جاء اغتيال الرئيس الأفغانى السابق برهان الدين ربانى رئيس المجلس الأعلى للسلام المكلف بالتفاوض مع طالبان ليؤكد رفض الأخيرة الدخول فى مصالحة مع الحكومة الأفغانية والولاياتالمتحدة ويبدد الأمل فى احلال الأمن والاستقرار بأفغانستان خاصة أن المشهد على أرض الواقع- على غير ما تقوله أمريكا- يظهر استعادة طالبان لقوتها بشكل يجعلها صاحبة اليد العليا فى تحديد مصير البلاد. فبصرف النظر عن قدرة ربانى على تحقيق السلام، فإن اغتياله بعد أقل من شهرين من مقتل شقيق الرئيس الأفغانى أحمد والى كرزاى، إضافة إلى تصاعد حدة هجمات طالبان ضد القوات الدولية فى الفترة الأخيرة وشنها سلسلة من الهجمات فى قلب العاصمة الخاضع لإجراءات أمنية مشددة- يسلط الضوء على تدهور الأوضاع الأمنية فى أفغانستان وضعف القوات الأفغانية والدولية فى مواجهة طالبان. وقد اغتيل ربانى بمنزله الواقع فى الحى الدبلوماسى الخاضع لحماية أمنية مشددة وسط العاصمة فى تفجير استهدفه خلال لقاء مع رجلين ادعيا أنهما يحملان رسالة مهمة من طالبان وأخفى أحدهما متفجرات فى عمامته قبل أن يفجرها لدى عناقه لربانى ما أسفر عن مقتل الرجل وربانى وأربعة آخرين.وبالرغم من أن طالبان لم تعلق على اغتيال ربانى، إلا أن مسئولين من الشرطة والاستخبارات الأفغانية حملوها المسئولية. وربانى (71 عاما)- الذى يعد أحد أبرز قيادات المجاهدين سابقا ضد القوات السوفيتية فى ثمانينيات القرن الماضى وتولى رئاسة البلاد لكن بدون سلطة فعلية أثناء الحرب الأهلية الدامية بين قادة الحرب المجاهدين من عام 1992 وحتى 1996- عينه كرزاى قبل أقل من سنة على رأس المجلس الأعلى للسلام المكلف بمحاولة فتح مفاوضات للسلام مع المجموعات المسلحة لاسيما حركة طالبان وهو ما يظهر عدم جدية أمريكا والحكومة الأفغانية للتفاوض من أجل السلام إذ إن ربانى تعتبره طالبان من ألد أعدائها وهى عداوة تعود جذورها إلى عام 1996 عندما خرج ربانى من كابل على يد طالبان بعد استيلائها على الحكم ليذهب إلى شمال البلاد ويصبح زعيما للتحالف الشمالى المعارض لطالبان. وسرعان ما عاد إلى كابل بعد الغزو الأمريكى للبلاد وتحالف مع الولاياتالمتحدة فى حربها ضد طالبان. وظل ربانى الرئيس الرسمى لأفغانستان والمعترف به من قبل الأممالمتحدة ودول عديدة حتى سلم السلطة رسميا إلى الحكومة الانتقالية برئاسة حامد كرزاى فى ديسمبر 2001. ومن جانبهما، أكد وزير الدفاع الأمريكى ليون بانيتا ورئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة الأميرال مايكل مولن أن اغتيال ربانى يأتى ضمن حملة اغتيالات تطال شخصيات رفيعة المستوى، معتبرين أنه تكتيك جديد يعتمده مقاتلو طالبان بسبب إخفاقاتهم على الأرض وتكبيد قوات التحالف الدولى إياهم خسائر كبيرة. وشددا على ضرورة التعامل مع هذه الاغتيالات بجدية قائلين: لقد حققنا تقدما ضد طالبان، ولا نستطيع أن ندع هذه الأحداث المتفرقة تحول دون تقدمنا. وبحسب مراقبين فإن حديث بانيتا ومولن عن إحراز تقدم ضد طالبان مثير للضحك فليس هناك أى دلائل على هذا التقدم بل إن تقريرا نشرته نيويورك تايمز مؤخرا أظهر مدى سيطرة طالبان على الجزء الجنوبى من أفغانستان حيث يلقى التقرير بالضوء على امتناع الشباب فى الولايات الجنوبية- بالرغم من معاناتهم من البطالة- عن الانضمام للجيش خوفا على أنفسهم وعائلاتهم من انتقام مقاتلى طالبان. وفى هذا الصدد، يقول د. محمود خان، العضو بالبرلمان الأفغانى، إن «الأفغان لا يعتقدون فقط أن طالبان أقوى من الحكومة، ولكن أيضا أن استخباراتها أقوى لدرجة أنها تستطيع العلم على الفور بأمر انضمام ابنك أو أخيك للجيش». ومن جهته، يرى عبد الله غانى، مدير مركز التجنيد للجيش بقندهار، أن الأفغان يتملكهم الخوف من التجنيد نتيجة للاغتيالات والتفجيرات التى تحدث يوميا.