أجسادهم هاجرت إلى إيطاليا وقلوبهم بقيت فى مصر.. هذا هو أول انطباع يصل إليك عندما تشاهدهم وتتحدث اليهم وتستمع لكلماتهم فهم مجموعة من الشعراء المصريين المهاجرين منذ سنوات طويلة ولكن مازالوا يعيشون هموم الوطن ويتفاعلون مع ثورته المجيدة. كان اللقاء الاول مع الشاعر مجدى سرحان وهو مهاجر مصري، يعمل بالتليفزيون الإيطالى نهارا، وفى المطعم الخاص به مساء. عاش بين أسرة فنية من الدرجة الأولى، فيها الشاعر الغنائى الكبير عبد السلام أمين، والملحن حلمى أمين، وآل الموجي. فضل أن يقول الشعر عاميا، فهو يرى أنه وريث طبيعى لشعراء العامية فى أسرته، وأن العامية تخترق وجدان الناس بلا استئذان ودون أن ترتدى الملابس الرسمية. فى عام 2009 شارك مجدى سرحان فى مهرجان البحر المتوسط الدولى للشعراء فى روما وحصل على شهادة تقدير عن قصيدة فاكر وللا ناسى وقصيدة قصة عجوز والتى ترجمتها الى اللغة الايطالية د/ فرانشيسكا كوروا رئيس قسم الدراسات الشرقية بجامعة نابولى وتغنى بها على المسارح الايطالية الفنان الايطالى الشهير ريكو كونتى يقول مجدى سرحان محييا ثورة التحرير وميدانها، فى ديوانه الثالث الذى سوف يصدر قريبا بعنوان «الديك المخلوع: بحبك يامصر والله لوفى اخر الدنيا يامصر ح تجمعينا شوفت جرحك سال نزيفه قمت صارخ من جوة قلبى قلت جايلك ياأميره قلت مالك إيه جرا لك لا سلامتك ياام خوفوا ياام خفرع ياام مينا داانت دايما حضنة كله تحت ضلك يستضلوا ومده ليهم ايد أمينه من ناحيته يفجر محمد يوسف، وهو شاعر، وإعلامي، يعمل مراسلا لقناة النيل الإخبارية المصرية، قضية تهميش شعراء المهجر، ويقول إن: المشكلات التى تواجه شعراء المهجر فى إيطاليا هى التهميش سواء من الجانب الايطالى او الجانب المصرى اللهم الا بعض المبادرات الفردية التى تبناها بعض العلماء والدارسين امثال الدكتور حسين محمود الذى سلط الضوء على نماذج هؤلاء الشعراء المتواجدين فى إيطاليا فى دراسة قدمها العام الماضى فى جامعة اوكسفورد , والتى أثارت إعجاب الكثيرين ولفتت النظر إلى شعراء المهجر المصريين فى إيطاليا ويطالب محمد يوسف بضرورة تخصيص دور نشر تتبنى نشر قصائد الشعراء أو طبع دوواينهم او إقامة منتديات يلتقى فيها هؤلاء الشعراء لتبادل أفكارهم وليتعرف كل منهم على فن الآخر ويضيف محمد: أتساءل أين دور وزارات التعليم والثقافة فى ذلك الأمر ولماذا لا يتم استغلال وجود هؤلاء الشعراء لنشر الثقافة العربية أو ترويج الفكر العربى باعتبارهم ممثلين للثقافة العربية، ينتقد محمد يوسف الأفكار التى كانت تروج لفكرة أبوة الرئيس للشعب بقصيدة مطلعها «بابا كل الكنافة» يقول فيها: بابا أكل الكنافة بالرقة واللطافة وحللا بالجوافة ما فات لنا إلا النحافة خد كل شىء ماخللا عربد شرب إتسلا والفقر بقى لنا علة بتزينة السخافة بابا كل الكنافة هشام فياض ابن طنطا شاعر آخر التقينا به فى روما التى يعيش فيها منذ أن انهى دراسته الجامعية حكى لنا حكايته مع القراءة و الشعر فقال أثناء المرحلة الثانوية كانت هناك مسابقات على مستوى المدارس فى انشطة كثيرة ومنها الشعر فبدأت فى هذه المرحلة الكتابة بالفصحى والدخول فى هذه المسابقات واحراز المراكز الاولى فى اغلب الاحيان واستمريت فى الكتابة بالفصحى الى ان انتهيت من المرحلة الجامعية وبعد ذلك هاجرت الى ايطاليا وتوقفت عن الكتابة لمدة 7 سنوات إلى أن جاءت الانتفاضة الفلسطينية الأولى لتفجر بداخلى مشاعر واحاسيس جعلتنى أعود إلى الشعر مرة أخرى واستمريت لمدة 16 عاما اكتب قصائد بالعامية دون ان انشرها الى ان صدر اول ديوان لى بعنوان ذكر مسلم ترانزيت عام 2009 وفى يونيو الماضى صدر الديوان الثانى روما ميدان التحرير وهذا الديوان يحوى بداخله عددا كبيرا من القصائد عن الثورة المصرية العظيمة والأرض التى انطلقت منها وهو ميدان التحرير، وأتوقف هنا عند قصيدة فى الديوان الأول باسم الحفيد وفيها يقوم جد بتحذير حفيده من الوضع السياسى السىء القائم فى البلد وبعد الثورة وفى الديوان الثانى أصدرت قصيدة بنفس الاسم الحفيد أيضا ولكن هذه المرة يقوم الجد بتوصية حفيده على مصر ويرجوه أن يحافظ عليها وأقول فيها: بصيت فى وش حفيدى ساعة العصارى وكان نايم قولت سبحان الله يا واد بحبك قوى وربنا عالم فاكر قصيدتى زمان لما قولت انى خايف عليك من الجاى والقادم خايف عليك من بلد صعاليكها بقوا ملوك والعالم فيها خادم هؤلاء كانوا بعض النماذج لمصريين اجسادهم عاشت فى ايطاليا وقلوبهم بقيت فى مصر وما يزال هناك الكثير من الشعراء الذين عرفنا بوجودهم ولم نلتقيهم، ولكننا تأكدنا من خلال ما قرأناه من أشعارهم أنهم يذوبون فى عشق هذا البلد مصر، القريبة والبعيدة، ويتمنون اللقاء مهما طال السفر.