فى الوقت الذى وصف فيه البعض الاجتماع الذى عقده قادة اليورو فى بروكسل بالتاريخى وأنه الأهم فى تاريخ القمم الأوروبية اعتبره البعض الآخر مجرد نقطة انطلاق فى إدارة أزمة الديون وأنه سيتم الحكم عليه عبر تحديد آلية تنفيذه، والسؤال هل تنجح الدول الأوروبية فى تنفيذ ما توصلت إليه من قرارات لكبح جماح الأزمة التى هددت بانهيار مشروع العملة الموحدة؟ وقد توصل قادة دول منطقة اليورو فى القمة التى عقدت فى بروكسل لاتفاق على خطة لمعالجة أزمتها الاقتصادية يقضى بتخلى البنوك الدائنة عن 50% من الديون الواجبة لها على اليونان كما اتفق القادة على تعزيز القوة المالية للاتحاد الأوروبى، وهى آلية الاستقرارالنقدى الأوروبى ليرتفع رأسماله من مستواه الحالى عند 440 مليار يورو خلال العام الحالى إلى تريليون يورو والذى يحوى حاليًا 250 مليار يورو باقية بعد تقديم مساعدات لأيرلندا والبرتغال واليونان، وهذه الزيادة ستتحقق إما من خلال تقديم ضمانات لمشترى صكوك الديون الأوروبية بأن تلك الديون ستظل أكثر ربحية عن غيرها من الوسائل المالية وهو ما من شأنه تخفيف عبء الاقتراض عن الحكومات المتعثرة، أو عن طريق إنشاء أداة استثمارية جديدة يمكن من خلالها للمستثمرين أفرادًا أو حكومات مثل الصين الدخول إلى أسواق المال الأوروبية بالشراء المباشر للديون، أما عن آخر شق من خطة مواجهة الأزمة فهى اعادة رسملة البنوك التى يقف بعضها على وشك الإفلاس بسبب إنعدام السيولة حيث تعتزم منطقة اليورو مواصلة دعمها للبنك المركزى الأوروبى الذى يعمل حاليًا على مساعدة إيطاليا وأسبانيا من خلال إعادة شراء ديونهما فى الأسواق لتفادى ارتفاع معدلات الفوائد على القروض، كما قررت منطقة اليورو خلال قمتها الاستعانة ببكين لتعزيز قدرة صندوق الاستقرار المالى على التدخل لمساعدة الدول التى تواجه صعوبات، وعن احتمال تدخل الصين لمساعدة اقتصادات منطقة اليورو المتعثرة وعما إذا كانت خطوة كهذه ستهدد استقلال أوروبا اشتعلت التكهنات حول دور الصين فى إنجاح هذه الخطة، ففى الوقت الذى اعتبر فيه البعض أن طلب النجدة من الصين شىء طبيعى لأنها الدولة الوحيدة التى تمتلك احتياطات مالية تقدر بنحو 203 تريليونات يورو حيث يمكن استثمار هذا المبلغ فى دعم صندوق الإنقاذ الأوروبى خاصة أنها قد اشترت فى السابق ما يعادل 4% من الديون الإيطالية بنحو 76 بليون يورو. كذلك استثمرت الصين فى ديون إسبانيا والبرتغال بعشرات البلايين، كما أعلنت مؤخرًا أنها ستشترى سندات حكومية فرنسية لدعم الوضع المالى لذا فلا عجب أن يتوجه طلب النجدة إلى الصين فى الوقت الذى نظر فيه البعض لمخاطر كبيرة ستضع الصين فى قلب السياسة الأوروبية.