جامعة كفر الشيخ تنظم لقاءات تعريفية للطلاب الجدد    محافظ أسوان: انتظام العملية التعليمية بمجمع مدارس أبو الريش بحري    «الزراعة» تكشف موعد انخفاض أسعار الطماطم في الأسواق| خاص    حملة على قرى الطريق الصحراوي الشرقي والغربي لاسترداد أراضي أملاك الدولة    المدير التنفيذى ل"ابدأ": نستهدف تشجيع الصناعة المحلية لتوفير 16مليار دولار    رانيا المشاط تلتقي الأمين التنفيذى للجنة الاقتصادية لأفريقيا لمناقشة الجهود المشتركة    استمرار البحث عن المفقودين جراء الغارة الإسرائيلية على بيروت    ارتفاع قتلى الغارة الإسرائيلية على ضاحية بيروت ل50 شخصًا    «إكسترا نيوز»: مصر تناشد مواطنيها بعدم السفر إلى إقليم أرض الصومال    جوميز يحفز لاعبي الزمالك قبل موقعة السوبر الأفريقي    هدف ريال مدريد.. نجم بايرن ميونخ يثير التكهنات حول مستقبله    عمر مرموش يحسم موقفه من الرحيل عن فرانكفورت    كيف ودع رمضان صبحي اللاعب أحمد فتحي بعد إعلان اعتزاله؟    السجن 5 سنوات لمتهم عرض ابنه للبيع على فيس بوك بأوسيم    «معلومات الوزراء»: تراجع أعداد الإصابات الجديدة في أسوان بشكل ملحوظ    حقنة مخدر وراء العثور على جثة شاب في الوراق    «قصور الثقافة» تسدل الستار على مهرجان مسرح الهواة في دورته العشرين    مهرجان الغردقة يخصص جلسة عن علاقة السياحة بصناعة السينما    كريم الحسيني: «محمد رمضان أصابني بذبحة قلبية»    2250 مستفيدة من الحملة التنشيطية لتنظيم الأسرة بالإسماعيلية    الصحة: إنارة 24 مستشفى ومركز للصحة النفسية بمناسبة اليوم العالمي للتوعية ب "ألزهايمر"    إنفوجراف| كل ما تريد معرفته عن متحور كورونا الجديد «XEC»    أعراض مرض الكوليرا وطرق الوقاية منه    وزارة العمل تنظم ندوة توعوية بقانون العمل في المنيا    مسؤول أمني إسرائيلي كبير: الوضع الحالي في الضفة الغربية يقترب من نقطة الغليان    السفير الروسي بالقاهرة: تحرير الأراضي الروسية من المسلحين الأوكرانيين أولوية موسكو    سياسيون: «قمة المستقبل» تعكس جهود القيادة المصرية في تمكين الشباب    الشهرة والترند تقود فتاة للادعاء في فيديو اعتداء 5 سودانيين عليها بفيصل    الأهلي يترقب.. العين يستضيف أوكلاند سيتي في كأس إنتركونتيننتال اليوم    وزارة العمل تواصل تفعيل تدريب مجاني لفتيات أسيوط    أونروا: مخيمات النازحين تعرضت اليوم لأول موجة أمطار فى خان يونس جنوب غزة    بسمة وهبة تعلق على سرقة أحمد سعد بعد حفل زفاف ابنها: ارتاحوا كل اللي نبرتوا عليه اتسرق    وجعت قلبنا كلنا يا حبيبي.. أول تعليق من زوجة إسماعيل الليثي على رحيل ابنها    الانتهاء من نقل أحد معالم مصر الأثرية.. قصة معبد أبو سمبل    بداية العام الدراسى.. نظام التعليم فى مصر القديمة دليل على اهتمامهم بالعلم    الجامع الأزهر يتدبر معاني سورة الشرح بلغة الإشارة    موسم الهجوم على الإمام    اعتزل ما يؤذيك    ضبط8 عصابات و161 قطعة سلاح وتنفيذ 84 ألف حكم خلال 24 ساعة    الرئيس السيسى يتابع خطط تطوير منظومة الكهرباء الوطنية وتحديث محطات التوليد وشبكات النقل والتوزيع ومراكز التحكم ورفع مستوى الخدمة المقدمة للمواطنين بشكل عام.. ويوجه بمواصلة جهود تحسين خدمات الكهرباء بالمحافظات    النائب ياسر الهضيبي يطالب بإصدار تشريع خاص لريادة الأعمال والشركات الناشئة    استشهاد 6 فلسطينيين فى قصف للاحتلال استهدف مدرسة