كتبت : هبة مظهر .. جاء التحرك الفرنسى بإقرار مشروع تجريم إنكار إبادة الأرمن على يد الأتراك ليشعل حرباً كلامية بين أنقرة وباريس وصلت إلى حد التراشق بالألفاظ ليشكل الحلقة الأحدث فى مسلسل الأزمات القائمة منذ فترة بين البلدين حيث شهدت وتيرة الأحداث تصاعدا بارزا خاصة فى ظل التعنت الفرنسى ضد انضمام تركيا للإتحاد الأوروبى وأيضا تصعيد تركى وصل إلى حد قطع العلاقات وذلك عقب إقرار الجمعية الوطنية الفرنسية مشروع قانون يجرم إنكار إبادة الأرمن على يد الأتراك العثمانيين فى الفترة بين عام 1915- 1918 وخلفت مليون ونصف المليون قتيل أرمنى حسب الأرقام الأرمنية والتى تنفى عنها استنبول طابع الإبادة وتعترف بسقوط حوالى 500 ألف قتيل فقط خلال السنوات الأخيرة من حكم السلطة العثمانية وتؤكد أنهم راحو اضحية تجاوزات وقعت خلال الحرب العالمية الأولى نافية أى نية للإبادة. وينص مشروع القانون على السجن عام وغرامة قدرها 45ألف يورو لكل من ينكر إبادة الأرمن حيث صادقت الأغلبية على مشروع القرار فى البرلمان الفرنسى والذى يعد مكملاً للقانون الذى أصدرته فرنسا فى يناير 2001 بالاعتراف بالإبادة الجماعية ويبقى مصير القانون معلقاً بما سيصدر عن مجلس الشيوخ خلال أِشهر وتتخوف تركيا من الاعتراف بالإبادة لما يترتب عليه من تعويضات على غرار ما تدفعه ألمانيا لليهود بالإضافة إلى مخاوف تركيا من مطالبة الأرمن بمنحهم السيادة على جزء من ولاية شرق تركيا يعتبروه تابع لأرمنستان الكبرى. وفى أول رد فعل تركى على القرار استدعت أنقره سفيرها لدى باريس وأعلنت الحكومة التركية سلسلة من العقوبات السياسية والعسكرية ضد فرنسا وتعليق جميع الزيارات السياسية والمشاريع العسكرية الثنائية من بينها المناورات المشتركة بين البلدين، ولوح الوزير التركى للشئون الأوروبية أغمند باجيس بمقاطعة البضائع الفرنسية واضعاً قائمة بالتدابير العقابية التى قد يعتمدها كل مواطن تركى بحق فرنسا، فى حين وصف الرئيس التركى عبد الله جول مشروع القرار بأنه «قلة احترام لتركيا والشعب التركى» وطالب فرنسا بالانسحاب من مهام الرئيس المشارك لمجموعة «مينسك» جراء فقدان دورها الحيادى ومصداقيتها فى دور الوساطة بين الأطراف المتنازعة «أذربيجان وأرمنيا». كما طالب رئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوغان فرنسا بأن تفحص ماضيها الاستعمارى بدلاً من أن تقدم المواعظ لتركيا، مشيرا إلى المذبحة التى ارتكبتها فرنسا بحق ما يقدر بنحو 15% من سكان الجزائر بداية من عام 1945، متهما ساركوزى بالسعى وراء مكاسب انتخابية مستخدما مشاعر كراهية المسلم التركى. ومن جانبه وصف وزير الخارجية التركى أحمد داوود أوغلو المصادقة على القرار بأنها ماهى إلا تحقيق لمبدأ المنفعة وعقبة يتم وضعها على طريق تركيا فى الوقت الذى تتزايد فيه قوتها يوماً بعد الآخر. فى المقابل وصف الخبير التركى فايق بولوت رد حكومته على تبنى فرنسا قانون تجريم إبادة الأرمن فى تركيا بأنه مبالغ فيه ومرفوض من قبل أوساط التجارة والأعمال التجارية حيث يبلغ حجم التجارة بين البلدين 13 مليار دولار . وفى تعليق رسمى على التصريحات التركية أعربت فرنسا عن أسفها لاستخدام تركيا للصيغ المبالغ فيها وطالب الرئيس الفرنسى نيكولا ساركوزى تركيا باحترام قناعات بلاده ، كما رد وزير الشئون الأوروبية الفرنسى جان ليونيتى مهوناً من الرد التركى قائلا إن التهديدات التركية جوفاء،و وصف ليونتى تصريحات وزير الخارجية التركى بأنها ككل التصريحات المغالية تبدو سخيفة مضيفاً وأن تركيا الموقعة على التزامات دولية داخل الاتحاد الأوروبى والمنظمة العالمية للتجارة لايمكنها تمييز بلد ما لاعتبارات سياسية.