يبدو أن المعتصمين اعتقدوا أن قدرة د. عصام شرف رئيس الوزراء لا تقل عن قدرة مصباح علاء الدين والفانوس السحرى، وسياسة «شبيك لبيك.. عبدك وملك إيديك»، وبات من المؤكد أيضا أن لعبة الكراسى الموسيقية فى هيئة النقل العام وإضرابات الأطباء والأثريين والمعلمين هى القاسم المشترك فى كل الأحداث الجارية. وأن الصراع بين النقابة المستقلة التى نبتت بعد ثورة 25 يناير فى هيئة النقل العام ونقابة العاملين بالنقل البرى أصبح على بلاطة بعد محاولة قيادات تلك النقابات العزف على جثة الوطن واستغلال عمال الهيئة لتحقيق مكاسب شخصية فى وقت يحتاج فيه الوطن إلى أى مليم يمكن أن يلبى احتياجات تلك الفئات المطحونة. فبعد الاتفاق المبدئى الذى تم بين د.أحمد البرعى وزير القوى العاملة ود.عبد القوى خليفة محافظ القاهرة والمهندس منى مصطفى رئيس هيئة النقل العام على تلبية كل طلبات عمال وموظفى الهيئة ودراسة اللائحة المالية الجديدة بعد تعليق الإضراب وانتظام العمل وعودة د. حازم الببلاوى من الخارج، ورغم موافقة على فتوح رئيس النقابة المستقلة، وصابر أبوسريع مسئول الاتصال النقابى على الاتفاق المبدئى، فقد اعترض محمد عبدالستار أمين عام النقابة المستقلة للعاملين بهيئة النقل العام وقام بحشد آلاف العمال للتظاهر والاحتجاج أمام رئاسة مجلس الوزراء، وعقد العزم على تقمص دور البطولة، خاصة أنه مسئول مع زملائه عن خراب الهيئة لأنه سكت عن الحق ولم ينطق بكلمة واحدة أيام النظام السابق. ومع أن استمرار التظاهر والإضراب يضر بمصالح العاملين أنفسهم فإن الواقع فى هيئة النقل العام يؤكد كما يقول جمال حسن - سائق - لا يسر عدواً ولا حبيبا لأن مرتب أى عامل فى الهيئة لا يتعدى ال 500 جنيه بعد 25 سنة خدمة وخصم 5 جنيهات للنقابة العامة و15 جنيهاً للتكافل و20 جنيها للجمعيات الخيرية، ويأمل صلاح بوضع كادر خاص أسوة بالعاملين فى السكة الحديد ومترو الأنفاق والكهرباء ووزارة النقل. فيما يطالب حسن درويش «محصل» بزيادة العلاوة الدورية والتى لا تتجاوز جنيهين لعامل الدرجة الخامسة و3 جنيهات للرابعة و4 جنيهات للثالثة و5 جنيهات للثانية والأولى، مما يعد مهزلة حقيقية، لأنه لو تم تقسيم الجنيهات الخمسة على الشهر فيكون نصيب اليوم 15 قرشاً. وأضاف أن كل موظفى الدولة يحصلون على منح وأرباح وحوافز تصل إلى 5 آلاف جنيه فى السنة، مع صرف مكافآت خاصة فى المناسبات، فى حين يحصل العامل على 20 يوماً للعامل فى عيد الفطر و15 يوماً فى عيد الأضحى بمبلغ لا يتعدى ال 100 جنيه فقط. هذا فى الوقت الذى يحصل فيه الإداريون - كما يقول سيد إسماعيل - سائق - على نسبة 30% بدل طبيعة عمل، بينما يحصل السائق والمحصل على 10% فقط رغم تعرضه للأمراض والأوبئة واختلاطه بالطيور، والأرانب خلال أوقات العمل الرسمية. ويطالب سيد إسماعيل بصرف بدل عدوى وتطهير الأتوبيسات بالمبيدات وغسلها بالماء والصابون كإجراءات وقائية وبث برامج إرشادية لتوعية المواطنين، ودعوتهم إلى حُسن التعامل مع عمال الهيئة بدلا من المعاملة السيئة التى تنتهى غالباً بإهانة السائق والمحصل أو الذهاب لقسم الشرطة لتحرير محضر بالواقعة. فيما يناشد حسنين عبدالستار - سائق - المسئولين بحماية المحصل والسائق أثناء تأدية عملهما، والوقوف بجوارهما ضد المسجلين وبلطجية الشوارع والنشالين، الذين يتحرشون دائماً بعمال الهيئة إذا تم تحذير أحد الركاب. ويطالب بتفعيل دور مباحث النقل وعدم الإفراج عن المتهمين بالنشل أو السرقة من سراى المركز أو النيابة واتخاذ إجراءات صارمة ضدهم، للحد من عمليات النشل والسرقة بالإكراه. ويضيف بأنه لابد من احترام السائق والمحصل وعدم دخولهما الحجز فى حالة تحرير محضر إثبات حالة، ويتذكر صلاح أنه تعرض أثناء قيادة الأتوبيس لموقف خطير، حيث حاول أحد الشباب الركوب من الباب الخلفى عند إحدى الإشارات، وفى نفس اللحظة أمسك به صديقه محاولاً الركوب معه، إلا أن الاثنين وقعا على الأرض فى مشهد مأساوى، كاد يودى بحياتها لولا يقظة سائق السيارة الخلفية وتحكمه فى عجلة القيادة. بعد نهاية المشهد قام الشابان - كما يقول حسنين - وحاولا الفتك بى، إلا أننى توجهت لقسم الشرطة الذى أنقذنى فى آخر لحظة، عندما