«التضامن» تقر تعديل قيد 3 جمعيات بمحافظتي القاهرة والفيوم    في تصنيف QS Arab Region.."طنطا"تحتل المركز 78 من بين 246 جامعة مصنفة    وزير الكهرباء: من طلبوا تركيب العداد الكودي قبل شهر أغسطس ليسوا مخالفين    أسيست تاريخي.. لينو يصنع هدفا لفولهام في الدوري الإنجليزي (فيديو)    4 خارج القاهرة .. جدول مباريات الزمالك في المرحلة الأولى من الدوري المصري    وزير الشباب يضع حجر الأساس للمدرسة الرياضية الدولية بالمركز الدولي للتنمية بالغردقة    دورة فؤاد المهندس.. انطلاق ملتقى القاهرة الدولي للمسرح الجامعي بالسامر اليوم    استمرار صرف مقررات تموين شهر أكتوبر 2024 لأصحاب البطاقات    تذكرتى تعلن طرح بطاقة Fan ID للموسم الجديد 2024 - 2025    الرئيس السيسى: إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة السبيل لنزع فتيل التوتر الإقليمى    حكم قضائي جديد ضد "سائق أوبر" في قضية "فتاة التجمع"    وزير الأوقاف يشارك في حفل تنصيب الرئيس الإندونيسي الجديد نيابة عن الرئيس السيسي    خبراء ل"صوت الأمة": نتائج إيجابية للاقتصاد أهمها توفير منتجات للسوق الداخلي وتقليل البطالة    رغم امتلاء بحيرة سد النهضة، إثيوبيا تواصل تعنتها وتخفض تدفق المياه من المفيض    أمريكا ترسل قوات كوماندوز سرا إلى إسرائيل للمساعدة في استعادة الأسرى    الاتحاد الأوروبي: اغتيال السنوار يزيد فرص وقف إطلاق النار في الشرق الأوسط    وزيرة التنمية المحلية: النهوض بموظفي المحليات ورفع مهاراتهم لجذب الاستثمارات    جامعة قناة السويس تنظم برنامجاً تدريبياً لطلاب STEM حول تصميم وتنفيذ كوبري مائي متحرك    فرص عمل جديدة بمحافظة القليوبية.. اعرف التفاصيل    رسالة أسبوع القاهرة للمياه: الماء حق لكل إنسان.. و"سد النهضة" انتهاك للقانون الدولي    وزير الكهرباء: زيادة سعر بيع المليون وحدة حرارية ل 4 دولارات    السيطرة على حريق مخزن خردة في أبو النمرس    تأجيل محاكمة بائع خضار لاتهامه باستدراج سائق تروسيكل وقتله بشبين القناطر لجلسة الأربعاء المقبل    مصرع مزارع دهسًا أسفل عجلات جرار زراعي في قنا    المشاط تلتقي المدير الإقليمي للبنك الدولي لمناقشة تطورات المشروعات والبرامج الجاري تنفيذها    من أرض الفنون.. النغم يتكلم عربي    محمد رمضان ومحمد منير يشوقان الجمهور لمفاجأة فنية.. أغنية أم مسلسل؟    الحكومة: تشغيل مستشفى العدوة المركزي تجريبياً خلال شهر لخدمة أهالي المنيا    فرق المتابعة تواصل المرور على الوحدات الصحية لمتابعة الانضباط الإداري بالزرقا بدمياط    عميد طب الأزهر بأسيوط: الإخلاص والعمل بروح الفريق سر نجاحنا وتألقنا في المنظومة الصحية    فعاليات فنية عن تاريخ مصر الفرعوني والثقافي ببوليفيا    استعدادات مكثفة لاتحاد كرة السرعة قبل إقامة بطولة العالم في مصر    6 غيابات تضرب يوفنتوس أمام لاتسيو.. وعودة فاجيولي وويا    ب "السحر والدجل".. ضبط شخصين لاتهامهما بالنصب على مواطنين    مدبولي: القطاع الصحي ركيزة رئيسية ضمن خطط تطوير الدولة المصرية    رئيس الوزراء: شبكة الطرق الجديدة ساهمت في زيادة الاستثمارات وخلق فرص عمل    بقصد الاستثمار بالبورصة.. التحقيق مع موظف بالنصب على مواطن في الشيخ زايد    «آثار أبوسمبل» تستعد للاحتفال بتعامد الشمس على وجه رمسيس