تؤوى نازحين بغرب غزة    الصحة تنظم ورشة عمل لبحث تفعيل خدمات إضافية بقطاع الرعاية الأساسية    أدعية للأم المتوفاه.. دار الإفتاء تنصح بهذه الصيغ (فيديو)    فرصة لشهر واحد فقط.. موعد حجز 1645 وحدة إسكان ب8 مدن جديدة «التفاصيل»    رودريجو: أنشيلوتي غاضب.. وأشكر مودريتش وفينيسيوس    بحضور رئيس الجمهورية وزارة الأوقاف احتفلت بالمولد النبوى وكرمت العلماء الرئيس السيسي: نحن فى حاجة ماسة لمضاعفة جهود مؤسسات الدولة فى مجالات بناء الإنسان    ضبط 27327 مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    تحرير 148 محضرًا للمحال المخالفة لمواعيد الغلق الرسمية    مفاجأة بشأن مصير «جوميز» مع الزمالك بعد السوبر الإفريقي    الداخلية: ضبط 618 دراجة نارية لعدم ارتداء الخوذة    لهذه الأسباب.. إحالة 10 مدرسين في بورسعيد للنيابة الإدارية -صور    ب«التكاتك والموتوسيكلات».. توافد طلاب البحيرة على المدارس في أول أيام العام الدراسي الجديد    خطيب المسجد النبوي يُحذر من الشائعات والخداع على وسائل التواصل الاجتماعي    حرب غزة.. الاحتلال يقتحم عنبتا شرق طولكرم ويداهم عدة منازل    عالم أزهري: الشعب المصري متصوف بطبعه منذ 1400 سنة    وزير الخارجية يلتقى المفوض السامي لحقوق الإنسان بنيويورك (صور)    ريمس يفرض التعادل على باريس سان جيرمان في الدوري الفرنسي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شفيق.. وبديع.. وبرهامى
نشر في أكتوبر يوم 08 - 01 - 2012

ثلاثة تصريحات استوقفتنى بشدة الأسبوع الماضى، إذ يجمع بينها رغم تباين مواقف ومواقع أصحابها أنها مثيرة للقلق والاستفزاز فى آن واحد.. أولها للفريق أحمد شفيق رئيس الوزراء الأسبق الذى كلّفه الرئيس المخلوع بتشكيل آخر حكومات النظام السابق أثناء ثورة 25 يناير، وثانيها للدكتور محمد بديع المرشد العام لجماعة الإخوان التى من المعلوم أنها لاتزال محظورة قانونا رغم إنشائها لحزب سياسى يوصف بأنه ذراعها السياسية، أما ثالثها فللشيخ ياسر برهامى نائب رئيس ما تسمى ب «الدعوة السلفية».
المقلق فى تصريح أحمد شفيق هو لغة خطابه السياسى كمرشح محتمل للرئاسة شديدة التعالى وإدعاء البطولة والقدرة الخارقة على صنع المعجزات إذا ما تم انتخابه رئيسًا للجمهورية حسب تعبيره: نحن قادرون على صناعة مصر أخرى فى عام واحد، مع ملاحظة أنه سبق أن صرح بأنه قادر على اتخاذ القرار فى فيمتو ثانية!، وهو إدعاء بقدرة مزعومة تدينه بأكثر مما تزكّيه، إذ أن هذه السرعة الفائقة المزعومة فى اتخاذ القرار حسبما يفتخر لا تُعدّ ميزة تحسب له بقدر ما تمثل عيبًا خطيرًا.. نتيجته الفشل الذريع.
أما ما يثير الاستفزاز فى هذا التصريح فهو هجومه العنيف على الدكتور محمد البرادعى المرشح المحتمل للرئاسة أيضًا.. ردًا على تصريحه الذى انتقد فيه ترشح أحمد شفيق للرئاسة.. معتبرًا أن ذلك يعنى أن النظام السابق الذى أسقطته الثورة مازال حيا يرزق.
ولأن الفريق أحمد شفيق لم يستطع ولن يستطيع أن يجد ردًا مقنعًا على اتهامه بالإنتماء.. قلبًا وقالبًا للنظام السابق ورئيسه المخلوع، فإنه لجأ إلى حيلة الهجوم خير وسيلة للدفاع بالهجوم غير الموضوعى على الدكتور البرادعى بقوله خليك فى حالك وارتق إلى مستوى المسئولية، البلد فى حل من تحمّل الصغائر التى تدور حاليا، لست قيّمًا على فلان أن يرشح نفسه أو لا يترشح، لكن المواطن المصرى هو الذى سيقرر.
