتباكات أمام مجلس الشعب، وأخيراً وليس آخراً مجزرة بورسعيد التى راح ضحيتها 73 شاباً فى مقتبل العمر كل جريمتهم تشجيع ناديهم. وفى خضم هذه الأحداث والمجازر المتلاحقة، قررت العودة إلى مسقط رأسى فى محافظة الغربية كنوع من تغيير الجو، وهناك كان أهل قريتى يستعدون لإحياء ذكرى المولد النبوى الشريف، وهى العادات التى أثلجت صدرى إلى حد كبير، حيث يجتمعون فى المسجد بعد صلاة المغرب يومياً ولمدة أسبوع يستمعون إلى أحدهم وهو يتلو عليهم قصة مولد النبى صلى الله عليه وسلم للكاتب جعفر البرزنجى رحمه الله تعالى، ثم يتلو أحسنهم صوتاً بعض آيات من الذكر الحكيم قبل الاستعداد لأداء صلاة العشاء، وفى يوم الثانى عشر من ربيع الأول تاريخ ميلاد رسول الله (i) يخرجون عقب صلاة العصر فى مسيرات تطوف البلدة، يتقدمهم شيوخ الطرق الصوفية يحملون أعلامهم، يعقبهم المريدين ويقرأون قصة ميلاد الرسول. مع هذا لا يمكننى إنكار ما يقع فى هذه المراسم من بعض الأخطاء التى اعتاد الناس عليها سنوياً، فترى الشيوخ وقد دخلوا فى حالة من الغيبوبة (السمو الروحى كما يدعى البعض) نتيجة الإغراق والغلو بشدة في المراسم، ناهيك عن الاشتباكات التى تحدث نتيجة الزحام والتدافع، لكن فى النهاية كانت جلسات المسجد خير معين للخروج من الحالة النفسية السيئة التى كنت أعيشها، ولما لا فقد قال الله عزوجل: «ألا بذكر الله تطمئن القلوب». لذا أناشد جميع المصريين استغلال هذه الأيام المباركة فى التضرع إلى الله عزوجل أن يفك الكرب ويزيل الهم، وأن يمّن على مصر والمصريين بفضل من عنده، فهو ولى ذلك والقادر عليه.