المرض.. الفقر.. لعنهما الله عندما يجتمعان.. يفتكان بكثير من الأسر.. أسر كثيرة لا تجد قوت يومها إلا بشق الأنفس ويزيد على ذلك إصابتها بالمرض الذى ينهش لحمها ويفتت عظامها وبالرغم من معاناتهم إلا أنهم حامدون الله.. شاكرون له.. وسبحان الله فله فى خلقه شئون.. ومادام هؤلاء صابرين على المحنة فمن المؤكد أن الله لن يتركهم ولكن سيقف بجوارهم ويرفع عنهم الفقر والمرض فى الدنيا أو سيكون أجرهم الجنة فى الآخرة.. وهذه أسرة من هؤلاء الأسر أسرة كبيرة العدد تتكون من أب وأم وسبعة من البنين والبنات.. وتنتمى لقرية صغيرة من إحدى محافظات شمال الصعيد.. الأب يعمل فلاح أجير لا يعرف فى الحياة سوى الفأس التى يضعها على كتفه ويخرج فى الصباح باحثا عن الرزق من أجل أطفاله ويعود بجنيهات قليلة لا تكفى إلا فى توفير القوت الضرورى للأسرة وفى كثير من الأحيان كانت لا تسد، ومع ذلك فهو وزوجته وأولاده راضون.. كان أمله الكبيرفى الأولاد سواء كانوا بنينا أو بنات ليساعدوه.. كانت فرحته كبيرة عندما خرجت الابنة الكبرى وهى فى سن السادسة مع بنات القرية للعمل فى إحدى المزارع فى موسم الحصاد وأعطته «يوميتها» فى آخر النهار وهذا الأمر شجع الأخت الصغرى على الخروج معها، ولاقى الأمر تشجيعا من الأب والأم لهما.. وعندما بلغا سن دخول المدرسة لم يبخل عليهما وأكد للأم أن التعليم مهم للأولاد. عام وراء عام إلى أن بلغت الابنة الكبرى الثامنة وبدأت تظهر عليها أعراض الوهن والتعب وعدم استطاعتها على رفع ذراعيها بسهولة أو حتى الوقوف على قدميها لفترة وجيزة، وظن الأب أنه دلع بنات وأنها تهرب من العمل لتلعب، ولكن الأم أكدت له أنها غير قادرة على الإمساك بالقلم أو استذكار الدروس.. وطلبت منه أن يتركها فى حالها فهى البكرية ومن حقها الدلع، ولكن ما حدث للابنة الثانية لا يختلف عن الأولى فى شىء سوى أنه نبه الأم والأب إلى أن هناك شيئا ما، خاصة أن الابنة الصغيرة نامت على فرشتها غير قادرة على الحركة إلا بصعوبة حتى قضاء حاجتها كان بصعوبة أيضاً، بل فقدت القدرة على التحكم فى عملية التبول.. حملتها الأم إلى الوحدة الصحية، قامت الطبيبة بالكشف عليها وفحصها ووصفت لها بعض الأدوية المقوية والفيتامينات، ولكن الحالة كما هى حولتها إلى المستشفى المركزى حملتها الأم وذهبت بها، وتم إجراء بعض الفحوصات والتحاليل التى أثبتت أن هناك خللا بالجهاز المناعى وكانت بعض الأدوية، ولكن كان الأهم هى التوصية بحمل الأختين إلى المركز القومى للبحوث بالقاهرة للعرض على أطباء وحدة الأمراض الوراثية.. رفض الأب فهو لا يملك ثمن التذكرة والإقامة بالقاهرة، ولكن تحت إلحاح الأم وما رآه من تدهور حالة الطفلتين انصاع واستدان وجاء مع الأم والابنتين، وبالمركز القومى للبحوث تم فحصهما وإجراء تحاليل كثيرة وفى النهاية كان الخبر اليقين الذى سقط على رأس الأب والأم كالصاعقة بأن الطفلتين مصابتان بمرض وراثى وهما فى حاجة للعلاج الدائم والمستمر حتى لا تتدهور الحالة.. خمسة عشر عاما من الذل والفقر والمرض.. أرسلت الابنة لنا خطابا تشرح مرضها وتؤكد على أن أباها رجل فلاح بسيط دخله لا يكفى، حيث إنه يبلغ من العمر واحد وستين عاما، وأصابه المرض بسبب آلامه النفسية وحسرته على ابنتيه وعدم استطاعته توفير ثمن الدواء الخاص بهما وثمن جلسات العلاج الطبيعى، نعم لديه ثلاثة أبناء شباب ولكنهم لا يجدون عملا وإن وجدوا فيكفى أنهم يوفرون لقمة العيش للأسرة الكبيرة.. وفى نهاية خطاب الابنة تطلب من أهل الخير مساعدتها هى وأبيها وأسرتها.. من يرغب فليتصل بصفحة مواقف إنسانية.