وحسبما يتضح من تصريح شفيق، فقد بدا هجومه على البرادعى شديد الانفعال والعصبية، فى الوقت الذى لم يتضمن فيه كلامًا مفيدًا، بل جاء متهافتًا شديد الركاكة، لم يزد على كلمات مرسلة لا معنى لها ولا رابط بينها.. لا تتضّمن نفيًا لأنتمائه للنظام السابق ورئيسه المخلوع والذى كان رئيس آخر حكوماته وضد الثورة.
إذا كان من حق الدكتور محمد البرادعى ليس بوصفه أحد المرشحين المحتملين للرئاسة ولكن باعتباره أول من حثّ المصريين على الثورة وتغيير النظام وأول من ألقى حجرًا حرّك المياه الراكدة فى الحياةالسياسية المصرية، ولأنه من تنبأ بأن خروج مليون مصرى إلى الشارع سوف يسقط النظام.. إذا كان من حق البرادعى لكل هذه الاعتبارات أن يعترض على ترشح شفيق للرئاسة وأن يعتبر هذا الترشح استمرارًا للنظام السابق وهو الرأى الذى يحظى بإجماع المصريين، فإن على أحمد شفيق رئيس حكومة النظام السابق خلال الثورة.. أن يصمت بدلًا من التهجم على البرادعى.
ولعلى لست مبالغًا أو متجاوزا إذا قلت مثلما يقول شباب الثورة وجموع المصريين أن إعلان أحمد شفيق اعتزامه الترشح للرئاسة فى الدولة الجديدة بعد الثورة، بل مجرد ظهوره فى المشهد السياسى.. أمر يثير الاستفزاز والاستياء، إذ كان حريًا به أن يتوارى تماما عن المشهد وأن يتوقف نهائيًا عن الكلام.. قانعًا بأنه أفلت من المحاسبة ولم يتم تقديمه للمحاكمة حتى الآن جرّاء ممارساته وأقواله أثناء الثورة وبعدها وجرّاء دفاعه المستميت عن الرئيس السابق المخلوع وسخريته من مطالب شباب الثورة برحيله.
هل نسى أحمد شفيق استهزاءه بشباب الثورة بعد تعينه رئيساً لآخر حكومات مبارك واستخفافة المستفز باعتصامهم المستمر فى ميدان التحرير حتى يرحل النظام ورئيسه بقوله خليهم معتصمين وسأرسل إليهم بونبون أم هل نسى حديثه المتعالى على الثورة واتهامه للشباب الثوار بمخالفة ما أسماها فى ركاكة ب الأصوليات لأنهم أصروا على رحيل مبارك وإسقاط نظامه؟!
ثم هل نسى أن شباب الثورة وكافة النخب والقوى التيارات السياسية رفضوا استمراره رئيسًا للحكومة بعد سقوط النظام، وظل الجميع يطالبون بإقالته إلى أن استجاب المجلس العسكرى تحت ضغط الشارع والميدان؟!
الأكثر استفزازًا والأكثر مدعاة للدهشة والسخرية هو اتهام شفيق لرئيسه المخلوع بأنه أخطأ خطأ شديدًا فى موضوع ابنه جمال ثم وصفه لجمال بأنه كان نكبة على أبيه وأسرته وعلى البلد كله، وهو اتهام بدا شجاعة متأخرة من آخر رئيس حكومة فى النظام السابق وأحد المقربين من رئيسه، ثم إن شفيق أدان نفسه من حيث لا يدرى بقوله أنه كان يلمس هذا الموضوع عن قرب!
إن على أحمد شفيق بدلًا من أن يقول للبرادعى خليك فى حالك أن ينصح نفسه أولًا ويخليه فى حاله ويتوارى عن الظهور ويمتنع عن الكلام ليفكر جيدا كيف سيدافع عن نفسه فى الاتهامات الموجهة إليه عن المخالفات التى حدثت خلال سنوات توليه وزارة الطيران!
***
وحين يصرح الدكتور محمد بديع المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين بأن الجماعة أصبحت قريبة من تحقيق غايتها العظمى التى حددها مؤسسها الإمام حسن البنا بإقامة نظام حكم عادل رشيد يتضمن حكومة ثم خلافة راشدة وأستاذية العالم.. فإنه يتحدث على خلفية فوز حزب الحرية والعدالة.. الذراع السياسية للجماعة بالأغلبية الكبيرة فى الانتخابات البرلمانية.
تصريح المرشد العام يثير القلق مرتين.. الأولى.. أن حديثه يعنى التأكيد على أن جماعة الإخوان هى التى حققت هذا الفوز الكبير وليس حزبها السياسى، وهو افصاح واضح عن أن الجماعة التى لاتزال محظورة قانونًا هى التى خاضت الانتخابات تحت لافتة الحزب، ومن ثم فإنه انتهاك صارخ للإعلان الدستورى ولا نقول للدستور السابق وأيضًا لما توافق عليه المصريون من حظر قيام أحزاب سياسية على أساس دينى.
