بعد عام 1967... بعد نكسة يونيو... أطلق أستاذنا العظيم أنيس منصور حملة «اعرف عدوك».. وكان الغرض من الحملة أن نعرف إسرائيل من الداخل... التركيبة السكانية والعرقية والطائفية ومراكز القرار وطبيعة وتركيبة الجيش الإسرائيلى.. وحكام إسرائيل وسلوك المواطن وعقيدته... وفى نفس الوقت كان المرحوم الدكتور حسن ظاظا أستاذ اللغة العبرية بآداب الإسكندرية يقدم برنامجا فى البرنامج العام اسمه «من قلب إسرائيل» وكان المفكر العظيم عبد الوهاب المسيرى يصدر العديد من الدراسات عن اليهود الصهيونية.. وكان كل ذلك فى إطار حملة أعرف عدوك والتى حققت نجاحا عظيما بعد أن طاف هؤلاء الكتاب والمفكرون الجامعات المصرية والنقابات والمدارس لتعبئة الرأى العام لمعرفة عدوة وكان لهذه الحملة الناجحة دور مؤثر فى انتصار الجيش المصرى فى حرب أكتوبر 73.. التى أعادت الكرامة والعزة والنصر للشعب المصرى وللأمة العربية بعد الهزيمة المؤلمة فى يونيو 1967... لأن الهدف والغاية كان نبيلا ومحترما.. لا اعرف لماذا تذكرت هذا وأنا أطالع حملة اعرف عدوك والتى أطلقها بعض النشطاء بعد ثورة 25 يناير... وشتان بين عدو وعدو.. فحملة اليوم بعد الثورة كما تدعى أن أعداء الوطن هم ممدوح حمزة وعمرو حمزاوى ومصطفى النجار ويسرى فودة ونوارة نجم ونوال السعداوى وأحمد دومة ومحمد هاشم وبثينة كامل وهشام قاسم وحافظ أبو سعدة وسامية صلاح جاهين وجمال عيد وأسماء محفوظ وإسراء عبد الفتاح وعلاء عبد الفتاح ومحمد البرادعى ومايكل منير وعمر عفيفى وغيرهم من النشطاء السياسيين والإعلاميين والحقوقيين ومن شباب الثورة.. والحملة تتهم هؤلاء بالوطنية المزيفة باسم الشعب وبالعمل لصالح أجندات خارجية والتحريض والتشويش والحشد والعمل على إسقاط الدولة المصرية... وغيرها من الاتهامات التى تصل للعمالة والخيانة... وهذا بالطبع مرفوض... فلا يوجد مصرى لا يحب وطنه... ولا يوجد مصرى خائن.. ولكن قد نختلف فى حب الوطن كل بطريقته.. ولكن هذا يعبر عن حالة انقسام وتشتت وفقدان للرؤية بعد ثورة 25 يناير... وقد يكون الاختلاف فى الرأى والرؤية شيئاً إيجابياً.. وكذلك الاختلاف فى الأهداف... ولكن السيئ أن نتهم بعض بأفظع الأوصاف.. وكل هذا ليس فى صالح الوطن.. فحب مصر حق لنا جميعا ولكنه قد يكون بطرق مختلفة وهنا أتذكر ما قاله زميلى الشاعر المبدع مصطفى بيومى لحبيبته «ما يفصلنا ياسيدتى أن العالم فى عينى غير العالم فى عينيك».. لهذا نقول لكل من يحبون هذا الوطن تعالوا إلى كلمة سواء.. فكلنا له أرضية مشتركة وهى مصر... وأن عدونا الحقيقى هو إسرائيل... وعدونا عام 67 هو عدونا فى 2012... وعلينا جميعا أن نطلق حملة «اعرف عدوك» بجد!!