أحاول جاهدة أن أبعد من فكرى نظرية المؤامرة كلما شاهدت خريطة مصر السياسية المزيفة على شاشات القنوات الفضائية المصرية الخاصة.. وتصيبنى الحيرة من دوافع المسئولين فى تلك القنوات الفضائية وإصرارهم على عرض النسخة المزيفة لخريطة حدود مصر الجنوبية المزيفة.. وهل يفعلون ذلك من منطلق الاستهبال أم الاستسهال والاقتداء بتحريف شركة الأطالس الأمريكية (راند ماكنل).. أم هو جهل بالحقيقة أبعد الاحتمالات وهو التآمر على المصالح العليا للوطن الذى تبث منه قنواتهم.. وعلى قمره الصناعى النايل سات؟!.. الثابت والمؤكد تأكيدا مطلقًا تاريخيا جغرافيا أن حدود مصر السياسية الجنوبية تمتد فى خط مستقيم من الغرب حتى ساحل البحر الأحمر شرقا وهو خط عرض 22 ويقع بداخله مثلث حلايب وشلاتين وأبو رما والذى تبلغ مساحته 2.20.580 كم. لكن تلك القنوات تعرض خريطة مصر وقد اغتصب منها مثلث حلايب ومنحه إلى السودان.. وسأستبعدد نظرية المؤامرة وأفترض حسن النيى وعدم معرفة المسئولين عن تلك القنوات وأذكرهم بقضية صناعة تلك الخريطة المزيفة التى جرى أعدادها والترويج لها منذ أكثر من أربعة وثمانين عاما، وذلك عندما أصدر رئيس الحكومة ووزير الداخلية أثناء الاحتلال البريطانى لمصر ورجل الانجليز فى مصر مصطفى فهمى باشا قرارا إداريا مريبًا بإجراء تعديل إدارى لخط الحدود الفاصل بين مصر والسودان.. وقضى القرار بوضع مثلث حلايب تحت الإدارة السودانية المحكومة فعليا من المحتل البريطانى بإدعاء أنه الأقرب إلى الخرطوم منه إلى القاهرة.. وأصبح الحد الإدارى هو الوحيد المعترف به حدا فاصلًا للحدود بين مصر والسودان.. وتمضى مؤامرة العبث والتزييف إلى الخاتمة عندما اتفقت الخارجية البريطانية مع شركة الأطالس الأمريكية باعتماد الخط الإدارى فقط كحد فاصل فى المنطقة.. وبالفعل صدرت الأطالس على هذا النحو ثم تبعتها الأطالس العالمية الأخرى التى تنقل عنها - استهبالا - القنوات الفضائية المصرية الخاصة. ونقول لمن لا يعلم منهم لعله يعلن ويتدارك خطأه قبل فوات الأوان أن سيادة مصر على مثلث حلايب قائمة على حدودها السياسية وهى خط 22 درجة شمالًا.. ولا أعلن سرا أن الجهات السيادية فى مصر سبق وأن بعثت بخطابات إلى وزارة التعليم العالى والبحث العلمى للتأكيد على استخدام الخرائط المعتمدة من الهيئة والمصرية العامة للمساحة.. وعلى من يمتلكون تلك القنوات الفضائية أن يحذروا من العبث بخريطة حدود مصر الجنوبية فهى خط أحمر جدا.. جدا وإلا فإن فكرة نظرية المؤامرة على المصالح العليا للوطن واردة.. وبشدة.