حديث الدكتور بديع يؤكد مجددًا ضرورة التدخل القانونى والدستورى لتحديد الحد الفاصل بين الجماعة وحزبها، وأيضًا ضرورة تحديد الوضع القانونى للجماعة وهو ما يستلزم حصولها على ترخيص قانونى كجماعة دعوية خاضعة لإشراف وزارة الشئون الاجتماعية.. محظور عليها وفقًا للقانون ممارسة أى نشاط سياسى وحزبى مثلما يحظر على حزبها السياسى ممارسة أى نشاط دينى أو دعوى.
أما ما يثير القلق مرة أخرى فى تصريحات المرشد العام فهو حديثه عن اقتراب الجماعة من إقامة دولة الخلافة الراشدة، وهو أمر من شأنه إثاره المخاوف على ما توافقت عليه النخب والقوى التيارات السياسية بشأن مدنية الدولة المصرية وعلى أساس المواطنة والديمقراطية والقانون والعدالة الاجتماعية، وهى الأهداف التى قامت من أجلها ثورة 25 يناير.
ورغم أن حديث فضيلة المرشد العام عن اقتراب إقامة الخلافة يبدو نوعًا من أحلام اليقظة، إذ يستدعى زمنًا ولىّ وأدبر، ولم يعد ممكنا تحقيق أو عودة الخلافة مرة أخرى فى الزمن الحالى أو فى المستقبل نظرًا لتغيرا الظروف التاريخية والجغرافية والأوضاع السياسية، إلا أنه يبقى أن لهجة خطاب المرشد العام للإخوان بدت شديدة الاستفزاز، وهو استفزاز سوف يكلّف الجماعة وحزبها السياسى الكثير من الحسائر فى المستقبل القريب ومع أول انتخابات برلمانية قادمة.
***
رغم ما تثيره تصريحات أحمد شفيق ومحمد بديع من قلق واستفزاز، فإن أمرها يهون مقارنة بتصريح الشيخ ياسر برهامى ثابت رئيس الدعوة السلفية، إذ أنه تجاوز مجرد التصريح الصحفى إلى الفتوى الشرعية بحسب ادعائه.
الخطير فى فتوى الشيخ السلفى الذى أعطى لنفسه حق الإفتاء دون علم ودون وجه حق أنه أفتى - بالباطل - بعدم جواز التصويت فى الدوائر الانتخابية التى لا يوجد فيها مرشحون من حزب النور السلفى، ومن ثم فإن على الناخبين إبطال أصواتهم!
الأخطر فى فتوى فضيلته الباطلة التى حّرم فيها إعطاء الصوت الانتخابى لمن وصفهم بأنهم يحاربون الشريعة، هو أنه اعتبر أن كل من لا ينتمى من المرشحين إلى التيار السلفى.. محارب للشريعة حتى لو كان من مرشحى حزب العدالة والإخوانى!
وبصرف النظر عن أن جماعة الإخوان قد اختزلت رفضها للفتوى ومهاجمتها فى أنها تفتقد فقط الأساس الشرعى، فإن هذه الفتوى التى تقحم الديم ومن وجهة نظر أحادية وعلى نحو انتقائى فى السياسة.. لاتثير القلق والاستفزاز فحسب بقدر ما تخالف الشريعة بحسبانها تمثل افتئاتًا على الشريعة ذاتها وحرية الإنسان فى الاختيار التى كفلها الإسلام.
ثم إن هذه الفتوى الباطلة تنطوى على تناقص فادح وفاضح، إذ أن من يرتضى خوض الانتخابات عليه الالتزام بالضرورة بفلسفة الممارسة الانتخابية وقواعد الديمقراطية التى تعنى حرية الاختيار بين المرشحين من كل الاتجاهات، أما الإفتاء باقتصار التصويت لمرشح حزب بعينه حسبما أفتى بالباطل الشيخ برهامى فهو انتهاك للحرية والشريعة الإسلامية قبل أن يكون انتهاكًا للديمقراطية، وذلك هو مكمن الخطر والقلق والاستفزاز.
الأشد خطرًا والأكثر مدعاة للقلق هو أنه إذا كانت هذه هى توجّهات السلفيين السياسية مع ملاحظة أنهم كانوا يحرمّون الديمقراطية والانتخابات والخروج على الحاكم الظالم، فكيف يكون مسلكهم لو أنهم لا قدّر الله وصلوا فعلًا للحكم؟!.. لكن ما يبدّد هذا القلق أنهم لن يصلوا إليه أبدًا.?


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.