توجه الشابان إلى مستشفى الساحل وقاما بعمل تقرير طبى وحررا محضرا بالواقعة، وتم حجزى فى القسم مع النشالين والبلطجية وتجار المخدرات. مستشفى الهيئة وطالب صلاح يوسف - محصل - بضرورة تطوير مستشفى هيئة النقل العام وتجهيز غرفة للعناية المركزة والحالات الطارئة، والاستعانة بأساتذة من جامعتى عين شمس والقاهرة، مع الموافقة على الإجازات المرضية التى يمنحها الأطباء للمرضى وعدم ربط الحوافز بالإنتاج حتى لا يضار مرضى العمليات الجراحية أو الإجازات المرضية، مع صرف الأدوية اللازمة وعدم تحديد أدوية معينة لا تناسب حالة المريض الصحية، وإجراء التحاليل الطبية فى المعامل الكبيرة المعتمدة بدلاً من معامل المناطق الشعبية. وعن الشق المالى يأمل صلاح يوسف زيادة حافز الإثابة إلى 200% حتى يتمكن من إطعام أولاده ودفع مصاريف المدارس. وأشار محمود زاهر - سائق - إلى ارتفاع نسبة الأعطال فى فصل الصيف لارتفاع درجة الحرارة وعدم وجود قطع غيار مما يشكل عائقاً أمام حركة السائقين والمحصلين، والفنيين فى الجراجات وحدوث عجز فى خطوط أتوبيسات هيئة النقل العام، كما هو حادث حالياً فى خط «66» الدويقة - عبدالمنعم رياض، وخط رقم «1» من عبدالمنعم رياض - كلية البنات. كما يطالب زاهر بزى موحد للسائقين حتى يتميز عمال الهيئة عن باقى الركاب، حماية لهم من المسجلين خطر والبلطجية. ومن جهة أخرى فقد أكد مختار الديب - سائق - أن المشكلة الرئيسية التى تواجه عمال هيئة النقل العام تكمن فى التأمينات الاجتماعية لأن رئاسة الهيئة لا تقوم بتسديد التأمينات إلا قبل الخروج على المعاش بثلاثة أشهر فقط، رغم خصمها من المرتب شهرياً. وأشار إلى أنه ذهب إلى مكتب التأمينات للكشف عن اسمه، وكانت المفاجأة أن تأميناته لم تسدد منذ 20 عاماً، وعندما سأل رئيس المكتب أكد له أن رئاسة هيئة النقل العام لا تسدد التأمينات إلا عند الخروج على المعاش. المال العام بينما أشار سائق - رفض ذكر اسمه - إلى انتشار البطالة بين السائقين لكثرة الأعطال، وقلة الأتوبيسات ولجوء مسئولى الأعطال فى الجراجات إلى تسجيل سيارات عطلانة فى الجراج على أنها تعمل فى الشارع، على غير الحقيقة مما يعد إهداراً للمال العام، بالإضافة إلى تحرير مخالفات غيابية على السيارة، بمعنى أن السيارة تكون عطلانة فى الشارع أو الميدان ويتم تحرير مخالفة للسائق لأنه لم يقم بإبلاغ النجدة، والحقيقة أن السائق يقوم بإبلاغ الأعطال والنجدة، ولا تتم الاستجابة لعدم وجود أوناش رفع أو قطع غيار أو ميكانيكيا. ولذلك يطالب الكثير من السائقين بعدم الاعتراف بأية مخالفة إلا إذا وقع عليها السائق. وعلى النقيض اعترف محمد يوسف - محصل - بالامتيازات التى يحصل عليها عمال الهيئة وأهمها الاستجابة السريعة برفع مخالفات المرور والاكتفاء بمخالفة السير عكس الاتجاه، وكسر الإشارة، وصرف 120 جنيهاً كبدل وجبة لمن يعمل 20 يوماً على الخطوط خلال الشهر، بالإضافة إلى امتيازات كارنيه الركوب مما يعد توفيراً حقيقياً لجميع أفراد الأسرة فى الرحلات القصيرة والسفر الطويل. ميراث الحكومة وفى تصريحات خاصة أكدت المهندسة منى مصطفى رئيس هيئة النقل العام أنها مهمومة بمطالب العمال، معترفة بأن دخولهم لا تسر عدواً ولا حبيباً، ولكن المشكلة أن الظروف التى تمر بها البلد تدعو للأسى خاصة مع نزيف الخسائر الذى طال جميع القطاعات وعلى رأسها السياحة والنقل والمواصلات، بالإضافة إلى كثرة المطالب الفئوية، مضيفة أنه من الصعب تحقيق هذه المطالب مرة واحدة لأنها ميراث ثقيل نتيجة سياسات الحكومات السابقة. وفى نبرة لا تخلو من حزن على أحوال البلد أكدت أنها فى الاجتماع الأخير مع د.أحمد البرعى وزير القوى العاملة، ومحافظ القاهرة د. عبد القوى خليفة، طلبت - وبكل قوة - اتخاذ إجراءات فاعلة لتعديل اللائحة المالية للعمال والبحث عن تدابير عاجلة لصرف حافز الإثابة والذى من المتوقع أن يصل إلى نسبة معقولة ترتضيها جميع الأطراف. إلا أنه - كما تقول مهندسة منى - بعد توقيع البيان مع على فتوح رئيس النقابة المستقلة ظهر تيار آخر مناوئ، ليرفض كل الحلول والاقتراحات مؤكدة أن البلد لا تتحمل مثل هذه المهاترات والبحث عن أمجاد شخصية على جثة هذا الوطن العظيم.