الثاني    بيان عاجل من بريطانيا ودول أوروبية وأمريكا حول السودان    بالاسم .. الصحة تدشن موقعاً إلكترونياً لمعرفة المثائل و البدائل للادوية الهامة    داعية بالأوقاف: الانشغال بالرزق قد يبعدنا عن ما طلبه الله منا    يد الأهلي يواجه فلاورز البنيني في نهائي بطولة إفريقيا    ارتدوا الملابس الخريفية.. الأرصاد تكشف حالة الطقس المتوقعة خلال الأيام المقبلة (تفاصيل)    14 عبادة مهجورة تجلب السعادة .. عالم أزهري يكشف عنها    التصرف الشرعي لمسافر أدرك صلاة الجماعة خلف إمام يصلي 4 ركعات    الشيخ أحمد كريمة يوجه رسالة لمطرب المهرجانات عمر كمال    حزب الله يُعلن استهداف جنود ومواقع إسرائيلية    أول تعليق لصاحب جواز سفر عُثر عليه بجوار يحيى السنوار بعد اغتياله.. ماذا قال؟    وزير الخارجية: أخبار سارة قريبا بشأن التواجد السعودي الاستثماري في مصر    تطورات جديدة بشأن مستقبل جافي مع برشلونة    رغم اعتراض ترامب.. قاضية تُفرج عن وثائق فى قضية انتخابات 2020    «معندهوش رحمة».. عمرو أديب: جزء من القطاع الخاص لا يطبق الحد الأدنى للأجور    أفضل 7 أدعية قبل النوم.. تغفر ذنوبك وتحميك من كل شر    عمرو أديب: المتحف المصري الكبير أسطوري ولا يضاهيه شيء    قرار هام من النيابة بشأن نصاب انتحل صفة محام شهير بالدقي    وزير الخارجية اللبناني: استمرار إسرائيل في سياسة المجارز سيؤدي إلى مزيد من التطرف    تامر عاشور ومدحت صالح.. تفاصيل الليلة الثامنة من فعاليات مهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية    الصور الأولى من حفل خطوبة منة عدلي القيعي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أخطاء المرحلة الانتقالية.. وإشكاليات نقل السلطة مظاهرات “ماسبيرو” الدامية.. الدوافع والمحاذير
نشر في أكتوبر يوم 16 - 10 - 2011

لم تكن أحداث يوم الأحد الدامى التى وقعت فى «ماسبيرو» الأسبوع الماضى سوى إحدى نتائج أخطاء إدارة المرحلة الانتقالية التى أشرت إلى بعضها فى المقال السابق، أو هكذا يتعين فى تقديرى النظر إليها، إذ أن لجوء الإخوة المسيحيين إلى تصعيد احتجاجهم العنيف بهذه الحشود الضخمة على خلفية أزمة كنيسة الماريناب بمحافظة أسوان إنما يعكس فى حقيقة الأمر هواجسهم مما يمكن أن تسفر عنه نتائج الانتخابات البرلمانية ومن ثم هواجسهم بشأن الدستور الجديد، وتلك هى القضية التى كانت مثار جدل سياسى كبير بين عموم المصريين.. هل الدستور أولاً أم الانتخابات؟
وبصرف النظر عن تأكيدات محافظ أسوان بأن تلك الكنيسة سبب الأزمة لم تكن كنيسة وإنما «مضيّفة».. تم الترخيص بهدمها وإعادة بنائها، ثم حدث أن قام مسيحيو القرية بتعليتها عدة أمتار زائدة بهدف تحويلها إلى كنيسة، ومع كل الإدانة لقيام مواطنين مسلمين بالتصدى لتعلية المبنى وتحويله إلى كنيسة، باعتبار أن ذلك من اختصاص رجال الإدارة فى المحافظة ووفقا للقانون..
إلا أن مثل هذه الأزمة العابرة التى كان يتعيّن حلها بهدوء وبالتنسيق بين الكنيسة الأرذوكسية ومحافظ أسوان.. لم تكن تستدعى بأية حال هذا التصعيد العنيف ونقل مشكلة كنيسة صغيرة بإحدى قرى الصعيد إلى قلب العاصمة بذلك الاحتشاد الكثيف وبتلك الهتافات الطائفية ومحاولة تصوير مشكلة صغيرة على أنها مظهر من مظاهر اضطهاد وتمييز يتعرّض له المسيحيون فى مصر وعلى غير الحقيقة.
