كذب المنجمون ولو صدقوا»، ففى كل عام يدّعى بعض الفلكيين أنهم يعلمون الغيب ويبدأون فى إطلاق تنبؤاتهم فى جميع المجالات السياسية والاجتماعية والفنية والاقتصادية بجانب الرياضية. وفى بداية عام 2012 أدعت فلكية لبنانية أطلقت «ليلى عبد اللطيف» وبعض الفلكيين الآخرين تنبؤات فى المجال الرياضى مما سبب ذعرًا لدى بعض الرياضيين فى العالم، وذلك بعد إعلانهم عن حدوث كارثة بطلها النجم الأرجنتينى (مارادونا) المدير الفنى للفريق الأول للوصل الاماراتى. هذا التنبؤ على وجه التحديد من جانب الفلكية ليلى عبد اللطيف تم استنتاجه من خلال عدة حوادث كان بطلها (مارادونا) خلال فترة عمله مع الوصل الإماراتى منها على سبيل المثال لا الحصر ركله لأحد مشجعى الوصل بالقدم وسط استياء باقى جماهير النادى الذين انهالوا عليه بالسب والقذف.. وقيامه أيضًا برفع دعوى قضائية ضد أحد شباب الامارات بعد ادعائه بأن الشاب قام بتزوير توقيعه وبيعه لجماهير نادى الوصل.. بخلاف اعتدائه واعتراضه الدائم على حكام الدورى الاماراتى! المثير أن أحد الفلكيين اليونانيين سبق وتنبأ أيضاً بحدوث كارثة مدوية خلال أولمبياد لندن 2012.. بجانب إصابة نجمة التنس العالمية (شارابوفا) والتى قد تحرمها من ممارسة اللعبة مدى الحياة وتعرض أكثر من لاعب كرة سلة أمريكى من المشهورين لإصابات بالغة.. وأيضًا تعرض بعض نجوم ألعاب القوى لإصابات خلال بطولة العالم 2012! فضلا عن خسارة ليونيل ميسى لقب أفضل لاعب فى العالم، حيث إن ميسى فاز بهذا اللقب ثلاث مرات متتالية آخرها (2011)!.. وكانت مفاجأة التوقعات هى سحب الفيفا تنظيم كأس العالم لعام 2022 من دولة قطر! وفلكيون آخرون تنبأوا بحدوث كوراث خلال أولمبياد (لندن 2012).. بخلاف تعرض أكثر من نجم رياضى لإصابات بالغة فى مجال كرة السلة والعاب القوى والتنس. ذعر الرياضيين فى العالم جاء بعد أن صدقت بعض التوقعات فى بعض المجالات من العام المنصرم (2011) فمثلًا إدعت ليلى عبد اللطيف إنها رأت سعد الحريرى فى سوريا بجانب تنبوئها أن فلسطين ستحقق انتصارا عظيما عالميا فكان اعتراف منظمة الأممالمتحدة بها كعضو مستقل. فضلًا عن تنبوئها أن مصر ستواجه صعوبات وأن الرئيس السابق فى خطر ومن ناحية أخرى لم تتوقع عبد اللطيف بعض الأحداث السياسية المهمة لعام 2011 فيما يخص باقى الثورات العربية كاغتيال القذافى ورحيل زين العابدين بن على من تونس والانتفاضة فى سوريا واليمن. فى البداية حذرت د. سامية الساعاتى أستاذة علم الاجتماع جامعة عين شمس من أن هذه الظاهرة تصيب العامة من الناس بالذعر لأن الإنسان يميل بطبيعته إلى الاهتمام بالأخبار الكئيبة والمقلقة. لافته إلى أن من يؤمنون بهذه الظواهر ينم عن ضعف إيمانه فالإنسان المؤمن لا يصدق غير القرآن والآية الكريمة لقول الله سبحانه وتعالى: (وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى ). فلو أفلح لنفع نفسه فجميعهم مصابون بأمراض لا حصر لها ولا يستطيعون مساعدة أنفسهم. وعن وجود هذه الظاهرة أشارت الساعاتى إلى أن هذا أمر حقيقى وموجود بالمجتمع ومن يقول إنه ذكر فى القرآن شأنه كمن قال (لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ) النساء: 43، لأن القرآن عندما ذكرهم بأنه يتجنبوا هذه الأشياء بجانب تدمير المجتمع. موضحا أن هذا لا يضع لنا مجالًا للعمل ويعد مضيعة للوقت فى أمور غير مفيدة واختتمت: أنها أعدت بحثا عن المشتغلين بالسحر والمتردين عليه فوجدت أن هناك من يحملون أعلى الدرجات العلمية ويذهبون إليهم فهم يؤثرون حتى فى هؤلاء كما وجدت أن السيدات أكثر إيمانًا بتنبؤات هؤلاء المنجمين والعرّافين. ومن جانبه أكد د. أحمد كُريمة أستاذ الفقة المقارن جامعة الأزهر أن القاعدة تقول إن الأسوياء والعقلاء من يشغلون أنفسهم بعالم الشهادة وليس بالغيبيات لأن الغيب ملك لله وحده فقال تعالى: (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (26) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى ) الجن: 26 فالنص القرآنى واضح وصريح. موضحًا أنه يجوز فى بعض الأمور أن يفيض الله تعالى على رسول من الرسل أو نبى من الأنبياء مشيرًا إلى أن الله أوضح للناس أجمعين فى مواضع كثيرة فقال تعالى: (وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا ) الأحزاب: 38، وقال أيضًا: (كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا ) الأحزاب: 6، مضيفا أنه من أجل ذلك حرم الإسلام جميع اداعاءات العلم بالغيب فى التنجيم والعرافة والكهانة وما أشبها من قراءة الكف والطالع وحظك اليوم وقراءة الفنجان. لافتا إلى أن هؤلاء حكم عليهم النبى بأمرين أولهما الكذب فقال «كذب المنجمون ولو صدقوا» ثانيا «من ذهب إلى كاهن أو عرّاف فصّدقه فقد كفر بما أنزل على محمد» ومن هنا يوجه الإسلام العقول إلى الأخذ بالأسباب لبناء المجتمع ونفع الناس لتبين الخير والشر وفقا لمعطيات عملية تتكيف مع الواقع وألا يركن الإنسان إلى أساطير وخزعبلات ومن يفعل ذلك فلا وجود له فى الحقيقة ومكانه فى ذيل الأمم.