الأمر الخطير فى تلك الأحداث هو ذلك الصدام الذى افتعله المتظاهرون المسيحيون مع قوات الجيش والشرطة العسكرية التى كانت تقوم بحراستهم وتأمين مظاهراتهم التى بدأت سلمية، وهو الصدام الذى بدأ بالاعتداء على الجنود بالحجارة والأسلحة البيضاء ثم تطور إلى إطلاق النار على الجنود الذين لم تكن فى أسلحتهم ذخيرة حية، وهو الاعتداء الذى أسفر عن استشهاد ثلاثة من الجنود وإصابة العشرات، فى نفس الوقت الذى قام فيه المتظاهرون المسيحيون - وحسبما أوضحت المشاهد التليفزيونية - بإحراق إحدى مصفحات الجيش والعديد من سيارات المواطنين والاعتداء على قائدى هذه السيارات.
ولذا فإن التعلل باندساس عناصر من البلطجية بين المتظاهرين المسيحيين وأنهم الذين أطلقوا الرصاص وأشعلوا النيران.. تكذّبه مشاهد الفيديو وشهادة شهود العيان، وفى كل الأحوال فإن احتشاد آلاف المسيحيين وتصعيدهم لتظاهرهم يبقى هو المسئول عن كل ما جرى فى ذلك اليوم الدامى الحزين.
***
المؤسف والمؤلم فى آن واحد أن تسفر مظاهرات وأحداث ماسبيرو عن سقوط (17) قتيلاً - حتى كتابة هذه السطور- من شباب المسيحيين.. قتلهم التصعيد غير المبرر والتحريض الطائفى البغيض من جانب الكهنة الذين تقدموا المظاهرات ويتحملون وزر إزهاق أرواح وإراقة دماء الشهداء والجرحى والمصابين سواء من أفراد الجيش أو من المدنيين.
لقد غاب عن هؤلاء الكهنة والقساوسة أن الدين وفقا للعقيدة المسيحية محبة ودعوة للسلام والتسامح مثلما غاب عنهم أن دم الإنسان أكبر حرمة وأكثر قداسة من أى مسجد أو كنيسة، بل إن الإسلام يعتبر أن دم الإنسان أكثر حرمة من المسجد الحرام ذاته.
***
كما قلت فى البداية فإنه لا تفسير واقعيا وحقيقيا لتصعيد المسيحيين لاحتجاجاتهم وعلى هذا النحو العنيف المختلف عن احتجاجاتهم السابقة سوى هواجسهم من أن تسفر الانتخابات البرلمانية المقبلة - إن اكتمل إجراؤها- عن فوز التيارات الإسلامية المتشددة بالأغلبية والتى تمكنهم من إصدار الدستور الجديد وفقاً لتوجهاتهم وبما يهدد إقامة الدولة المدنية وضمان حقوق المواطنة دون تمييز، ومن ثم فإنهم بدوافع تلك الهواجس يسعون لاستباق الأحداث والنتائج المقلقة لهم بالإعلان بأعلى صوت بأن لهم مطالب بعدم التمييز ضدهم ومن بينها مشكلة بناء الكنائس.
ولقد غاب عن المصريين المسيحيين ولا أقول الأقباط، تصحيحاً لذلك الخطأ الشائع، باعتبار أن كل المصريين أقباط.. منهم أقباط مسلمون وأقباط مسيحيون.. لقد غاب عن المصريين المسيحيين أن الدستور الجديد لن يصدر إلا بعد صياغة مواده صياغة تعكس وتعبر عن توافق وإرادة جموع المصريين ولن يحتكر فصيل أو تيار بعينه مهما كانت نتائج الانتخابات البرلمانية صياغة الدستور وفقاً لهواه أو توجهه، ثم إنه لن يتم إقراره نهائيا إلا بعد استفتاء شعبى عام.
الأمر الآخر المؤكد أنه لا المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذى يدير شئون البلاد ولا جموع المصريين أصحاب ثورة 25 يناير التى قامت من أجل الدولة المدنية ودولة القانون والعدالة الاجتماعية.. لن يرتضوا بقيام دولة دينية أو ظهور خومينى آخر فى مصر وهو ما تعهّد به المجلس العسكرى منذ توليه سلطة إدارة المرحلة الانتقالية، وفى نفس الوقت فإنهم لن يقبلوا على الإطلاق المساس بعقيدة المسيحيين أو أى من حقوقهم المتساوية تماما مع حقوق المسلمين.
إن تاريخ مصر الحديث وطوال أربعة عشر قرنا ومنذ أن دخلها الإسلام وصار دين الغالبية العظمى لشعبها.. يشهد بأنها لم تعرف أى شكل من أشكال الاضطهاد الدينى مثلما لم تعرف أى لون من ألوان التمييز بين مواطنيها على أساس العقيدة أو الجنس أو العرق أو اللون، فلقد عاش المصريون جميعا.. المسيحيون واليهود قبل المسلمين متساويين فى الحقوق والواجبات، ويشهد بذلك أيضاً قضاتها ووزراؤها وأدباؤها وعلماؤها وتجارها وفنانوها ومطربوها وصحفيوها من المسيحيين بل من اليهود أيضاً، والأكثر من ذلك أن مصر وعبر تاريخها الإسلامى الممتد لأربعة عشر قرنا احتضنت على أرضها كل من وفد إليها.. لاجئاً أو مقيماً.. طالبا جوارها وأمنها وأمانها.
***
إن السطور السابقة ليست كلاما إنشائياً مرسلاً ولكنها تذكير بحقائق ووقائع، ولذا فإن على الإخوة المسيحيين شركاء الوطن الانتباه جيداً إلى مؤامرات الوقيعة وافتعال الأزمات مع الدولة أو مع أشقائهم المسلمين، ولعله لا يغيب عنهم بل يتعيّن ألا يغيب عنهم أن من يسعون - سواء من الداخل أو من الخارج - إلى زرع الشقاق وتأجيج الفتنة الدينية فى مصر إنما يتآمرون لإجهاض ثورة 25 يناير التى صنعها المصريون جميعاً.. المسلمون والمسيحيون وذلك بزعزعة الأمن والاستقرار والسلام الاجتماعى بالضرب على ذلك الوتر الحساس وهو الدين لعلم هؤلاء المتآمرين بقدر الدين وقداسته لدى المصريين على اختلاف العقيدة.. الإسلامية والمسيحية على حد سواء.
إن على الإخوة المسيحيين شركاء الوطن أن يحذروا بشدة من تلويح بعض الجهات الصهيونية الأمريكية باستعدادها للتدخل لحماية ما وصفوها بالأقلية المسيحية المصرية وحماية كنائسهم حسبما جاء فى تسريبات إعلامية عقب أحداث ماسبيرو وبدت «بالون» اختبار حيث جرى نفيها فوراً، ولأنه من المؤكد أن وطنية المسيحيين المصريين تأبى الاستجابة إلى مثل تلك المساعى الخارجية الخبيثة للتدخل فى الشئون المصرية باعتبار أن ذلك عار وطنى.. تجرّمه الوطنية وتحرّمه المسيحية، فإنه يبقى ضرورياً تجنب أى تصعيد لأية أزمة قد تنشأ هنا أو هناك لسبب أو لآخر، باعتبار أن القانون وحده كفيل بحماية وصون حقوق المصريين جميعاً.. المسيحيين والمسلمين.
***
تبقى ملاحظة مهمة وخطيرة خاصة برجال الدين المسيحى من الكهنة والقساوسة الذين تحتّم عليهم تعاليم المسيحية أن يكونوا دعاة محبة وتسامح، لا دعاة إثارة وتحريض وتصعيد، إذ بدا مسيئا ومؤسفا أن يقود اثنان من القساوسة مظاهرات ماسبيرو فى إقحام للدين فى السياسة وهو ما ندينه على الجانب الإسلامى وإذ بدا مسيئا ومؤسفا أيضاً أن يتلفظ كاهن فى الصعيد بعبارات سب فى حق محافظ أسوان متهما إياه بأنه «كداب» وسوف يضربه «باللى فى رجله»!! وهو مسلك يسىء إلى الكنيسة المصرية يستوجب محاسبة هؤلاء القساوسة.
وللحديث بقية الأسبوع المقبل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.